بعد سنوات من عمليات القتل والكر والفر المتبادلة، تحول الصراع بين حركة "الشباب" وتنظيم "داعش" فرع الصومال، إلى حرب معلنة في مناطق سيطرتهما شمال شرقي وجنوبي البلد العربي.
"الشباب" أعلنت في بيان الخميس الماضي الحرب ضد "داعش"، لتتحول تخمينات وتحليلات سياسية حول فرضية الصراع بينهما إلى حقيقة.
وتزيد هذه الحرب من تعقيدات الوضع الأمني في الصومال على الأقل خلال السنوات القليلة المقبلة، بحسب محللين صوماليين.
** نفوذ الحركة والتنظيم
لا يزال تنظيم "داعش" بالصومال في طور التكوين، رغم مرور 3 سنوات على إعلان تواجده هناك من جانب القيادي المنشق عن "الشباب" شيخ عبد القادر مؤمن، الذي بايع زعيم "داعش" "أبو بكر البغدادي".
وقال ياسين محمد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، للأناضول، إن "عوامل جغرافية واجتماعية فرضت على تنظيم داعش فرع الصومال أن يقتصر نفوذه في أقصى جبال غلغالا (شمال شرق)".
ورأى أن "أفكار داعش أكثر راديكالية من حركة الشباب، ولا يمكن تسويقها في مناطق جنوب ووسط الصومال، التي عانت من تبني هذه الأفكار المتطرفة، وهو ما يشكل تحديا أمام توسع مناطق نفوذه".
وبحسب تقارير أممية، فإن عناصر "داعش" في الصومال بدأ يزداد عددهم يوما بعد آخر نتيجة استقطاب مقاتلين جدد، حيث يقدر عدده مقاتليه بالمئات، ويتمركز معظمهم في المناطق الجبلية شمال شرق الصومال.
أما حركة "الشباب" فينحصر نفوذها في إقليم جوبا الوسطى وقرى وبلدات جنوب ووسط الصومال، بعد أن خسرت توازنها العسكري تدريجيا تحت وطأة عمليات القوات الحكومية، بدعم من القوات الإفريقية (أميصوم)، إضافة إلى الغارات الجوية الأمريكية.
ورغم انحسار نفوذها أمام القوات الإفريقية والصومالية، إلا أن "الشباب" لا تزال تشن هجمات دموية في مناطق كثيرة لإثبات وجودها ورفع معنويات مقاتليها، بعد أن خسرت مناطق كثيرة كانت تشكل مصدر تمويل لها.
وتتضارب التقديرات بشأن عدد مقاتلي "الشباب"، حيث يراوح بين 4 آلاف و5 آلاف و500، من أصل 8 أو 9 آلاف مقاتل قبل 3 سنوات.
** صراع على المال
يرى أحمد نور، محلل سياسي صومالي، أن "الصراع بين داعش وحركة الشباب ليس إلا نسخة طبق الأصل من الصراع بين تنظيم داعش الأم وتنظيم القاعدة في ميادين كثيرة، وخاصة في العراق وسوريا، حيث يتمحور حول الهيمنة ومصادر التمويل".
وأضاف أحمد، للأناضول، أن "فرض داعش الإتاوات المالية على التجار الصوماليين يعزز نظرية أن الصراع بين الجانبين لا يرتبط بالأيدولوجية الفكرية، وإنما يتركز على الهيمنة ومصادر التمويل".
وأوضح أن "مناطق نفوذ داعش هي منطقة جبلية، ولذا دفع ببعض مقاتليه، خاصة من انشقوا حديثا عن حركة الشباب، إلى المدن الكبرى، بما فيها العاصمة، بحثا عن مصادر مالية واقتصادية تمكنه من استيعاب مقاتلين جدد".
وشدد على أن "حركة الشباب تعمل في المقابل على الدفاع عن مصادر تمويلها وحمايتها من داعش".
** حرب مباشرة
تتصاعد مخاوف في الصومال من احتدام الحرب بين "الشباب و" داعش"، بما يزيد من معاناة المواطنين في بلد يعاني اضطرابات أمنية منذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
وقال محمد مري، محلل سياسي صومالي، إن "الصراع بين الحركة والتنظيم يصعق المواطنين المتطلعين إلى استقرار بلدهم".
وشدد مري في حديث للأناضول، على أن "هذا الصراع من المتوقع أن يصل إلى أبعد نقطة محتملة، ناهيك عن الحروب الفكرية".
لكنه قلل من تبعاته نظرا إلى "البعد الجغرافي في مناطق نفوذ داعش المتمركز فقط في جبال غلغالا، والشباب الناشطة في جنوب ووسط الصومال".
وذهب إلى أن هذا البعد الجغرافي "يعزز من فرضية استحالة اندلاع حرب مباشرة بين الجانبين في المستقبل القريب، إلا إذا بادر أحدهما بشن هجوم على تخوم ومعاقل خصمه اللدود".
وتابع أن "التصفيات الجسدية التي تستهدف فقط القيادات الوسطى من الجماعتين ستكون عنوانا للصراع، وستكون مقديشو ساحة معركة بين الجانبين من أجل النفوذ، رغم خضوعها لسيطرة الحكومة الفيدرالية".
ويشترك "داعش" و"الشباب" في جبال غلغالا الممتمدة من أقصى شمال إلى أقصى شرق الصومال، إذ يتخذها كل منهما ملاذا آمنا من الغارات الأمريكية، لكونها منطقة جبلية وعرة.
ولا يمكن أن يحدث صراع بين الجانبين في تلك المنطقة في الوقت الراهن، نتيجة وعورتها واستحالة شن هجمات مباغتة، بحسب محللين.