شكّل افتتاح "مستشفى رجب طيب أردوغان"، في 2013، بالصومال، نقطة تحوّل محورية بقطاع الصحة بالبلاد، ومنح جميع الصوماليين، تأشيرة الحصول على خدمات صحية بواحدة من أحدث مستشفيات القرن الإفريقي.
مشروع جاء ليسدّ ثغرة في القطاع الصحي بالبلد الإفريقي، والذي يفتقر منذ أكثر من عقدين من الزمن لأدنى الخدمات الطبية، وسط الحروب والأمراض التي هزت الصومال، وغياب حكومات فعالة منذ الإطاحة بنظام سياد بري قبل 20 عاما.
وبعد أن هدأت الصراعات الداخلية، بدأت مستشفيات خاصة ترى النور، غير أن خدماتها كانت تقتصرعلى الطبقة الميسورة، بينما تموت الطبقة الفقيرة، التي تمثل السواد الأعظم من السكان، جراء عجزها عن توفير ثمن الدواء.
** مستشفى "أردوغان"
مستشفى بمعدات وتجهيزات تحاكي أرقى وأحدث مستشفيات العالم، بنيت على أنقاض مستشفى قديم، لتصبح اليوم، من أكبر وأحدث مستشفيات منطقة القرن الإفريقي.
مستشفى يحمل اسم الرئيس التركي، افتتح عام 2013، ليصنع الفارق على مستوى الخدمات الصحية المحلية، نظرا للخدمات الطبية والأقسام النادرة المتوفرة فيه، مثل وحدة حديثي الولادة، والعلاج الطبيعي والتصوير بالرنين المغناطيسي، ووحدة غسيل الكلى التي لا تتوفر مجانا في جميع المستشفيات الحكومية والخاصة بالبلاد.
علي أكجي، مدير مستشفى أردوغان، قال للأناضول إن المستشفى يواصل تقديم خدمات جليلة للشعب الصومالي، وذلك منذ افتتاحه أواخر 2013.
وأوضح أن جميع أقسام المستشفى تعمل على مدار 24 ساعة، حيث تستقبل أحيانا حالات طارئة، في أوقات مختلفة من الليل، يتعذر على المستشفيات الأخرى استقبالها، تلبية للاحتياجات الطبية للصوماليين.
ووفق أكجي، فإنه "رغم وجود مستشفيات أخرى في البلاد، الا أن المواطنين الصوماليين يفضلون مستشفى أردوغان ليس فقط بسبب تكاليفه البسيطة، وإنما لتوفّر جميع الأقسام والوحدات الطبية بالمستشفى التي تستقبل شهريا نحو 11 ألف مريض، وتستوعب سنويا 132 ألفا، بينها حالات حرجة".
** تأهيل الكوادر المحلية
أكجي لفت أن المستشفى يضم غرفة للعمليات، ووحدة عناية مركزة، ومختبرات أشعة، ووحدة تصوير بالرنين المغناطيسي، ووحدة غسيل كلى، وقسم للعلاج الطبيعي، وقسم للولادة، إلى جانب أقسام أخرى.
وبحسب المدير، فإن المستشفى يجري عمليات جراحية مفتوحة، وعن طريقة الليزر، وقد تمكن من إجراء 620 عملية جراحية شهريا، بينها حالة حرجة، إلى جانب وحدة غسيل الكلى المتسعة لـ25 سريرا التي تستقبل شهريا أكثر من 1020 شخص، يعانون من فشل أو تضاءل في أداء الكلى".
ولا يقتصر دور المستشفى الذي يستقبل مرضى من دول الجوار مثل كينيا وإثيوبيا وجيبوتي، على تقديم خدمات طبية، بل يعمل على تأهيل كوادر طبية صومالية من مختلف التخصصات لتسلم مسؤولية المستشفى مستقبلاً.
ويسعى المستشفى في 2018 إلى العمل على تقديم دورات طبية وإدارية لكبرى مستشفيات العاصمة، من أجل تعزيز جودة خدماتها، وتأهيلها بطريقة ترقى لتلبية احتياجات المواطنيين.
من جهته، قال الدكتور إبراهيم عبدالله جوليد، المتخصص بأمراض الأطفال، إن مستشفى أردوغان، بات "مرجعا لجميع الحالات التي لم تستطع بقية المستشفيات استقبالها، لما يوفره من أقسام طبية متنوعة وكوادر على قدر من الحرفية.
وأضاف جوليد، في تصريح للأناضول، أن مستشفى أردوغان ساهم في إنعاش القطاع الصحي في البلاد، وأغنى المواطنيين عن العلاج المكلف بالخارج.
** "قلب نابض" بالصومال
جوليد اعتبر أن قسم الأطفال يعد من أكبر أقسام المستشفى، حيث يعمل فيه 4 أطباء أتراك وصوماليين، ويتفرع القسم بدوره لعدة أقسام أخرى، بينها قسم حالات الطارئة، وحديثي الولادة وهو القسم الوحيد من نوعه بالبلاد، علاوة على قسم المرضى الداخليين والعيادات الخارجية.
