هن طالبات آسية رضي الله عنها التي طلبت الراحة الحقيقية والإطمئنان في الجنة وأرت الجميع كيف تقاوم إمرأة وحدها النظم الطاغية و النظم الإقتصادية الفاسدة قائلة " رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " (تحريم،11) وتم عرضها في النهاية كنموذج للنساء كلها.
لذا؛ مهما جاءت إليهن النظم الفاسدة التي يعيشن تحت سيطرتها بعروض التوافق والقروض في البنوك ومهما وعدت بالرفاه والترف و مستويات العيش الرفيعة وجودة الحياة لا يخترن إلا العيش داخل حدود الحلال التي وضعها ربهن. لا يدخل إلى بيوتهن الربا و لا لقمة الحرام ولا حق العباد ولا الكسب غير المشروع. هن نموذج لرفع علم كفاح الحلال في آخر الزمان الذي قد أصاب فيه ذرور الربا كل الناس.
هن طالبات خديجة رضي الله عنها:
هن طالبات خديجة رضي الله عنها التي قد نالت بشارة النبي صل الله عليه سلم كما جاء في الحديث:أتاني جِبريلُ فقال : يا رسولَ اللهِ ! هذهِ خَديجةُ قد أَتَتْكَ معها إناءٌ فيهِ إدامٌ أو طعامٌ أو شَرابٌ ، فإذا هيَ قد أَتَتْكَ ، فاقرَأ علَيها السَّلامَ مِن ربِّها و مِنِّي ، و بشِّرْها ببَيتٍ في الجنَّةِ مِن قصَبٍ ، لا صَخبَ فيها و لا نَصبَ (مسلم 2432).
هل فكرتم لماذا بشرت خديجة رضي الله عنها بالجنة؟ لماذا لا صخب فيها ولا نصب؟ لماذا أخبر الله عز وجل عن خصائص البيت الذي جهزه لأجلها؟
لأن خديجة رضي الله عنها قد رفضت كل عروض النظام الجاهلي الذي كانت تعيش تحت سيطرته من الراحة والترف والرفاه وجعلت بيتها معسكرا لكفاح زوجها محمد صل الله عليه وسلم. وصرفت كل ما تملك من الثروة والراحة في سبيل هذا الكفاح.
لو كانت قبلت طرز حياة الجاهلية لعاشت في بيوت فاخرة على أثث ثمينة غارقة في النعم المتنوعة. لكنها اختارت زوجها النبي صل الله عليه وسلم و كفاحه ضد الشرك والحرمات.
عندما جاء الوحي قد تسلى نبينا صل الله عليه و سلم بكلامها في بيتها. قد تم تضميد الجروح الأولى للنبي صل الله عليه وسلم و كادره فيها. قد تم عقد أول الإجتماعات لكفاح التوحيد والحلال فيها أيضا. عاشت في بيت لا يخلو من الضيوف والإجتماعات والخ..قد وصلت التهديدات والإفتراءات والأكاذيب والضغوطات إلى بيتها أولا. لأجل هذا بشرها الله ببيت لا صخب فيه ولا نصب..
السيدات اللواتي يكن طالبات خديجة رضي الله عنها جاهزات لدفع الثمن في سبيل كفاح الحلال والتخلي عن راحتهن وجودة حياتهن. هن سيدات يخترن أن يعشن ـ إذا لزم طوال العمرـ في بيوت مستأجرة بدلا من الوقوع في الربا. لسن طالبات البيوت التي قد إشترتها سلائفهن أو أخوات زوجهن أو حمواتهن أو أقرباؤهن أو صديقاتهن بالربا. بل هن طالبات بيوت الجنة التي قد بشرت بها خديجة و آسيا رضي الله عنهما.
هن طالبات السيدة ماشطة رضي الله عنها:
هن طالبات السيدة ماشطة رضي الله عنها التي بشرت بالجنة مع أسرتها والتي قد أقدمت على الموت بدلا من المشاركة في وبال النظم الظالمة كما جاء في الحديث: لما أُسرى بالنبى ( شمَّ ريحًا طيبة، فقال: "يا جبريل ما هذه الريح الطيبة؟" قال: "هذه ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها" (ابن ماجة، الفتن،23ـ4030). هم في الجنة كأسرة. لأنهم قاوموا النظام الفاسد الذي عاشوا تحت سيطرته و رفضوا عروضه كلها كأسرة.
وأشم الله عز وجل نبيه صل الله عليه وسلم ريحهم وبشر حصول الذين يقاومون في سبيل قيمهم التي يدينون بها و يعانون لأجلها على الأمن والسعادة في نهاية المطاف.
كل هذا لا يؤشر على ضرورة المعانة للذين يكافحون للحلال. لا تنسوا! الله عز وجل قادر أن يفتح أبواب الحلال والنعم للذين يتركون الحرمات لوجهه. ولا تنسوا! لكل ذنب توبة. لأن ربنا رحمان. فقد لنره منا عزمنا في اختياراتنا.