تعتزم العديد من دول الاتحاد الأوروبي، بينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، معاقبة المذنبين في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل نشر خطابات الكراهية، والأخبار الكاذبة، والمحتويات غير القانونية.
وفي هذا الإطار، أصدرت ألمانيا قانونا دخل حيز التنفيذ مطلع العام الجاري، ينص على إلزام إزالة منشورات الكراهية والأخبار الكاذبة والمحتويات غير القانونية بالسرعة القصوى.
وبموجب هذا القانون، سيتم تغريم مواقع التواصل الاجتماعي في حال رفضها إزالة محتوى يحرض على الكراهية بشكل واضح، بغرامات مالية تصل حتى الـ 50 مليون يورو.
كما يتيح القانون لهذه المواقع مهلة قدرها 24 ساعة لمسح المحتويات التي يتم الإبلاغ عنها بأنها غير قانوينة.
ومع دخول القانون حيز التنفيذ، أزالت إدراة تويتر تغريدة للنائب الألماني عن "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف "بياتريكس ستورش"، وعلقت حسابه لمدة 12 ساعة.
كما مسحت تغريدة أخرى لنائب ثان من الحزب نفسه وهو ينس ماير، لاستخدامه وصف "نصف زنجي" في إحدى منشوراته.
من جانب آخر، أوضحت صحيفة بيلد الألمانية، أن إدراة تويتر مسحت تغريدة لوزير العدل الألماني هايكو ماس، كان نشرها قبل 7 أعوام، وقال فيها "لدى زيارتي رئيس الجماعة الإسلامية في ساربروكن أدركت مرة أخرى مدى غباء سارازين".
وكان رئيس البنك المركزي السابق ثيلو سارازين قد أثار جدلا كبيرا بكتابه الذي أصدره حول اللاجئين.
وقبيل بدء تطبيق القانون، أعلنت إدراة فيسبوك في شهر أغسطس/ آب الماضي تعليقها 10 آلاف حساب بذريعة نشرها أخبارا كاذبة.
كما كان رئيس حزب الخضر الألماني جيم أوزديمير، قد تقدم بشكوى على السياسي من أصول تركية بكر صباهي، لإهانته له في مواقع التواصل الاجتماعي، ما تسبب بسجنه لمدة 30 يوما.
**ماكرون يعد بمكافحة هذا النوع من الجرائم
تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حملته الدعائية في أبريل/ نيسان الماضي بطلب رسائل التشفير الخاصة بمكافحة الإرهاب من شركات التواصل الاجتماعي في حال فوزه بانتخابات الرئاسة.
وأضاف بأنه سيجري في هذا الإطار لقاءات مع إدارات كل من غوغل وفيسبوك وآبل وتويتر.
وفي تصريح أدلى به مؤخرا، أكد ماكرون على عزمهم مكافحة الأخبار الكاذبة، وأنهم سيصدرون قانونا حتى نهاية العام الجاري للوقوف في وجه الأخبار الكاذبة والبروباغندا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومضى قائلا أنهم بصدد إعداد قانون خلال فترة قصيرة لتقديمه إلى البرلمان، وأن الخطوط العريضة لمسودة القانون ستتضح خلال الأيام القادمة.
وأكد ماكرون على أن بلاده ستطبق عددا من العقوبات في حال نشر الأخبار الأكاذبة، مثل نقل الملف إلى القضاء، وإزالة الخبر المعني، وتعليق عضوية المستخدم، وحظر الوصول إلى الموقع المعني.
** بريطانيا أيضا مصممة
تعتزم الحكومة البريطانية برئاسة تيريزا ماي، إلزام مواقع التواصل الاجتماعي على اتخاذ تدابير بحق مرتكبي الجرائم على الإنترنت، وفي مقدمتهم من هم على صلة بالإرهاب.
وتستعد الحكومة على فرض عقوبات على مواقع التواصل الاجتماعي في حال رفضها إزالة الرسائل الداعمة للإرهاب.
وكانت بريطانيا نقلت في العام الماضي ملف مكافحة المحتويات المتعلقة بالإرهاب إلى اجتماعات مجموعة السبع، والأمم المتحدة، ما أدى إلى تشكيل منتدى دولي لمكافحة الإرهاب على الإنترنت.
ومن جانب آخر، يستعد القضاء البريطاني لتشديد العقوبات بحق مرتكبي جرائم الكراهية عبر الإنترنت.
وفي بريطانيا، يتعرض كل من يخل بالمادة 127 من قانون الإعلام الخاص بالمنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، بالسجن لمدة تصل الـ 6 أشهر، ودفع غرامة مالية تصل إلى 5 آلاف جنيه استرليني.
ووفقا لإحصاءات وزارة العدل البريطانية، بلغ عدد المنتهكين للمادة 127 في عام 2016، شخصين يوميا، إذ تعرض أغلبهم لغرامات مالية، في حين وصل معدل السجن لهؤلاء إلى شهرين وأسبوعين.
ويعد المستخدمون من أصحاب محتويات الكراهية مثل تشجيع الإرهاب، والعنصرية، والإسلاموفوبيا، ومعاداة اليهودية، الأكثر عرضة للمحاكمة في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة.
** دول أوروبية أخرى تفرض عقوبات على جرائم التواصل الاجتماعي
في النمسا يجري فرض عقوبات بدرجة أكبر على محتويات الدعاية النازية، حيث صدر فيها عام 1947 قانون يُعرف باسم معاداة النازية، ينص على تجريم الإيديولوجية النازية، وفرض غرامات مالية أو عقوبات بالسجن على أصحاب المحتويات المؤيدة لها.
أما في إسبانيا، فقد فرضت عقوبات بالسجن إضافة لغرامات مالية على عدد من المستخدمين في منصات التواصل الاجتماعي، لأن منشوراتهم تتضمن عبارات استهزاء واستصغار، وإهانات لفظية بحق الملك أو بعض السياسيين.
في حين فُرضت في هولندا بحق بعض مستخدمي عبارات شتائم على الإنترنت، عقوبات مثل أشغال عامة، وغرامات مالية، والسجن.
كما فرضت السويد عقوبة السجن على أحد مواطنيها لاستخدامه في منشوراته ألفاظا مهينة بحق بعض السياسيين، لكنها تراجعت فيما بعد واستبدلتها بغرامة مالية.
بينما فرضت الدنمارك عقوبة السجن والخدمة في المرافق العامة على أحد مواطنيها عام 2011 لشتمه رئيس أحزاب المعارضة عبر فيسبوك، لكن تم فيما بعد تأجيل تنفيذ العقوبة.