أوضح عالم الدين "مولانا عبد الحميد" الذي يعتبر واحدا من أكثر الأسماء تأثيرا في المجتمع السني بإيران، أن السنة في إيران يعانون مشاكل رئيسية، خاصة التمييز الذي يتعرضون له على المستوى الرسمي، وطالب بالمساواة بين السنة والشيعة في الدوائر الرسمية.
وشرح عبد الحميد إمام مسجد "الجامع المكي الكبير" بمحافظة بلوشستان جنوب شرقي إيران، رئيس جامعة "دار العلوم زاهدان"، في حديث للأناضول المشاكل الرئيسية التي يعانيها السنة في إيران.
وقال، "بحسب المعطيات التي لدينا، فإن السنة يشكلون 20 بالمئة من عدد سكان إيران، يتركزون قرب الحدود في ثلاث مناطق، كما أن هناك أكثر من مليون يعيشون في العاصمة طهران، حتى يمكننا القول بأنه لا يوجد مدينة لا يوجد فيها سنة".
ولفت أن معظم السنة في إيران يعملون بالتجارة والتسويق، وذوو تحصيل علمي، مبينا أن "السنة والشيعة يعيشون سويا، وحتى أن بعضهم شركاء في شركات، فالطبقة العامة غير مختلفة وإنما يعيشون في تعاون فيما بينهم".
وفي رده على سؤال حول الوضع السياسي والاجتماع والاقتصادي لمحافظة بلوشستان (ذات أغلبية سنية)، أكد عبد الحميد أن الوضع جيد في المحافظة، وأن سكان بلوشستان يذهبون إلى الجامعات، وأنهم فعالون في المجالين السياسي والاقتصادي.
وأضاف "إذا أردنا التحدث من الناحية الاقتصادية، فإنهم (سكان بلوشستان) يعانون مشاكل جراء البطالة، إلا أن أكبر ميزة في المحافظة تتمثل بامتلاكها لحدود (مع الدول المجاورة) على طول ألف و370 كيلومترا، منها 370 بحرية".
وحول مشاكل السنة في إيران، أشار عبد الحميد إلى أنهم يعانون مشاكل متعلقة في مجال التوظيف وتولي مناصب رسمية، وبيّن أنهم يناضلون من أجل تقلد مناصب إدارية عليا مثل وزراء، أو نواب وزراء، أو سفراء، أو محافظين.
كما أكد أن أحد مطالب السنة في إيران يتمثل في مراعاة توازن عدد الموظفين السنة والشيعة في الدوائر الرسمية بالمحافظات.
وقال بهذا الصدد، "إن السكان في معظم المناطق ومراكز الولايات ذات الأغلبية السنية، يتعرضون للتمييز بخصوص التوظيف، ونحن كسنة نطالب بإنهاء هذا، لأن جذور كافة المشاكل من الفقر والجهل كامنة في هذا التمييز، فالسنة يعانون هذه المشاكل".
وشدد عبد الحميد على وجود مشكلة أخرى تواجه السنة في المدن الكبرى وخاصة التي يشكل السنة أقلية فيها، تتمثل بعدم وجود حرية دينية، وعدم السماح لهم ببناء مساجد لذلك فهم يضطرون إلى أداء صلواتهم في منازلهم.
وعزا عبد الحميد عدم وجود تجاوب لدى السلطات لمطالبهم، إلى "المناخ الحاكم في إيران الذي لا يساعد على الموافقة على تلك الطلبات"، وقال إن البلد الذي لا يتمتع بمستوى كاف من التقدم، يعاني التعصب والتزمت، فضلا عن وجود أشخاص ذوي ميول راديكالية بين السنة والشيعة".
وأردف "بسبب إدارة إخوة شيعة للسلطة، فإن بعض العناصر (داخل الدولة) يقومون بالضغط على السنة بشكل غير قانوني من خلال الاستناد إلى اجتهادات شاذة، فالميول ومظاهر التعصب يجب أن تبقى بمستوى معتدل مضبوط النفس، فالله والرسول محمد والإسلام رفضوا ذلك".
ولفت عبد الحميد إلى وجود تغييرات طفيفة تجاه السكان البلوش خلال رئاسة حسن روحاني للبلاد في السنوات الأربع الأخيرة، تمثلت في ترؤسهم لمعظم القائم مقامات في المحافظة، واستدرك "ولكن هناك نائب محافظ واحد فقط من السنة، والبلوش يديرون نسبة مئوية صغير جدا من مديريات مدينة زاهدان التي تعتبر مركز الولاية، فرغم أن كافة القرارات المتعلقة بالولاية تصدر من زاهدان إلا أن البلوش لم يتمكنوا حتى الآن من الحصول على حقوقهم الواجب أن تمنح لهم".
وأوضح أنهم لم يتلقوا أي رد على طلبات متعددة تقدموا بها من أجل إعادة النظر في بعض المواد والفقرات في الدستور، وأنهم يحافظون على تفاؤلهم بحصولهم على نتيجة في المستقبل بخصوص تلك الطلبات.
وتطرق عبد الحميد إلى رسالة بعثها إلى المرشد الأعلى (علي خامنئي) عرض خلالها طلبين تمثلا في إلغاء التمييز، وضمان الحقوق الدينية للسنة لمجرد أنهم إيرانيون ويحبون بلدهم، وأكد أن رد المرشد كان إيجابيا أعرب خلاله عن أن كافة أشكال التمييز بين المذاهب الدينية والجماعات العرقية "محظور".
وأضاف "ورغم عدم إجابته على الطلب الثاني إلا أن إلغاء التمييز وعدم المساواة من شأنه أن يحل المشاكل المتعلقة بالحريات الدينية بشكل أوتوماتيكي بحسب اعتقادي".
وأكد أن السنة في إيران متفائلون بالمستقبل، ومؤمنون بأن مشاكلهم ستحل عبر الحوار، وشدد على أنهم يسعون وراء طلباتهم وحقوقهم من خلال التفاوض والحوار، ولا يؤمنون بالعنف والقتال لتحقيق ذلك وسيواصلون ذلك بالسبل السلمية تحت أي ظروف.
وفي رده على سؤال حول الوضع في الشرق الأوسط، ودور تركيا وإيران، قال عبد الحميد "هناك مشاكل خطيرة في الشرق الأوسط، فالنزاعات وانعدام الأمان هي ثمار التمييز والتفرقة وحرمان الناس من حقوقهم".
وأردف" في حال تم الاتفاق في سوريا واليمن والعراق وباقي البلدان التي تحتضن فئات من أديان ومذاهب وأعراق متنوعة، على تشكل حكومات تتخذ خطوات من أجل التفاوض على الحقوق، وتعطي الجميع نسبتهم التي يستحقونها في السلطة، وتحتضن الجميع، فإن النزاعات والخلافات ستنتهي".
وشدد على أن تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية يمكن أن تلعب دورا فاعلا في الشرق الأوسط، وتسهم في حل مشاكل المنطقة، وتنهي النزاعات فيها عبر الوحدة والتضامن.