نفضت المرافق السياحية في تونس عن نفسها، غبار التراجع الذي تراكم خلال السنوات الماضية، بفعل أسباب أمنية في المقام الأول.
فنادق ومنتجعات في عديد المدن التونسية، خاصة السياحية منها، استعادت نسب إشغالات تجاوزت 90 بالمائة خلال الشهور القليلة الماضية، مع بدء الموسم السياحي.
وتدفقت الرحلات السياحية من الأسواق التقليدية (الجزائر، ألمانيا، إسبانيا، فرنسا، وبريطانيا)، إلى تونس خلال موسم الصيف الحالي، مع عودة الهدوء واستتباب الأمن في المرافق السياحية.
** عودة تدريجية
مسح أجرته الأناضول، استنادا على بيانات لوزارة السياحة والديوان الوطني للسياحة التونسية، يبين صعوداً بنسبة 57.8 بالمائة في السياحة الوافدة إلى تونس خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري.
وقالت سلوى اللومي، وزيرة السياحة في البلاد في تصريحات صحفية، الثلاثاء، إن 4.6 مليون سائح زاروا تونس في الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري.
كان عدد السياح قد بلغ في الشهور الثمانية الأولى من العام الماضي، نحو 2.915 مليون سائح، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية، نقلاً عن الديوان الوطني للسياحة التونسية.
ورغم الأرقام الإيجابية، لأعداد السياحة الوافدة إلى البلاد، إلا أنها ما تزال أقل من تلك المسجلة قبل ثورة 14 يناير/ كانون ثاني 2011، بنسبة تبلغ 30 بالمائة.
الحكومة التونسية أقرت خلال العام الجاري، خطة لاستقطاب 10 ملايين سائح حتى 2020 مقارنة بنحو 5.7 مليون سائح في 2016، في محاولة لدفع عجلة النمو، وتعزيز إيرادات البلاد من النقد الأجنبي.
وأواخر يوليو/ تموز الماضي، رفعت بريطانيا حظر سفر مواطنيها لتونس، بعد مقتل 38 سائحا أجنبيا من بينهم 30 بريطانيا، في هجوم مسلح على أحد الفنادق بمدينة سوسة (شرق)، في يونيو/حزيران 2015؛ سبقه مقتل 22 سائحا في هجوم استهدف متحف باردو بالعاصمة في مارس/ آذار 2015 .
** شواطيء تنبض بالسياح
الصعود اللافت للسياحة الوافدة خلال الموسم الحالي، يمكن ملاحظتها على شواطيء منطقة جربة جرجيس، الواقعة في ولاية مدنين (جنوب شرق)، أهم المقاصد السياحية في البلاد.
تتميز المنطقة بطول سواحلها الرملية والمناظر الخلابة، التي تدمج جمال الطبيعة وخاصة واحات النخيل، وبين خصوصيات أثرية وثقافية.
نهاية أغسطس/ آب الماضي، شهد مطار جربة جرجيس الدولي، وصول 33 رحلة جوية قادمة من عدة دول من العالم، من بينها فرنسا (20 رحلة) وروسيا والجزائر والمجر وبراغ، بحسب تصريحات صحفية لـ "آمال حشاني"، لمندوبة الجهوية للسياحة بولاية مدنين.
يقول حمدة عبد اللّاوي، وهو مسؤول في وكالات سفر جنوب شرق البلاد، إن "القطاع السياحي في تونس، وخاصة في المنطقة السياحية جربة جريس، بدأ يتعافى بشكل كبير بالمقارنة مع الموسم الماضي".
"عبد اللّاوي" يضيف للأناضول: "تُفيد الإحصائيات الرسمية بعودة السياحة الداخلية للمنطقة وارتفاعها بنسبة 54 بالمائة مقارنة بالعام المنقضي، وعودة كبيرة للسوق الفرنسية بنسبة زيادة 100 بالمائة، ونحو 60 بالمائة بالنسبة للسوق الألمانية".
"لكن على الرغم من تحسن المؤشرات بالمقارنة بالموسم الماضي، إلا أن الأرقام لم تبلغ تلك المسجلة في 2010 (آخر سنة قبل اندلاع الثورة)، إذ بلغ وقتها عدد السياح الفرنسيين مثلاً 1.5 مليون سائح.. لكن في 2014 لم يتجاوز العدد 35 ألف".
** سياحة الجيران
جزيرة جربة، نجحت في استقطاب السياحة الوافدة من الجارة الجزائر، إذ توافد الآلاف إلى المنطقة بر وجوا، وبحسب المسؤول التونسي.
وقال: "إن تدشين خط جوي جديد بين الجزائر وجزيرة جربة، ساهم في زيادة عدد السياح الجزائريين ليصل إلى 3000 جزائري خلال الموسم الحالي".
داخل إحدى المنشآت السياحية بجزيرة جربة، تقضي خديجة الجزائرية (في الأربعينات من عمرها) عطلة الصيف برفقة زوحها وابنها إسلام.
خديجة قالت للأناضول: "كل عام أزور تونس التي أحبها، إنها بلد جميل خاصة في فصل الصيف.. جئت وكثير من الجزائريين في رحلة واحدة للاستمتاع بالبحر".
ويقدر عدد السياح الذين قدموا إلى جربة جرجيس، منذ بداية العام الحالي، حتى 20 أغسطس/آب الماضي، 477 ألف سائح.
الجزيرة، تعد وجهة عالمية لبقية الجيران العرب، الذين يمثلون أغلبية الوافدين إليها، وهذا بسبب تنوع المنتوج السياحي في الجزيرة، بحسب هشام برك الله، مدير إحدى النزل بجربة.
** تحسين الجودة
الوزيرة "اللومي"، أشارت في تصريحاتها، الثلاثاء، إلى "أن السياحة التونسية تعافت من أحداث 2015 الإرهابية، وعادت لنسقها الطبيعي (..) ولا بد من تنويع المنتوج السياحي التونسي وتحسينه بإضفاء جودة أكبر عليه.
وشهدت اللومي، أول أمس، توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمنح علامة الجودة للمرافق السياحية في البلاد.
وتُمنح علامة جودة في القطاع السياحي التونسي، للفنادق ووكالات السفر وديار الضيافة والمطاعم والمواقع السياحية، بإشراف خبراء من فرنسا و النمسا.
وسيطبق برنامج علامة الجودة في القطاع السياحي، كمرحلة أولى على المنشآت السياحية في جزيرة جربة (جنوب)، ومدن الحمامات وبنزرت وتونس (شمال)، ومنطقة الساحل (شرق) لتحسين الخدمات المقدمة للسياح هناك.