"فوزي سوزر" المعروف بـ"أبو نظّمي"، مواطن تركي يبلغ من العمر 83 عامًا، عاش معظم سنوات عمره في سوريا، إلى أن اندلعت الحرب وحلّت به شتى نوازلها، حتى يستقر به الأمر تحت الحصار في غوطة دمشق الشرقية منذ أربع سنوات.
وخلال سنوات الحرب التي دخلت عامها السابع، أصيب الرجل المسن بطلق ناري، وتعرض لاحقاً إلى قصف أفضى به لأن ينضم إلى قائمة المعاقين، فضلاً عن معاناته الحالية من ويلات الحصار القاتل.
جاء "أبو نظمي" إلى سوريا عندما كان في السابعة عشر من عمره، وعاد إلى تركيا عندما أكمل عامه الـ 21، ليؤدي خدمة العلم الإلزامية (التجنيد الإجباري)، وبقي في وطنه مدة عامين قبل أن يعود إلى سوريا.
عقب عودته تزوج "سوزر" من سيدة سورية، وأنجب منها 4 أبناء وابنة، وسعى من أجل رزقهم ليعمل في صناعة الأحذية تارة وبائعاً متجولاً تارة أخرى.
يحب "أبو نظمي" وطنه تركيا كثيرًا، ويعبر عن حبه وشوقه لها دائمًا أمام كل من يلتقيهم، لذلك كان يزورها في كل عام ويأخذ معه زوجته، ويلتقي أقاربه هناك، ثم يعود إلى عائلته في سوريا.
كانت آخر زيارة له عام 2013، ولدى عودته إلى مكان سكنه في غوطة دمشق الشرقية، وقع بين براثن الحصار، ولم يتمكن من الخروج منذ ذلك الحين، إلى أن ضاق به ذرعاً من الأوضاع القاسية، شأنه في ذلك شأن بقية المواطنين السوريين.
يطالب الرجل بالخروج من سوريا والعودة إلى بلاده، بعد أن أرهقته الحرب، وأعياه الحصار، خاصةً وأنه أصيب عام 2012 برصاص قناصة، وقبل نحو 15 شهرًا من الآن تعرّض لقصف النظام، فأصيب بجروح بالغة أفقدته القدرة على المشي.
يعاني "أبو نظمي" من ظروف إنسانية صعبة، ويعيش على المساعدات ومعونات أهل الخير، فيما تعتني به زوجته وتتولّى رعايته.
عندما يضيق به البيت تأخذه زوجته في جولة على كرسيه المتحرك، داخل مدينتهم "دوما"، التي حل بها الدمار؛ جراء القصف الذي تتعرّض له منذ أكثر من 5 سنوات.
وفي حديث لمراسل الأناضول، قال "أبو نظمي"، إنه استطاع أن يتزوج ويبني بيت يأويه هو وعائلته، وإنه اعتاد أن يزور تركيا كل عام.
وأفاد أنه ذهب إلى تركيا آخر مرة في العام 2013، لكي يصوّت في الانتخابات العامة، مشيراً أنه صوّت لصالح حزب "العدالة والتنمية"، الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان، ثم عاد ليجد نفسه في قلب الحصار.
وشكا "أبو نظمي" سوء وضعه في ظل الحصار، قائلًا "لا نجد لقمة للأكل، الحصار شديد، كل المتاجر مغلقة، لا يوجد غذاء والأسعار لا تطاق، وهنا لا يوجد شيء أرخص من الإنسان، أرغب بالبكاء أحيانًا، لكني لا أستطيع من شدة الألم الذي أعيشه".
أخرج بطاقة هويته التركية، وأخذ يتحدث عن بلاده. ولشدة ما ألمّ به أبدى "أبو نظمي" ندمه على مجيئه إلى سوريا وعلى عمره الذي قضاه فيها.
وصف "أبو نظمي" تركيا بأنها بلاد جميلة، ذات مناظر خلابة، حيث يمكن السكن في أي بقعة فيها، وذكر أن جميع أقربائه يعيشون هناك، وعندما كان يزورهم كانوا يحتفون به.
وأوضح أن الشعب التركي كريم وصادق، يكرم الإنسان طالما كان الشخص صادقًا معه، فيما أعرب عن أمله في أن يتمكن من العودة في أقرب وقت إلى بلاده التي يقول إنها "جزء من قلبه".
ويعيش نحو 400 ألف مدني في غوطة دمشق الشرقية، ظروفًا إنسانيًة صعبة للغاية، بعد أن ضيّق النظام مؤخرًا، الحصار المفروض عليها عبر إحكام قبضته على طريق تهريب المواد الغذائية إلى الغوطة، ومنع الوسطاء المحليين من إدخال أي مواد غذائية.
وتقع الغوطة الشرقية ضمن إحدى مناطق "خفض التوتر" (خالية من الاشتباكات) التي جرى تحديدها من قبل تركيا وروسيا وإيران، في إطار المباحثات التي جرت بالعاصمة الكازاخية أستانا في مايو/أيار الماضي.
ورغم إعلان روسيا في 22 يوليو/ تموز الماضي سريان مفعول وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، يواصل النظام هجماته عليها دون انقطاع.