أطلقت موريتانيا الاثنين الماضي، إصدارا جديدا من العملة الوطنية "الأوقية" مع تغيير قاعدتها (حذف صفر عن اليمين)، لأول مرة منذ إنشاء العملة الوطنية عام 1973.
ونهاية الأسبوع الماضي، تعطلت الصرافات الآلية التابعة للبنوك بسبب تغيير العملة القديمة وإدراج العملة الجديدة.
وخلال الاحتفالات بالذكرى الـ 57 لعيد الاستقلال الوطني في 28 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بشكل مفاجئ، أن "البنك المركزي سيصدر ابتداء من مطلع 2018 مجموعة جديدة من الأوراق والقطع النقدية".
وجاء في توضيح لاحق وزعه البنك المركزي، أن الإصلاح الجديد يتمثل بتغيير قيمة قاعدة "الأوقية" بنزع صفر منها (100 أوقية سابقا تساوي 10 أواقٍ جديدة حاليا).
ونفذ تجار منذ إعلان الرئيس، استبدال النقد المحلي بالنقد الأجنبي، في محاولة لتجنب أية خسائر قد يتعرضون لها مع الطرح الجديد.
ومنذ إعلان الرئيس، بدأ مسؤولو وزارة الاقتصاد والبنك المركزي، حملة تدابير للدفاع عن الإجراء الجديد في وسائل الإعلام الرسمية، وخلال مؤتمرات صحفية.
ونهاية الشهر الماضي، قال الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية محمد ولد كمبو، إن وظائف "الأوقية" ستبقى قائمة مع الحفاظ على قيمتها السابقة دون أن تتأثر بالتغيير الجديد.
وأشار إلى أن تغيير القاعدة لن يكون له أثر على قيمة العملة السابقة، ولا على القدرة الشرائية للمواطن، ولا رفع ولا خفض لقيمة العملة وقيمة المدخرات، أو الممتلكات والوسائل الاستثمارية الأخرى.
** لا أسباب موضوعية
لكن الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية إسماعيل ولد الخلف، قال في لقاء مع الأناضول إنه تفاجأ بقرار تغيير العملة الذي اتخذته السلطات الموريتانية.
وأضاف أن التغيير تم في فترة وجيزة غير صحية (28 نوفمبر ـ 1 يناير)، وزاد: "قبل إعلان القرار لم تكن هنالك أسباب موضوعية قائمة تؤشر إلى اتخاذ القرار".
وتابع قائلا: "التغييرات الجديدة تطرح كثيرا من الأسئلة بالنسبة للمواطن العادي، الذي كان يفترض أن يتم إطلاعه عبر حملة توعية يخصص لها وقت كاف، وهذا لم يحصل".
وتراجع سعر العملة المحلية قبيل تنفيذ القرار أمام اليورو إلى 432 أوقية، مقارنة بـ 400 أوقية قبيل إعلان القرار، فيما بلغ الدولار 376 أوقية بزيادة 16 أوقية قبيل الإعلان.
ويقول محمد ولد الناجي سمسار في السوق السوداء بالعاصمة نواكشوط، إن "العملات الصعبة تشهد ندرة في السوق بسبب الإقبال عليها".
وأضاف أن كبار التجار بدأوا منذ إعلان الرئيس التغييرات الجديدة، شراء عملتي الدولار واليورو وسط تخوفات من انهيار العملة.
"حقيقة إن لدينا خشية كبيرة من حصول مشاكل مع استعمال العملة الجديدة، فمئات صغار الباعة في السوق (يقصد السوق السوداء) غير متعلمين، وبالتالي قد تحصل مشاكل عند تعاملهم في بيع العملات وفهم عملية حذف الصفر".
تلك المخاوف في أغلبها تعود إلى عدم فهم البعض للتغير الجديد، بحسب "سيدي محمد ولد الذاكر"، مدير مركز القيادة والتوجيه الاستراتيجي بالبنك المركزي الموريتاني.
وقال في تصريح للأناضول: "البنك المركزي يخوض حملة كبرى على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال برامج حوارية في وسائل الإعلام".
وأكد أن المعلومات المتعلقة بالعملة الجديدة تم نشرها منذ ديسمبر / كانون الأول الماضي على وسائل الإعلام المختلفة.
ولا يستبعد البنك المركزي في البلاد حصول عمليات تزوير على نطاق واسع، خصوصا فيما يتعلق بالورقة النقدية من قيمة 5000 نظرا لقيمتها المرتفعة.
وتمهد التغيرات النقدية الجديدة، بحسب البنك المركزي، لترقية وسائل الدفع في موريتانيا، والتمهيد لتجذير الدفع غير النقدي في التقاليد والمعاملات المالية الموريتانية.
وسيتم سحب الأوراق المالية المتداولة بأوراق أخرى من "البوليمير" التي تمتاز بأنها أكثر قوة وأمانا واستدامة وابتكارا.
وقالت "لمات منت خيري" (45 عاما)، وتعمل بائعة ملابس في منطقة بريميير بالعاصمة نواكشوط لمراسل الأناضول: "لا أفهم جيدا أن تتحول 100 أوقية إلى 10.. لا أفهم كيف يريدوننا أن نقوم بذلك.. هذه خسارة".