بثت قناة "الجزيرة" القطرية ، مساء الأحد، الجزء الأول من تحقيق يحمل اسم "قطر 96"، كشفت فيه "تورط" الدول المقاطعة لها حاليا، في محاولة انقلابية تعرض لها أمير قطر السابق حمد بن خليفة ( والد الأمير الحالي) في 14 فبراير/ شباط 1996.
التحقيق المصور جاء ضمن برنامج "ما خفي أعظم"، وتضمن- بحسب القناة- شهادات ووثائق تعرض لأول مرة تكشف خبايا تلك المحاولة .
ويأتي بث التحقيق المصور في وقت تعصف بمنطقة الخليج أسوأ أزمة في تاريخها، اندلعت 5 يونيو/حزيران الماضي؛ حيث قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها "إجراءات عقابية"، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
ويبدأ التحقيق المصور بحدثين يوثقان تلك الفترة، الأول هو إصدار الحكم على قادة المحاولة الانقلابية "بالإعدام شنقا أورميا بالرصاص ".
وفي مايو / آيار 2010 أصدر ، أمير قطر السابق، عفوا عن عدد منهم ، استجابة لطلب العاهل السعودي الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز.
الحدث الثاني الذي يبدأ به الفيلم ، هو خطاب للشيخ حمد بن خليفة إبان توليه الحكم 27 يونيو/حزيران 1995 خلفا لوالده الذي كان خارج البلاد.
ويقول في خطابه إن تلك الخطوة جاءت بعد أن مرت البلاد "بظروف صعبة (..) أدت بي مضطرا وكلي أسف ان أحزم أمري بعد موافقة ومبايعة وتأييد من العائلة الحاكمة والشعب و أتسلم مقاليد الحكم ".
ويشير التحقيق إنه بعد أشهر قليلة من هذا الإعلان كان أمير البلاد الجديد على موعد مع محاولة منظمة للانقلاب.
ثم يستعرض تحقيق "الجزيرة" جولة للشيخ خليفة بن حمد ( أمير قطر الأسبق) في دول خليجية، مشيرة إلى أنه تم خلالها تشكيل اللجنة القيادية العليا لإدارة تنفيذ الانقلاب.
ويستعرض الفيلم شهادات قادة الانقلاب آنذاك، ومن بينهم فهد المالكي ، أحد أهم قيادات المخابرات القطرية آنذاك - خرج سبتمبر الماضي بعفو أميري-.
ويبين المالكي أن لجنة إدارة تنفيذ الانقلاب كانت تضم محمد بن زايد رئيس الأركان ( ولي عهد أبو ظبي الحالي) ، وحمد بن عيسى آل خليفة ولي عهد البحرين آنذاك ( الملك الحالي)، وقائد الشرطة القطرية آنذاك حمد بن جاسم بن حمد، والاستخبارات السعودية بتكليف من الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز ، وعمر سليمان من المخابرات المصرية .
وبين أن الانقلاب مر بعدة مراحل ، حيث كان بالبداية التخطيط للاستعانة بمرتزقة أجانب، ثم تم الاتفاق على انقلاب عسكري.
ثم يعرض الفيلم ما قال إنها وثيقة مسربة من أرشيف الاستخبارات السعودية تكشف توجيه بتسهيل دخول 107 شخصيات قطرية من المشاركين في الانقلاب بغض النظر عما يحملون.
هذه التسهيلات استغلها قادة الانقلاب آنذاك- بحسب مايروي جابر حمد جلاب المري ، أحد قادة الانقلاب - في التنقل بين غرفة عمليات لقيادة الاتصال والتنسيق تم إنشاؤها في البحرين، ومقر لقيادة الانقلاب وإدارة الخطط العسكرية أنشئت في الخبر شرق السعودية، وذلك عبر جسر الملك فهد الذي يربط البلدين.
وبعد تأسيس غرفتي عمليات الانقلاب، توجه قادة الانقلاب للقاهرة ، والتقوا عمر سليمان - بحسب المري- والذي أبلغهم إن هناك لوائين مصريين بالجيش القطري ، وهؤلا مرتبطين بالجالية المصرية ، وسيلحقون بكم بعد تنفيذ العملية، وتعهد بدعمهم بالأسلحة.
