يتخوف لاجئون وسياسيون فلسطينيون، من تداعيات "إنسانية كارثية"، ستصيب المخيمات الفلسطينية في حال تنفيذ واشنطن لتهديداتها بقطع المساعدات المالية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".
ورأى هؤلاء في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول أن وقف واشنطن دعم (أونروا) "ابتزاز سياسي للسلطة الفلسطينية سيترتب عليه مخاطر كبيرة تتعلق بقدرة الوكالة الدولية على القيام بدورها في مجالات مختلفة".
وقال طلال عوكل الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" المحلية الصادرة من الضفة الغربية، إن تهديدات الإدارة الأمريكية تارة لوكالة أونروا وأخرى للسلطة الفلسطينية يعكس "أسلوبها بالضغط و الابتزاز السياسي لفرض حلول".
وأضاف:" القرار الأميركي ينطوي على أبعاد سياسية تتصل بالموقف من وجود الأونروا كمؤسسة دولية، والموقف من حق عودة اللاجئين".
وأضاف:" واشطن تهدف لتصفية قضية اللاجئين وتفكيك وكالة (أونروا)، من خلال سياستها المتبعة والتهديد بتقليص المساعدات".
وتوقع أن الإدارة الأمريكية لديها مخططات كبيرة ووقف المساعدات سيتبعها قرارات ثانية "كإقدامها على الاعتراف بيهودية الدولة وضم المستوطنات للقدس، وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة "قد أعلنت الحرب على الفلسطينيين وحقوقهم، وأيضاً على كل قرارات الشرعية الدولية التي تتصل بهذه الحقوق، وربما أيضاً ضد من يواصل التمسك بتلك القرارات".
وتابع: "أمريكا بقراراتها تنسف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
تجدر الإشارة أن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل/نيسان 2014؛ إثر رفض تل أبيب وقف الاستيطان والإفراج عن معتقلين قدامى، وتنصلها من حل الدولتين على أساس دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكمل:" أمريكا تسعى لتُعرف نفسها من جديد كونها دولة استعمارية تعادي المجتمع الدولي ".
وأضاف:" واشنطن وضعت نفسها في خانة العدو الأول للفلسطينيين بجانب إسرائيل من خلال قراراتها التي تمس بالقضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن إسرائيل تستغل السياسة الأمريكية لتنفيذ مخططاتها في الأراضي الفلسطينية.
ونوه عوكل، إلى أنه في حال لم تتقدم الدول العربية ودول أخرى لتعويض الأموال التي ستمتنع واشنطن عن دفعها للوكالة، فسوف تعمل وكالة الغوث على تقليص الخدمات التي تقدمها للاجئين، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشونها .
واستدرك بالقول:" تلك القرارات الأمريكية سوف تؤثر على دورها في رعاية اللاجئين، بالتالي تحتاج لحماية دولية لتعزيز قدرتها وإفشال المخطط الامريكي الذي يستهدفها".
وأضاف:" وقف المساعدات له مخاطر كبيرة على قيام الوكالة بدورها في مجالات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين".
من جانبه، قال مصطفى الصواف الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إن التهديدات الأمريكية "وسيلة للابتزاز بعد الرفض التي أبدته السلطة وجميع الفلسطينيين لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".
واعتقد:" الابتزاز الأمريكي ممكن أن يمثل ضغط على المفاوض الفلسطيني للعودة لطاولة المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي".
وقال:" إن الرئيس الأمريكي يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني".
وأضاف:" هناك طلب إسرائيلي لضرورة إنهاء دور (أونروا) لأن بقائها يعني بقاء قضية اللاجئين والادارة الأمريكية تتبنى الموقف الصهيوني بشكل كامل لكنها تعبر بأسلوب آخر".
ورأى الصواف، أن الرئيس الأمريكي "يسعى لإنهاء قضية اللاجئين بإنهاء أونروا التي أسست لتقدم خدماتها للاجئي فلسطين المسجلين لديها في كل من الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان".
ومن جانب آخر، عبر لاجئون فلسطينيون، يقطنون في مخيمات قطاع غزة، عن "غضبهم " جراء تهديدات واشنطن بوقف الدعم الذي تقدمه منظمة للوكالة الأممية.
