الغضب الفلسطيني من قرار "ترامب".. إلى أين؟

الغضب الفلسطيني من قرار "ترامب".. إلى أين؟
11.12.2017 10:07

eposta yazdır zoom+ zoom-
استبعد محللون سياسيون فلسطينيون استمرار حالة الغضب الفلسطيني على المستوييْن الشعبي والسياسي، على نفس الوتيرة التي بدأت بها، الأربعاء الماضي؛ احتجاجًا على الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
 
غير انهم أكدوا في الوقت نفسه أن جذوة الغضب الفلسطيني لن تنطفيء وستتواصل خصوصا في أيام الجمعة.
 
وأعرب المحللون، في أحاديث منفصلة مع الأناضول، عن تشاؤمهم إزاء ردة فعل المتوقعة خلال الفترة المقبلة، تجاه القرار الأمريكي بحق مدينة القدس، متفقين على أنها ستشهد تراجعًا ملحوظًا. 
 
 
وأجمع المحللون على إصابة الشارع الفلسطيني بحالة من الإحباط بفعل غياب القرارات الفلسطينية الحازمة؛ ردًا على القرار، وبفعل ما وصفوه بـ"التخاذلّ العربي". 
 
 
 
وقال المحللون، إن التحرّك الفلسطيني الشعبي دائمًا يرتهن بالموقف السياسي، الذي يعتبر قوة دفع للجماهير. 
 
 
 
وشهدت الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية (بما فيها القدس) وقطاع غزة، تظاهرات واحتجاجات واسعة، رفضًا لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، اعتراف بلاده رسميًا بالقدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لإسرائيل. 
 
 
 
وتطوّرت التظاهرات إلى مواجهات بين الفلسطينيين، وقوات من الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، أسفرت عن استشهاد 4 مواطنين (من غزة)، وإصابة نحو 1200 آخرين. 
 
 
 
لكن، أمس الأحد، شهدت الأراضي الفلسطينية تراجعًا ملحوظًا في حجم حالة الغضب الشعبية ضد القرار، التي انعكست في تراجع الاحتجاجات أو المواجهات مع الجيش الإسرائيلي. 
 
 
 
مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، استبعد استمرار المواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي بنفس حالة الزخم التي بدأت بها، منذ نحو 3 أيام. 
 
 
 
وأرجع أبو سعدة ذلك، خلال حديثه مع الأناضول، إلى حالة الإحباط التي أصابت الشعب الفلسطيني؛ جرّاء الانقسام وبفعل ما وصفه بـ"الموقف العربي المتخاذل تجاه قضية القدس". 
 
 
 
وتوقّع أن تقتصر حالة الاحتجاجات الفلسطينية على أيام الجمعة فقط، مرجّحًا خروج الفلسطينيين في تظاهرات، وحدوث مواجهات مع الجيش الإسرائيلي على نقاط التماس سواء بالضفة الغربية وقطاع غزة. 
 
 
 
وقال: "لا أعتقد أننا سنبقى في نفس الزخم يوميًا خاصة بغزة، لعدم وجود نقاط تلامس تؤدي إلى احتكاك مباشر مع الجيش الإسرائيلي". 
 
 
 
ووصف أبو سعدة الموقف العربي تجاه قضية القدس بـ"المتخاذل"، حيث اكتفت الدول العربية بإصدار بيانات "شجب واستنكار"، في ظل غياب الموقف العربي تجاه القرار الأمريكي. 
 
 
 
وأضاف: "على الأقل لم تعد قضية القدس هي القضية المركزية للعرب، وهذا ما أصاب الشارع الفلسطيني بالإحباط". 
 
 
 
وعلى المستوى الرسمي الفلسطيني، قال أبو سعدة إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يحسم أمره بعد، ولم يعلن موقفه من الولايات المتحدة الأمريكية. 
 
 
 
وتابع: "حتّى في خطابه، الذي تلا الإعلان الأمريكي، قال إن أمريكا هي من قررت أن لا تكون وسيطًا للسلام، لكن الواضح هو لم يحسم أمره من كون أمريكا وسيطًا أم لا". 
 
 
 
كما أن الرئاسة الفلسطينية، لم تعلن موقفها بعد من مقابلة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، الذي سيزور الأراضي الفلسطينية في 19 ديسمبر/كانون أول الجاري، بغرض لقائه، وفق أبو سعدة. 
 
 
 
واعتبر أبو سعدة القرار الأمريكي إعلانًا لـ"موت عملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية". 
 
 
 
واستبعد وجود أفق مستقبلي لعملية السلام؛ نظرًا لانعدام ثقة الفلسطينيين بالوساطة الأمريكية، إلى جانب الرفض الإسرائيلي لأي وساطة في تلك العملية غير الولايات المتحدة الأمريكية. 
 
 
 
واتفق معه مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي من قطاع غزة، قائلًا: "رغم مرور ثلاثة أيام على حالة الغضب الفلسطينية الشعبية، يوجد غياب واضح لمواقف القيادة الفلسطينية ضد القرار، سواء على المستوى السياسي أو المقاومة أو المستوى الشعبي". 
 
