بعشرة تحركات رسمية بارزة، ورفض ديني لافت، وحراك شعبي رافض، واجهت مصر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس.
ودفع التضامن مع مدينة القدس المحتلة، إلى توحد المصريين على المستويين الرسمي والشعبي، أكثر من أي وقت مضى.
فبينما تشهد البلاد انقساما مجتمعيا وسياسيا كبيرا منذ سنوات، في ظل أزمات سياسية وأمنية واقتصادية يعاني منها المجتمع المصري، برز تضامن واسع مع مدينة القدس المحتلة.
وعلى غرار التحرك الرسمي الرافض لقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، خرجت مسيرات احتجاجية على مدار اليومين الماضيين، إلى جانب تحركات نقابية وحزبية وبرلمانية.
كما تفاعل معارضون لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع الحراك الرسمي والشعبي الرافض للقرار الأمريكي.
وحسب رصد الأناضول كان الموقف الرسمي والشعبي المصري تجاه قرار ترامب كالتالي:
**10 تحركات رسمية بارزة
شملت تحركات السيسي، بشأن الإعلان الأمريكي، 3 اتصالات هاتفية أولها مع نظيره الأمريكي، عشية إعلانه القرار.
والاتصالان الآخران كانا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وملك الأردن عبد الله الثاني.
فيما أعلن السيسي، خلال اجتماع حكومي عُقد يوم الأربعاء الماضي (قبل خطاب ترامب)، رفض بلاده للقرار الأمريكي المنتظر وقتها.
ومن المنتظر أن يعقد الرئيس المصري، يوم الإثنين، قمة ثنائية بالقاهرة مع عباس؛ لبحث "التعامل" مع تطورات الاعتراف الأمريكي.
وقبلها بثلاثة أيام، حث وزير الخارجية سامح شكري، في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الأمريكي، ريكس تيلرسون، على التراجع عن القرار.
ويوم الجمعة الماضي، اعتبر عمرو أبو العطا، مندوب مصر لدى الأمم المتحدة في كلمة خلال جلسة عقدها مجلس الأمن حول القدس، الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل "أحادي ومخالف للشرعية الدولية".
كما أن شكري، بحث ونظيره الأردني أيمن الصفدي، بالقاهرة، السبت الماضي، تداعيات القرار، على هامش الاجتماع الوزاري العربي الطارئ بشأن القدس.
وفي وقت سابق اليوم، غادر القاهرة، في زيارة استمرت 4 أيام، وفد برلماني إلى فرنسا في زيارة للبرلمان الأوروبي، تعقبها زيارة للاتحاد الأوروبي في بروكسل؛ لعرض قضية القدس في ضوء القرار الأمريكي الأخير.
**رفض ديني لافت
تنوعت مواقف "الأزهر الشريف" وشيخه أحمد الطيب، الرافضة للقرار الأمريكي، وشملت 8 إجراءات.
وعشية إعلان القرار الأمريكي، حذّر الطيب، في بيان، من أن الإقدام على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس "سيفتح أبواب جهنم على الغرب قبل الشرق".
ويوم القرار، دعا الطيب، إلى عقد مؤتمر عالمي حول القدس، في يناير/ كانون الثاني المقبل، حول القدس.
والخميس، أعلن "الأزهر" تخصيص خطبة الجمعة، وجميع أنشطة الوعاظ ، للحديث عن القدس وعروبتها.
وفي الوقت ذاته، وجه بتخصيص كلمات حول القدس وتاريخها في طابور الصباح بجميع المعاهد الأزهرية (تعليمية) مدة أسبوع.
وهاجم وكيل الأزهر عباس شومان، في خطبة الجمعة بـ"الجامع الأزهر" (شرقي القاهرة) ترامب وقراره.
ونقلت تقارير محلية عن شومان مطالبته بمقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية.
وفي بيان آخر للطيب تزامن مع احتجاجات شهدتها عواصم عربية عقب صلاة الجمعة، خاطب أهل مدينة القدس التي شهدت مواجهات رافضة للقرار الأمريكي.
وقال: "لتكن انتفاضتكم بقدر إيمانكم بقضيتكم، ونحن معكم ولن نخذلكم".
