يرى خبراء في الشأن الإيراني أنّ المظاهرات التي بدأت يوم الخميس الفائت في مدينتي مشهد وكاشمر (شمال شرق إيران)، احتجاجا على غلاء المعيشة، وامتدت لاحقًا لتشمل مناطق مختلفة، من بينها العاصمة طهران، أخذت طابعا سياسياً وتحولت إلى حركة ضدّ النظام الحاكم.
وفي تصريح للأناضول، قال حقّي أويغور نائب رئيس مركز الأبحاث الإيرانية، إنّ ما يجري حالياً في إيران من تظاهرات، تختلف عن تلك التي جرت عقب نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009، مشيراً أنّ مظاهرات 2009، تركّزت في العاصمة طهران، بينما تنتشر المظاهرات الحالية في مدن ومناطق عدة.
وأوضح أويغور أنه يمكن القول بأنّ الأوضاع حالياً في إيران ليست خطرة إلى حد كبيرة، لكن الفرق الأهم بين مظاهرات اليوم ومظاهرات 2009، هو أنّ الإدارة الامريكية الحالية تدعم وبقوة ما يجري الأن، بعكس إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وأضاف أيغور قائلاً، إلى جانب تغريدات ترامب الداعمة للتظاهرات في إيران، فإنّ تصريحات داعمة للتظاهرات، تأتي من إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ومع أخذ الظروف الخارجية بعين الاعتبار، فإنّ مهمة الحكومة الإيرانية في الوقت الحالي، تبدو أصعب بكثير من عام 2009".
وأشار أيغور أنّ المظاهرات الحالية في إيران تستهدف النظام القائم في البلاد، وعلى رأسه الرئيس حسن روحاني والمرشد علي خامنئي والثورة الإسلامية بشكل عام، لافتاً الى أنّ المتظاهرين يطلقون هتافات ضدّ الثورة الإسلامية.
ونوّه أيغور أنّ مثل هذه التظاهرات غابت عن الساحات والميادين الإيرانية منذ زمن طويل، وأنّه من المحتمل أن تكون جهات خارجية لها صلة بما يدور حالياً في البلاد.
وفي هذا السياق قال: "الأزمة السورية أيضاً بدأت هكذا، أي بمطالب محقة للشعب، وفي حال تمّت مهاجمة عدد من المخافر في إيران واستهداف الجنود وقتل عدد من المتظاهرين، فإنّ الأمر قد يأخذ حينها بعداً آخراً وقد يخرج عن السيطرة".
ولفت أيغور إلى احتمال أن تحدث المظاهرات الجارية هزّة في البلاد خلال فترة قريبة، قائلاً في هذا الخصوص: "الأوضاع الاقتصادية سيئة جداً، وهناك صراع بين النُخب، والحكومة الإيرانية لن تستطيع إصلاح كل شيء خلال فترة وجيزة، وهي تُدرك ذلك، وفي حال لم تستطع الحكومة إجراء إصلاحات على المدى الطويل، فإنّ موجة المظاهرات هذه قد تطيح بالنظام القائم".
من جانبه قال علي سمين الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمركز الحكماء للابحاث الاستراتيجية، إنّ المظاهرات الحالية في إيران بدأت للإعتراض على سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية والفقر والبطالة، وأنها اتسعت لتتحوّل إلى مظاهرات ضدّ الحكومة الإيرانية.
ونوّه سمين أنّ المظاهرات الحالية تستهدف بشكل مباشر المرشد الإيراني علي خامنئي، الأمر الذي لم يحدث منذ الثورة الإسلامية عام 1979، كما تستهدف رئيس البلاد حسن روحاني وقائد فيلق القدس قاسم سليماني التابع للحرس الثوري الإيراني.
وأكّد سمين أنّ المظاهرات الحالية في البلاد، تجري ضدّ الحكومة القائمة، ويشارك فيها إلى جانب المجموعات المناهضة للحكومة، العرب والأكراد.
وأردف قائلاً: "عندما ترى صور خامنئي تُمزّق في شوارع إيران، ويُعتدى على مقرات الحرس الثوري، يمكنك أن تستنتج بأنّ المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع، واضعين نصب أعينهم كافة الاحتمالات".
وأضاف سمين أنّ المظاهرات في إيران تأتي بالتزامن مع محاولات حكومة طهران توسيع نفوذها في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وأنّ السبيل الوحيد لإنهاء موجة المظاهرات في المدن الإيرانية، هو سحب طهران يدها من هذه الدول، والالتفاف إلى الداخل وإجراء الإصلاحات المطلوبة.
وأوضح سمين أنّ نحو 3.2 مليون شخص في إيران عاطلون عن العمل، وأنّ التضخم في البلاد خلال ديسمبر/ كانون الاول من العام المنصرم، ارتفع بنسبة 9.6 بالمئة، الأمر الذي أزعج الشعب الإيراني بشكل كبير.
بدوره قال مصطفى جانير الباحث في معهد الشرق الأوسط في جامعة سقاريا، إنّ المظاهرات الجارية في إيران ليست قابلة للتطور والاتساع.
وأشار جانير إلى أنّ المجموعات التي تشارك في المظاهرات وخاصة في العاصمة، لا يتجاوز عددها 150 شخصاً، وغالبيتهم في العشرينات من العمر.
وكغيره من الخبراء، لفت جانير إلى أنّ المظاهرات بدأت بدوافع اقتصادية، لكنها بدأت تأخذ طابعا اقتصاديا خلال آخر أسبوع.