دعا رئيس حزب "الاتحاد الوطني الحر" (12 نائباً- ليبرالي)، ورجل الأعمال التونسي، سليم الرياحي، إلى تعزيز الائتلاف الحاكم، عبر تشكيل "ترويكا جديدة" تضم حزبه، معتبراً إياها ضرورية لتحقيق الاستقرار السياسي، ومن ثم بلوغ الانتخابات البرلمانية والرئاسية عام 2019.
وبعد فترة في المعارضة وصفها الرياحي، في مقابلة مع الأناضول، بـ"التجربة الفاشلة"، عاد حزبه إلى "وثيقة قرطاج"، التي وقعت عليها تسعة أحزاب وثلاث منظمات، في يوليو/ تموز 2016، وتشكلت بموجبها حكومة الوحدة الوطنية الحالية، في سبتمر/ أيلول2016.
وتتشكل حكومة الوحدة من حزبي "النهضة" (68 نائباً- إسلامي)، و"نداء تونس" (56 نائباً- علماني) وأحزاب أخرى ذات تمثيل برلماني ضعيف، وليس لحزب "الاتحاد الوطني الحر" وزراء في الحكومة، رغم عودته إلى "وثيقة قرطاج"، التي تشكل مرجعية الحكومة.
** تعزيز الائتلاف
وقال الرياحي إن تعزيز الائتلاف الحاكم، عبر انضمام حزبه، يعد ضرورياً لتحقيق الاستقرار السياسي في تونس، التي شهدت ثورة شعبية أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين ين علي (1987-2011).
ومضى قائلاً: إن "ترويكا جديدة بصدد التشكل بين أحزاب الوطني الحر ونداء تونس والنهضة.. أكيد هناك التقاء ثلاثي، وهو أمر طبيعي".
ولا يطرح الرياحي عدم مشاركة بقية أحزاب الحكومة في "الترويكا" المأمولة، لكنه يعتبر أن الأحزاب الثلاثة (الاتحاد الوطني الحر ونداء تونس والنهضة) هي أساس الحكم، من حيث عدد النواب، والقدرة على تمرير القوانين ودعم الحكومة.
وتابع: "نحن (الحزب الوطني الحر) قوة ثالثة في البرلمان، من حيث عدد المصوتين في انتخابات 2014".
وفي هذه الانتخابات حصدت أحزاب "نداء تونس" و"النهضة" و"الاتحاد الوطني الحر" 170 مقعداً من أصل 217 مقعداً (77.93 بالمائة)، لكن العدد تراجع حالياً إلى 136 مقعداً.
وأوضح الرياحي: "فقدنا بعض النواب، لكن القاعدة (الانتخابية) ما زالت موجودة، ولابد أن ندافع ونخدم مصالح الناس التي صوتت لنا، ونحاول إقناع من لم يصوت لنا أن يكونوا معنا في الانتخابات القادمة".
وأضاف: "في هذه المرحلة نحن (الحزب) نريد أن نكون جزءاً من القرار السياسي في البلاد، الذي بيد الأحزاب".
وعن عدم وجود وزراء لحزبه في الحكومة اعتبر أن هذه "العملية لا يزال الوقت مبكرا عليها، إلا أنه إذا كان هناك تحويرا (تعديلاً) وزارياً في الفترة القادمة فسيكون الاتحاد الوطني الحر بالتأكيد في الحكومة".
والتقى الرياحي، يوم 14 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الجاري، كلاً من زعيم "نداء تونس"، حافظ قايد السبسي نجل الرئيس التونسي، وزعيم "النهضة"، راشد الغنوشي، ما أثار حديثاً إعلامياً عن "ترويكا جديدة مرتقبة".
وشهدت تونس، بعد الثورة، تجربة "ترويكا"، بين ديسمبر/ كانون أول 2011 ويناير/ كانون ثانٍ 2014، حيث حكم حزب "النهضة" وحزبان علمانيان، هما "المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات".
** تجربة فاشلة
وخرج حزب "الاتحاد الوطني الحر" (12 نائباً) من وثيقة قرطاج، في ديسمبر/ كانون أول الماضي، وشكل مع تسعة أحزاب أخرى، في أبريل/ نيسان الماضي، "جبهة الإنقاذ والتقدم" المعارضة، بهدف "تحقيق التوازن المفقود في المشهد السياسي والحد من هيمنة حركة النهضة"، وفق الجبهة آنذاك.