ويوم الجمعة، أعلن رفضه لقاء نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، وقال معلّقا في بيان آخر إنه "لن يجلس مع من يزيّفون التاريخ".
وعلى غرار شيخ الأزهر، اعتذر بابا أقباط مصر تواضروس الثاني، السبت، عن لقاء بنس.
وفي بيان لرئيس المجلس الأعلى للطرف الصوفية في مصر (ينظم شؤون الطرق الصوفية)، عبد الهادي القصبي، طالب بـ"قطع كل المعاملات وعدم الاعتراف بأي دور لواشنطن بمنطقة الشرق".
**حراك رافض
ونظمت نقابة الصحفيين بمصر، وقفتين احتجاجيتين على درج النقابة، يومي الأربعاء (يوم إعلان القرار الأمريكي) والخميس، شارك فيهما المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، ورموز القوى السياسية والحزبية بالبلاد.
فيما انطلقت في أول جمعة عقب قرار ترامب، مسيرات منددة كان أبرزها خروج أكثر من ألفي مصلٍ من مسجد "الجامع الأزهر"، شرقي القاهرة، وفي الإسكندرية وطنطا (شمال) والمنيا (وسط).
وعلى مدار يومي السبت والأحد شهدت مدارس حكومية وجامعات مصرية، من بينها جامعات عين شمس (شرقي العاصمة القاهرة) والقاهرة، والمنيا (وسط) وسوهاج (جنوب) فعاليات منددة بالقرار.
ووفق تقارير نقلتها وسائل إعلام محلية، رفع تلاميذ في طابور الصباح لافتات كُتبعليها "القدس عربية".
ورغم خروج المئات تحت إجراءات أمنية مشددة، إلا أن مصر كانت تشهد قبل سنوات خمسة حراكا شعبيا أكبر لدعم القضية الفلسطينية، وكان يُسمح به بدرجة أكبر في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك.
** بيانات منددة
وطالبت النقابات المهنية بمصر (يتخطى عددها 30) في بيان يوم الخميس، بطرد سفيري إسرائيل والولايات المتحدة من القاهرة.
ودعت نقابة الصحفيين بمصر، الخميس، في بيان جموع الصحفيين إلى "فضح الممارسات الأمريكية والصهيونية في قضية القدس بمختلف المحافل المحلية والدولية".
وأعلنت النقابة، التي يتجاوز عدد أعضائها 12 ألف عضو، رفضها التطبيع مع إسرائيل، ودعوتها لمقاطعة السلع والبضائع الأمريكية في العالم العربي والإسلامي، ومساندتها للشعب الفلسطيني في مواجهة "القرار الظالم".
ويوم إعلان القرار الأمريكي، دعت جماعة "الإخوان المسلمين"، في بيان لها، إلى انتفاضة واحتجاجات شعبية سلمية عالمية، للتضامن مع القدس والشعب الفلسطيني.
ودعا محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق عدلي منصور، الأربعاء، عبر تويتر إلى اعتماد "بدائل وخيارات (فعالة) لرد فعل عربي" ضد قرار ترامب، وعدم الاقتصار على "الشجب والإدانة".
واقترح إجراء "تخفيض جذري للمليارات العربية التي تتدفق إلى أمريكا، وتقليص جذري للعلاقات (العربية) الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية (مع واشنطن)".
كما طالب 12 حزبا وحركة سياسية بمصر، بينها الدستور الليبرالي ومصر القوية (الإسلامي المعارض)، وحركة "شباب 6 أبريل"، في بيان يوم الأربعاء، حكومة بلادهم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن.
بدوره، دعا المرشح الرئاسي المحتمل للانتخابات الرئاسة المصرية، خالد علي، في بيان إلى "مقاطعة المنتجات الأمريكية، وسحب الاستثمارات (العربية والإسلامية من الولايات المتحدة)، والتحرك في المنظمات الشعبية والدولية".
ويوم الخميس، دعا "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، الداعم لمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا بمصر، في بيان إلى مظاهرات لمدة أسبوع، من أجل القدس.
ومن جانبه قال المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر (حكومي)، في بيان، الخميس، إن المساس بالقدس "ينتهك مبدأ أساسي في القانون الدولي وهو حق الشعوب في تقرير مصيرها".