اعتبر محللون سياسيون فلسطينيون، أن العملية الانتحارية التي نفذها شخص يتبع لتنظيم "تكفيري"، فجر أمس الخميس، مستهدفًا مجموعة من حراس أمن حدود قطاع غزة مع الأراضي المصرية، تثبت جدية جهود الحركة، في تطبيق تفاهماتها الأخيرة مع مصر.
وتوقع المحللون، في أحاديث منفصلة للأناضول، أن تتجه علاقة حركة "حماس"، التي تسيطر على القطاع منذ 2007، مع التنظيمات المتشددة، التي يعتقد أن الانتحاري ينتسب إليها، نحو التصادم المباشر، مستبعدين في ذات الوقت أن تصل إلى مرحلة "الفوضى الأمنية؛ وذلك لقوة أجهزة الحركة".
وقُتل شخصان، فجر الخميس، في تفجير انتحاري، نفذه شخص يتبع لتنظيم "تكفيري"، استهدف مجموعة من حراس أمن الحدود، التابعين لحركة "حماس"، شرق معبر رفح، جنوبي قطاع غزة.
وأسفر الحادث عن مقتل منفذ الهجوم، بشكل فوري، فيما توفي شاب آخر من حراس الشريط الحدودي، متأثرا بجراحه.
وذكرت مصادر أمنية خاصة، للأناضول، أن شخصين يعتقد أنهما يتبعان لتنظيم تكفيري متشدد، كانا يحاولان التسلل من غزة، باتجاه منطقة سيناء المصرية، وعند محاولة ايقافهما قام أحدهما بتفجير نفسه، فيما تم اعتقال الشخص الثاني.
ويعد هذا الحادث "الأسوأ" الذي يقع بين حركة "حماس"، والتنظيمات المتشددة، منذ اشتباكات مسجد "ابن تيمية" في مدينة رفح (جنوب)، التي وقعت عام 2009، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، بعد أن أعلن زعيم جماعة "أنصار الله"، إقامة إمارة إسلامية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، إن "تصدى عناصر الأمن للهجوم الانتحاري، على حدود غزة مع مصر، يبرهن جدية حماس العالية في تطبيق تفاهماتها مع القاهرة وقدرتها على حماية حدودها".
وأضاف عطا الله: "حاول هذان الشخصان الوصول لمصر واصطدما بقوات حرس الحدود الفلسطينية التي وضعتها حماس بعد التفاهمات مع المسؤولين المصريين، وهذا التفجير يوضح مدى التفتيش الدقيق لكل من يقترب من الحدود وعدم السماح لأي كان باجتيازها أو اقتحامها".
وتوقع أن ما حدث سيعزز المصداقية والعلاقات بين "حماس" ومصر، وخاصة بعد أن كانت الأخيرة لا تثق بالحركة.
وحول طبيعة العلاقات بين التنظيمات المتشددة و"حماس"، قال عطا الله: "تتجه العلاقات للصدام، وتشهد تحولا كبيرا في العلاقة بين الطرفين، حاولت حماس أن تقود أو تدير الحوار معهم عبر وسطاء، لكن بعد عملية اليوم انتقلت إلى مرحلة الصدام المختلف عن ذي قبل".
ورأى أن "حماس" ستتصرف بحزم وشدة خلال الفترة القادمة، تجاه عناصر هذه التنظيمات، نظرا لخطورة عملية التفجير الأخيرة.
واستدرك:" لكننا لن نشهد فوضى أمنية في غزة؛ فحماس لديها أجهزتها الأمنية القوية جدا، والتي تتابع كل شيء".
وكانت حركة "حماس"، قد أعلنت أن وفدها الذي توجه إلى القاهرة في الثاني من يوليو/ تموز الماضي، قد توصل إلى تفاهمات مع مصر، قالت إنها ستخفف من "أعباء قطاع غزة".
وبموجب هذه التفاهمات، شرعت "حماس" في إقامة منطقة عازلة على طول الحدود، وإغلاق كافة الأنفاق الممتدة أسفل المنطقة الحدودية.
وفي المقابل سمحت مصر لأول مرة، بإدخال بضائع تجارية عبر معبر فح.
كما أعلن قادة في "حماس"، أن مصر ستفتح معبر رفح، أمام الأفراد والبضائع، بعد الانتهاء من أعمال البناء والتطوير الجارية فيه.
ويتفق المحلل والكاتب السياسي حسام الدجني مع سابقه، بأن تصدى قوات حرس الحدود الفلسطينيين للهجوم الانتحاري، "هو ترجمة بالدم لتفاهمات مصر، وقدرة حماس على حماية حدودها، وأن لديها عزيمة قوية في ضبط الحدود".
وقال الدجني: "حماس أحبطت عملية كانت ستنفذ في مصر بسبب يقظة قوى الأمن الفلسطيني، وإصرارها على الالتزام بالتفاهمات مع مصر".
وأضاف:" سيتم تعزيز العلاقات الثنائية بين الجهات الأمنية في غزة ومصر، وستشعر الأخيرة بالرضا نتيجة تلك الجهود الأمنية الكبيرة".
ورأى أن "أمام حماس عدة خيارات للتعامل مع التنظيمات المتشددة في القطاع، منها الحسم العسكري، والقانوني والفكري".
واعتبر الكاتب السياسي أن عملية التفجير "عشوائية وليست منظمة أو مخطط لها، ولا تستهدف قوى الأمن أو الشارع الفلسطيني".
من جانبه، قال المختص بالشأن السياسي الفلسطيني، حمزة أبو شنب، إن "الجماعات المتشددة تسعى من خلال احتكاكها بقوى الأمن، إلى التأثير السلبي على العلاقات بين حماس ومصر".
وأضاف أبو شنب: "تحاول هذه الجماعات تعطيل حركة معبر رفح المرتبط بالأوضاع الأمنية في سيناء، وكانت تسعى لتفجير في سيناء، حتى يتم الإعلان عن إغلاق المعبر المفتوح استثنائيا خلال يومي الأربعاء والخميس".
ورأى أبو شنب أن العداء موجود بين التنظيمات المتشددة وحركة "حماس"، منذ زمن، وأن العلاقة التي تربط الطرفين قائمة على التوتر.
وتابع:" الهجوم كان إرباكًا من المنفذ، وليس هجومًا مقصودًا، كان يستهدف به منطقة سيناء".
وتتواجد جماعات صغيرة ممن يحملون الفكر المتشدد في قطاع غزة، ويعتقد أنها تؤيد تنظيم "داعش".
ولا يعرف بالضبط مدى قوة هذه الجماعات، وعدد أفرادها، حيث أنها تعمل بسرية شديدة نتيجة ملاحقتها من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحركة "حماس".
ويعتقد المراقبون بوجود علاقات وثيقة بين الجماعات المتشددة في غزة، ومنطقة شمال سيناء المصرية.
وبدأت العلاقات تسوء بين حركة "حماس" والتنظيمات المتشددة في أعقاب حادث مسجد ابن تيمية، في رفح، الذي وقع في أغسطس/آب 2009، عقب إعلان زعيم جماعة "أنصار الله"، قيام إمارة إسلامية، داخل المسجد، وهو ما أعقبه اشتباكات مسلحة أسفرت عن مقتل وجرح العشرات.
وكثيرا ما تهاجم الجماعات المتشددة بغزة، حركة "حماس"، خلال بياناتها الإعلامية، وتتهمها بالكفر، والردة عن الدين الإسلامي.