وبعد وصول الأسلحة المصرية، يكشف شاهين السليطي عميد متقاعد في المخابرات القطرية شارك في التحقيقات مع الانقلابيين، إن هناك عسكري سعودي تم اعتقاله بعد محاولة الانقلاب داخل قطر هو من تولى مهمة إدخال شاحنات الأسلحة لقطر.
في هذه الأثناء، وبالتحديد، نهاية 1995 ، انتقل الشيخ خليفة من العاصمة الإيطالية روما – حيث كان يقيم- إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي التي تحولت إلى مقر له مع تسارع وتيرة التحضير للانقلاب.
ثم يوضح فهد المالكي – احد قادة الانقلاب- إنه تم تخصيص فندق في أبو ظبي لسكن الشيخ خليفة ومن يبايعونه، وكان من بينهم العميد بخيت مرزوق العبدالله القائد العسكري للانقلاب في الداخل.
**ساعة الصفر
وبعد اكتمال التحضيرات للانقلاب، تم التوافق على ساعة الصفر (الساعة 5 فجر 16 فبراير/ شباط 1996 -27 رمضان)،ولكن تم تقديم العملية ، ليومين .
ويعرض البرنامج نسخة سرية قال إنها تعرض لأول مرة لأمر العملية المسمى مجموعة أبو علي التي تتضمن خطة الانقلاب.
وكانت الخطة تتضمن اقتحام منزل أمير قطر آنذاك والسيطرة على التليفزيون وشركة "كيوتل" للاتصالات .
وانتظارا لساعة الصفر – الذي تم تقديمها مجددا لساعتين لتكون الثالثة فجرا- تم الدفع بمليشيات قبلية لدعم القوات المتجمعة ، بحسب المري.
ويعرض البرنامج خطاب يتضمن موافقة أمير الرياض سلمان بن عبدالعزيز آنذاك ( الملك الحالي) على طلب لنقل مجموعات قبلية إلى المعسكرات الحدودية مع قطر بصورة سرية لدعم محاولة الشيخ خليفة بن حمد للعودة إلى الحكم .
وووفقا للمخطط له، كان دور السعودية بعد ساعة الصفر- بحسب "الجزيرة- السيطرة على منفذ أبو سمرة الحدودي لفتح الطريق أمام قيادات الانقلاب برفقة ميلشيات قبلية مدعومة بقوات باللواء الثامن السعودي .
وبالتزامن، تدخل قوة بحرينية خاصة محمولة جوا للانزال في منطقة دخان النفطية غرب الدوحة، تصحبها وحدة إذاعة متنقلة .
ويوضح جابر المري ان وحدة الإذاعة كان هدفها بث تسجيل للشيخ خليفة بعد ساعة الصفر يطلب تدخل قوات درع الجزيرة .
أيضا كان من المخطط– بحسب الجزيرة- دخول سرب لطائرات حربية إماراتية، برفقة الشيخ خليفة حال نجح الانقلاب.
** إحباط محاولة الانقلاب
وقبل ساعتين من ساعة الصفر، أعلنت قطر الطوارئ .
حول ماحدث في ذلك اليوم يقول باتريك ثيروس سفير أمريكا بقطر (1995-1998) : جاءني اتصال الرابعة فجرا للقاء الأمير، وأخبرني أنه تم اكتشاف محاولة انقلاب وتم المباشرة باعتقال المتورطين، لأخبر حكومتي بالأمر.
ويكشف فهد المالكي- أحد قادة الانقلاب- إنه تم كشف محاولة الانقلاب من احد الاشخاص برتبة عريف.
عن هذا الشخص يقول ثيروس: ظهر شخص في اللحظات الأخيرة وقرر عدم المضي في الانقلاب ، وذهب إلى الديوان وقال إنه طرف في عملية الانقلاب ولا اود المشاركة .
وبين باتريك أن الخارجية الأمريكية أرسلت بعد 24 ساعة من المحاولة الانقلابية رسالة لدول مجلس التعاون مفادها عدم التدخل في الشئون الداخلية لدول أخرى بالمنطقة.