- حركة "طالبان" تهدد بوقف المفاوضات مع واشنطن
- الحركة اتهمت واشنطن بـ "الضغط" عليها و"عدم الجدية" في التفاوض
- محاولات من جانب باكستان والسعودية والإمارات لإقناع الحركة بالتفاوض
المحلل السياسي والكاتب الصحفي محمد إقبال في حديث للأناضول:
- "طالبان" تدفع ثمن التقرب من إيران، وهو العزلة
- قادة عرب أغروا باكستان بالمساعدات المالية للضغط على "طالبان"
- الحركة المسلحة شعرت بحرارة العزلة والضغط قبل إصدار بيانها الأخير
في مرحلة حرجة من عملية السلام الأفغانية الهشة، تهدد حركة "طالبان" بوقف جميع المحادثات والمفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية، متهمة واشنطن بـ "الضغط" عليها، و"عدم الجدية" في عملية التفاوض.
ويعتقد مسؤولون ومحللون في العاصمة الأفغانية كابل، أن النزاع المتأجج بين الجانبين تطور بسرعة ليتخذ شكل شجار فوضوي، وسط مساع شبه يائسة للتوصل إلى تسوية قائمة على التفاوض.
وفي بيان صدر، الثلاثاء، اتهمت طالبان واشنطن بـ "إضافة مواضيع جديدة بشكل أحادي إلى الأجندة السابقة فيما يتعلق بسحب القوات الأجنبية، ومنع استخدام أفغانستان قاعدة ضد دول أخرى"، وهي أمور تردد أنه تم الاتفاق عليها في اجتماع الدوحة في نوفمبر / تشرين الثاني 2018.
واعتبرت طالبان أن الولايات المتحدة تسعى إلى مواصلة "الأهداف العسكرية الاستعمارية تحت ستار السلام، وممارسة الضغط عليها بشكل غير قانوني".
وطالبان، من حيث المبدأ، تدعي أنها لا تزال الحكومة الشرعية في أفغانستان التي أطيح بها في الغزو الأمريكي على البلاد عام 2001، وبالتالي تتجنب بشدة قبول شرعية النظام الحالي في كابل تحت حكم الرئيس محمد أشرف غني.
** محاولات الإقناع
في الفترة الأخيرة ظهرت محاولات من جانب باكستان والسعودية والإمارات، وهي الدول الوحيدة التي كانت تعترف بنظام طالبان في كابل (1996 ـ 2001)، لإقناع الحركة بالاعتراف بالحكومة الأفغانية ومن ثم التفاوض معها.
وجاء في بيان طالبان أن "سبل حل النزاع واختيار المكان الخاص بالتباحث بشأن ذلك هو حقنا نحن فقط، ولا يمكن حل هذه القضية من خلال الضغط أو المناورات التكتيكية من جانب أي طرف، ولا يمكن لأحد استخدام قضية أفغانستان لتعزيز مصالحه الشخصية".
كما اتهمت الحركة واشنطن بـ "عدم الإخلاص" في الدفع بجهود السلام.
وتزامن هذا التحذير مع زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للسلام زلماي خليل زاد إلى كابل.
ووفقا للسفارة الأمريكية بالعاصمة الأفغانية، فإن هدف الولايات المتحدة هو تعزيز الحوار بين الحكومة الأفغانية وطالبان حول كيفية إنهاء الصراع، وتشجيع الطرفين على الجلوس معا إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية، يتمتع فيها كل مواطن أفغاني بحقوق وواجبات متساوية في ظل سيادة القانون.
والعام الماضي، التقى خليل زاد ممثلي طالبان في الإمارات، لكن عناصر الحركة المسلحة استمروا في تجنب الاجتماع بالمسؤولين الأفغان.
وعلى خطى خليل زاد، قام مستشار الأمن القومي الأفغاني حمد الله محبوب، ووزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي، في الأسابيع الأخيرة، بجولات مكوكية بين عواصم إقليمية، لممارسة الضغط على طالبان.
وفي تصريح سابق للأناضول، وصف سيد إحسان طاهري المتحدث باسم مجلس السلام الأعلى في أفغانستان، الموقف الأخير من المسؤولين الباكستانيين بـ "المشجع".
وقال زاد: "نرحب بإعلان الحكومة الباكستانية بذل الجهود لتشجيع طالبان على الجلوس لإجراء محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية".
** ثمن التقرب من إيران
وفي هذا الصدد، التقت طالبان أيضا في الأسبوعين الماضيين ممثلي عدد من البلدان في مواقع مختلفة، بما في ذلك العاصمة الإيرانية طهران.
وقال المحلل السياسي والكاتب الصحفي محمد إقبال للأناضول، إن "حركة طالبان تدفع الآن ثمن التقرب من إيران، وهو العزلة".
وأضاف: "بالتأكيد لم يعجب العرب ذلك (طلب مساعدة إيران في أفغانستان)، كما أغروا باكستان بالمساعدات المالية لاستخدام نفوذها لإجبار طالبان على التنازل عن الفكرة القديمة المتمثلة في كونهم الممثلين الشرعيين للشعب الأفغاني".
وتابع أن "طالبان شعرت بحرارة العزلة والضغط قبل إصدار بيانها الأخير".
والأسبوع الماضي، أنهت باكستان والإمارات شروط وأحكام حزمة دعم بقيمة 6.2 مليارات دولار لإسلام آباد.
كما تم بسط السجادة الحمراء للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فيما استقبل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان ولي العهد في قاعدة "نور خان" الجوية، واصطحبه إلى منزله بنفسه، أي أنه قاد به السيارة شخصيا.
ومن المقرر أن يزور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باكستان في فبراير / شباط المقبل، لإزاحة الستار عن مصفاة نفط بقيمة 10 مليارات دولار في المياه العميقة بميناء "جوادر" الباكستاني.
هذه الاستثمارات محورية بالنسبة إلى الاقتصاد المتعثر في باكستان، والمتعطش للمال، وفي نفس الوقت، تُعرف باكستان بأنها دولة ذات نفوذ معروف على طالبان.
وفي وقت سابق من يناير / كانون الثاني الجاري، زار عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني كابل، ليطمئن الرئيس غني إلى ضمانات بالتزام بلاده مبدأ أن قيادة عملية السلام تقع في أيدي الحكومة الأفغانية.
وكانت طالبان قد أكدت بالفعل أن ممثليها زاروا طهران لبحث قضايا تتعلق بالسلام والأمن في أفغانستان.
وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان، في بيان صدر في الأول من يناير / كانون الثاني الجاري، إن "الوفد زار طهران لتبادل وجهات نظر طالبان بشأن سيناريوهات ما بعد الاحتلال (الأمريكي)، وإحلال السلام والأمن في أفغانستان والمنطقة مع المسؤولين الإيرانيين".
ودخل الصراع الأفغاني (بين الحكومة وطالبان) عامه الثامن عشر، حاملا معه الآلاف من الأرواح، كما أجبر الملايين على الفرار من ديارهم.
وتقود الولايات المتحدة جهودا للسلام في أفغانستان، وتقول إن أي تسوية في البلاد يجب أن تكون بين الحكومة الأفغانية المعترف بها دوليا، وحركة "طالبان".
ومطلع سبتمبر / أيلول 2018، عينت الإدارة الأمريكية خليل زاد مبعوثا إلى أفغانستان، ولخصت الخارجية مهمته في تنسيق وتوجيه الجهود الأمريكية التي تهدف إلى ضمان جلوس "طالبان" إلى طاولة المفاوضات.