لكن سرعان ما تفككت الجبهة، إثر انسحاب "حركة مشروع تونس"، أواخر يونيو/ حزبران الماضي، بالتزامن مع قرار القطب القضائي المالي (هيئة قضائية لمكافحة الفساد المالي تشكلت سنة 2013) مصادرة أملاك الرياحي.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، منعت الهيئة القضائية الرياحي من السفر إلى الخارج؛ لاتهامه بالضلوع في ملفات فساد، بينها عمليات تبييض لأموال.
ووصف الرياحي تجربة الجبهة المعارضة بـأنها "كانت فاشلة، فالأطراف التي شاركت فيها لم تكن لديها جدية كاملة للعب دور معارضة فعالة".
وزاد بقوله: "وجدنا أنفسنا (في الحزب) أمام خيارين هما البقاء لوحدنا في المعارضة أو تلبية دعوة جاءتنا من حركة النهضة ونداء تونس للعودة إلى وثيقة قرطاج، ودعم حكومة الوحدة الوطنية، فاختارنا العودة".
** دعم الشاهد
وحول تحفظات الأحزاب الرئيسية في الائتلاف الحاكم على ميزانية 2018، قال الرياحي: "توجد عدة إشكاليات، وقد شكلنا لجنة فنية أخذت ملاحظات كل حزب والتقت، منتصف الشهر الجاري، مع وزير المالية (محمد رضا شلغوم) وأعطته ملاحظاتنا، وخاصة في نقاط مثل الترفيع (الزيادة) في نسب الضرائب، وتفاصيل تؤثر مباشرة على المواطن".
ونفى أن يكون التحفظ على الميزانية إشارة سلبية في اتجاه الحكومة أو رسالة لتغيير رئيسها، يوسف الشاهد، قائلاً: "بل نحن ذاهبون في دعمه".
وعلق على حديث سياسيين حول نية الائتلاف الحاكم تغيير الشاهد بقوله إن "هذا كلام أطراف رأسمالها هو الحوارات التلفزيونية والإذاعية، وليس لها شعور بالمسؤولية ولا قواعد تتوجه لها.. لا يوجد هذا الكلام، بل يوجد عكسه بالضبط".
** الاستقرار ثم الاستثمار
ويواجه الرياحي انتقادات بينها أنه سياسي يتحدث عن التنمية، وفي الوقت نفسه رجل أعمال لا يستثمر في تونس.
وأقر الرياحي بأنه لم يستثمر بعد في تونس، وتابع: "عندما عدت إلى تونس لم أعد كرجل أعمال، بل كسياسي، وبعد أن استقر سياسياً سأساهم بأموالي في دفع الاستثمار".
وتابع: "جئت إلى تونس عام 2011، وبدأنا دراسات لمشاريع كبرى، ولكن في هذه الفترة وقعت عرقلتنا من الحكومة الموجودة آنذاك لسبب أو لآخر، وهذه العملية انتهت اليوم".
وزاد بقوله: "خروج قضايا مفبركة ضدي، ولها أبعاد سياسية منذ عام 2012 يجعلني أعمل على إثبات نفسي سياسياً، وأن تكون لي قواعد، وأن يصبح المناخ السياسي نقياً".
وحول اتهامه بتبييض أموال قال الرياحي: "لم توجه إلي تهمة تبييض أو غسل أموال.. تم ختم (انتهاء) التحقيق، وأنتظر أن يحفظ حاكم التحقيق القضية أو يوجّه تهمة".
** تقنين الاقتصاد الموازي
ودافع رئيس حزب "الاتحاد الوطني الحر" عن أفكاره الليبرالية في تقنين وضع الاقتصاد الموازي (غير الرسمي) ومحلات صرف العملة الخاصة "العشوائية".
وقال الرياحي: "لا نزال مقتنعين بهذه الفكرة، والحل الوحيد للاقتصاد التونسي هو التخفيض في الضرائب، وخاصة الرسوم الجمركية، وإيجاد مناطق حرة لممارسة النشاط التجاري".
وجدد دعوته إلى "منح رخص صرافة لتجار العملة، كما هو موجود في كامل العالم، وعندها سنجد كل الأموال تدخل الحركة المالية في البنوك."
وتابع: "في بعض المناطق نجد غرف أموال (يقصد غرفاً في منازل خاصة) وهذا مضر بالاقتصاد، والرقم الذي عندي هو 40 مليار دينار (حوالي 16 مليار دولار أمريكي)، فيما تبلغ العملة الصعبة 30 مليار دولار، وهي موجودة في السوق التونسية خارج البنوك.. تخيّل أن هذه الأموال في البنوك.. هذا مشروع في حد ذاته".