ويراجع نحو 3 آلاف و200 طفل المستشفى شهريا، ما يعني أن الأخيرة تستقبل، يوميا، نحو 120 طفلا، وهو عدد كبير مقارنة بالعام الماضي الذي استقبلت فيه المتسشفى أكثر من 20 ألف طفل صومالي.
وبحسب جوليد، فإن المستشفى يقدم جميع التطعيمات للأطفال، بدءا من شهرهم الأول إلى حين بلوغهم 9 أشهر، وقد استفاد منها أكثر من 10 آلاف طفل وأم بالصومال.
الدكتور مصطفى أنس، وهو طبيب بقسم الطوارئ بالمستشفى، قال للأناضول: "شاهدت في هذا القسم حالات طارئة لم أر مثيلا لها حتى خارج البلاد، خصوصا عقب التفجير الذي استهدف في، 14 أكتوبر (تشرين أول) الماضي، حين استقبلنا نحو 220 حالة، بعضها حرجة".
وأضاف: "تعاملنا مع ذلك الوضع بشكل مهني، وأنقذنا حياة الكثيرين منها، فيما نقل البعض الآخر لمستشفيات تركية".
وأشاد أنس بدور مستشفى أردوغان الذي أضحى بمثابة "القلب النابض" للصومال، وفق تعبيره، نظرا لأهميته في حياة شريحة كبيرة من الصوماليين يوميا.
** نعمة لجميع الفئات
من بين المستفيدين من خدمات مستشفى أردوغان، السفير الصومالي لدى تنزانيا، محمد حسن عبدي، والذي قال للأناضول، إنه يجري فيه عميلة غسيل الكلى.
ولفت أن المستشفى الذي يعتبر الأحدث في العالم بكوادره وتجهيزاته، يشد انتباه كل المرضى، فمعظم خدماته مجانا، وهذا يجعله وجهة للكثير من المواطنيين البسطاء.
وشكر السفير "تركيا حكومة وشعبا على دعمها الخالص للشعب الصومالي، والذي كان معزولا تقريبا من قبل المجتمع الدولي والعربي".
أما حواء أحمد، وهي صومالية وأم لـ8 أولاد، وتراجع وحدة غسيل الكلى مرتين في الأسبوع، فقالت للأناضول: "قدمت من إقليم بعيد، وأتلقى العلاج بمستشفى أردوغان، والحمد لله تحسنت صحتي، وأشكر المستشفى والحكومة التركية التي قدمت لنا العون".
** مستشفى "ياردم إلي" للأمومة والطفولة
يعد مستشفى "ياردم إلي" الذي مولته جمعية "ياردم إلي" التركية، ثاني أرقى المستشفيات بالعاصمة الصومالية بعد مستشفى أردوغان، فهو مجهز بأحدث المستلزمات الطبية، ويمتد على مساحة 27 ألف متر مربع.
جلال تكجان، منسق جمعية "ياردم إلى" في الصومال، قال للأناضول، إن "المستشفى يأتي في إطار الجهود التركية لدعم أشقائنا الصوماليين بالقطاع الصحي".
وأضاف أن المستشفى يهدف لإنقاذ الأطفال الصوماليين الذين قد يموتون بالأمراض المعدية، الناجمة عن الأوبئة والمجاعة، مشيرا أنه "من حق الشعب الصومالي أن يعيش حياة كريمة، ولهذا نسعى لتقليص معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة".
وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، سجلت الصومال، العام الماضي، أعلى معدل وفيات للأطفال دون سن الخامسة في العالم، حيث تصل نسبة الوفيات إلى 133 لكل ألف مولود، أي بواقع طفل من بين كل ثمانية أطفال.
ووفق مدير المستشفى، الدكتور عبد الرزاق حسن حمد، فإن الصومال كانت تفتقر إلى المستشفيات الخاصة للأمومة والطفولة، ما جعل الأطفال عرضة للأمراض المعدية المنتشرة بالبلاد، ما يجعل من المستشفى التركية أملا لأطفال الصومال وأمهاتهم.
ولفت الطبيب أن تركيا ساهمت في الكثير من المشاريع الإنمائية بالبلاد، خصوصا في القطاع الصحي الذي كان متدهورا لسنوات، مشيرا أن المستشفيات التركية ساهمت في تغطية الاحتياجات الطبية للمواطنين، بما فيها العمليات الجراحية.
ويقدم المستشفى خدمات طبية مختلفة للصوماليين، موزعة على أقسام الأمومة والطفولة، بطاقة استيعاب مقدرة بـ 100 سرير، وأقسام الطوارئ والعناية المركزة والمراقبة والعمليات، إلى جانب مختبرات صيدلية، وقسم الأمراض العامة الذي يستقبل يوميا 80 مريضا من مختلف الفئات العمرية.