وقال لاجئون استطلعت وكالة الأناضول آرائهم اليوم، إن التهديد الأمريكي لوكالة الغوث "ظالم".
وعبر الفلسطيني، عايش عبيد عن "غضبه الشديد" لتهديدات الرئيس الأمريكي تجاه الوكالة الدولية.
وقال عبيد (60 عام):" إن الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب تريد تصفية قضيتنا على مسمع ومرأى من العالم ".
وأضاف:" وقف المساعدات سوف يزيد من سوء وضعنا الاقتصادي، فالأغلبية العظمى من اللاجئين يعتمدون على معوناتها".
وتابع:" تنفيذ قرار ترامب يؤثر على (اونروا) وبذلك سوف ينعكس علينا في جميع المجالات، الصحة، التعليم، الوضع النفسي، والمعونات الغذائية".
ولفت عبيد أن قرار ترامب قد يتسبب "بانفجار شعبي كبير في صفوف اللاجئين الفلسطينيين".
وطالب عبيد، الدول العربية بـ"التصدي لقرار ترامب، وعدم تنفيذه لما له من تداعيات سلبية على حياتنا المعيشية".
من جانبه قال الفلسطيني اللاجئ "أحمد صالح" البالغ من العمر 45 عامًا، تهديدات ترامب، "استفزاز كبير للاجئين الفلسطينيين ".
وتمنى صالح، أن لا يتم تنفيذ القرار، مشيرا إلى أن اللاجئين يعيشون أوضاعا معيشية صعبة جراء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة".
وأضاف:" أمريكا وإسرائيل تحاربنا في لقمة عيشنا، أين دور الدول العربية والمؤسسات الحقوقية والأمم المتحدة؟".
وذكر موقع إخباري أمريكي، الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة قررت تجميد 125 مليون دولار من مساهماتها في ميزانية وكالة الغوث.
وطبقا لموقع (أكسيوس)، فإن دبلوماسيين غربيين أوضحوا أنه تم تجميد 125 مليون دولار، حتى انتهاء إدارة الرئيس دونالد ترامب من مراجعة المساعدات التي تقدمها إلى السلطة الفلسطينية.
وفي تصريح لوكالة الأناضول قال "فرحان حق" نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة إنه "ليس بالإمكان تأكيد تلك الأنباء بعد".
وفي 2 يناير/ كانون الثاني، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف تمويل بلاده لفلسطين، مشيرا أن سبب ذلك يرجع إلى "أنهم (الفلسطينيين) لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات السلام".
وقال في تغريده نشرها على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "واشنطن تعطي الفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات سنويا، ولا تنال أي تقدير أو احترام، هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال أمدها مع إسرائيل".
وأضاف أن الولايات المتحدة جنبت مدينة القدس "الجزء الأصعب" من جدول أعمال المفاوضات، مهددا "لكن عندما لا يرغب الفلسطينيون في المشاركة بمفاوضات السلام، فلماذا ندفع مبالغ ضخمة لهم في المستقبل؟".
وفي اليوم نفسه والثلاثاء الماضي، قالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، في تصريحات للصحفيين في نيويورك، إن "الرئيس دونالد ترامب سيوقف الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وذلك حتى يعود الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات"، دون أن تشير إلى موعد تنفيذ القرار.
وفي 6 ديسمبر / كانون الأول الماضي، أعلن ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والبدء بنقل سفارة بلاده إليها، ما أثار غضبا عربيا وإسلاميا، وتحذيرات دولية.
ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، نحو 1.445 مليون نسمة، ويشكلون ما نسبته 24.5% من إجمالي اللاجئين البالغ نحو 5.9 مليون.
كما يشكلون أيضا 65.3% من إجمالي سكان القطاع.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، فإن إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين يبلغ 5.9 مليون لاجئ، مسجلين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وذكر المركز في تقرير أصدره، في 20 يونيو/حزيران 2017، إن 66% (حوالي 957 ألف عربي فلسطيني) من الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية تم تهجيرهم عام 1948، وذلك حسب تقديرات الأمم المتحدة عام 1950.