 
 
وأشار إلى أنه على الرغم من حالة الغضب التي أبداها قيادات الفصائل الفلسطينية في خطاباتهم المنفصلة التي أعلنوها عقب إصدار أمريكا قرارها بشأن القدس، لم يتفقوا على شكل "مقاومة القرار". 
 
 
 
ولفت إلى أن كل الخطابات الفصائلية كانت متقاربة من حيث حجم الغضب، لكن الفصائل لم تتفق على خطاب وطني يوضح كيفية مواجهة القرار، أو شكل المقاومة لمواجهته. 
 
 
 
كما أصاب غياب رد القيادة الفلسطينية الرسمي على القرار الأمريكي الشارع الفلسطيني بحالة "إحباط"، وفق إبراهيم. 
 
 
 
وقال: "الجميع ينتظر ما هو موقف الرئيس الفلسطيني، وما هي قراراته ردًّا على القرار الأمريكي بشأن القدس". 
 
 
 
وعبّر عن خشيته من أن تكون التحرّكات الشعبية الأخيرة حالة "تنفيس عن الغضب، سرعان ما تنطفئ". 
 
 
 
وأوضح أن الشعب الفلسطيني فقد "الثقة بالفصائل والقيادة الفلسطينية لغياب المواقف والقرارات الجادة". 
 
 
 
من جانبه، قال عبد الستار قاسم، الكاتب والمحلل السياسي من الضفة الغربية، إن الجماهير الفلسطينية "لا تستطيع أن تستمر يوميًا بمظاهرات واحتجاجات". 
 
 
 
وعزا ذلك إلى غياب الموقف الرسمي الفلسطيني أو العربي، الذي اعتبره "تغذية وقوة دفع وتحريض للشارع الفلسطيني". 
 
 
 
ومضى بالقول: "الإدانة والاستنكار لا قيمة لهما، بل من شأنهما أن يطمئنا العدو بأننا لن نصنع شيئًا، فلا يوجد ضرر من الاستنكار دون فعل". 
 
 
 
وعلى النقيض تمامًا، توقع قاسم أن تتطوّر حالة الحراك الفلسطيني الشعبي في حال صدر موقف رسمي من القيادة الفلسطينية كـ"قطع العلاقات مع إسرائيل، أو إلغاء اتفاقية أوسلو". 
 
 
 
ورجح أن ذلك قد يحدث حال اتخاذ الدول العربية مواقف حادة وواضحة مثل "طرد السفراء الإسرائيليين من بلادها". 
 
 
 
وتابع: "هذا من شأنه أن يشجع الناس ويشعرهم بأن الحكومات معهم قلبًا وقالبًا، إلا أنه هذا الأمر غير موجود حتى الآن، وبالتالي إذا بقيت الوتيرة بهذا الشكل، فالمظاهرات ستخف تدريجياً". 
 
 
 
وعلى المستوى السياسي، أشار قاسم إلى أنه حتى الآن لا يوجد تحرك سياسي فلسطيني. 
 
 
 
ووصف كلمة الرئيس الفلسطيني، التي ألقاها؛ ردًا على القرار الأمريكي بـ"الهزيلة التي لا تتناسب مع حجم وخطورة الموقف". 
 
 
 
واعتبر أن "الخطاب الفلسطيني لم يكن موجهًا للشارع الفلسطيني، وإنما للشارع الإسرائيلي والأمريكي". 
 
 
 
واتفق معهم، الباحث والكاتب الفلسطيني ساري عرابي، على أن التحرك الجماهيري منوط بالمواقف الرسمية. 
 
 
 
وقال للأناضول: "عادة يصعب التكهن بالتحركات الشعبية، ولا شك أن الجماهير الفلسطينية تبحث عن طريق منذ فترة طويلة تخرج به عن المسارات السياسية التي كانت موجودة طوال العقدين الماضيين". 
 
 
 
لكن الآن، حسب عرابي، الأمر منوط بالسلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطينية "فتح" بالضفة الغربية، كون الضفة هي ساحة الاشتباك الأساسي مع الجيش الإسرائيلي بفعل الاحتكاك المباشر معهم. 
 
 
 
وتابع متسائلًا: "هل هناك إرادة حقيقية من حركة فتح والسلطة في فتح المجال أمام الجماهير وتطوير أدوات الجماهير، ورفع يدها عن فصائل المقاومة، وعن الحركة الوطنية الفلسطينية، كي تتمكن من تطوير الحراك الجماهيري، أم أنها ستقيد الفعل الجماهيري". 
 
 
 
وفيما يتعلق بالجانب السياسي، اعتبر عرابي أن "مواقف السلطة مترددة وخجولة، وليس أدل على ذلك من كلام وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي". 
 
 
 
ورجح أن "السلطة لن تخرج من العملية السياسية، وأنها ستبحث عن راع آخر للعملية السياسية". 
 
 
 
ورأى الباحث عن موقف السلطة "يتناقض مع كل التهديدات التي كانت قبل إعلان ترامب بخصوص القدس". 
 

أخبالا المحلي

برامج الجوال

iPhone iPad Android Windows Phone
Milli Gazete ©  لا يمكن النقل أو النسخ من دون ذكر المصدرو جميع الحقوق محفوظة +90 212 697 1000 :رقم و فاكس