لمسات ساحرة تحول أوراق الأشجار إلى لوحات فنية جميلة تروي قصصا أو ترسم ملامح، أو تستعرض رموزا وأشكالا متنوعة.
لوحات تنبض على إيقاع الحياة بمختلف تفاصيلها وكواليسها، يرسمها منذ سنوات طويلة، الفنان التركي إسماعيل أردم، من خلال النقش على أوراق الشجر بفنون الخط اليدوي، وأشكال الحيوانات، والرموز المتنوعة.
رحلة شغف وعشق انطلقت منذ سنوات مرحلته الجامعية في ولاية أضنة جنوب شرقي تركيا، حيث بدأ أردم يولي اهتماما خاصا بالرسم والنقش على أوراق الأشجار والنباتات الجافة.
وفي الواقع، فإن عشقه للرسم قد يكون سبق المرحلة الجامعية بكثير، مولعا بالرسم منذ صغره، إذ كان يرسم بأقلام الرسم والتلوين لغاية دراسته في المرحلة الجامعية.
وببلوغه مرحلة الماجستير، التحق أردم بدورات في فنون التذهيب، والسراميك، والخط، والفنون اليدوية التركية التقليدية، لتبدأ من هناك رحلة الحفر والنقش على الورق والأخشاب والمعادن.
لكن في إحدى المرات، جالت بباله حين كان يقيم في السكن الجامعي، فكرة الرسم والنقش على أورق الشجر، فكان أن كثف من جهوده في هذا المجال، وخصوصا إثر انتهاء دراسته بمرحلة الماجستير.
وفي حديث للأناضول، عاد أردم الذي يعمل حاليا مهندس كيمياء بمؤسسة حكومية في أضنة، على البدايات وولعه بهذا الفن.
وقال: "كنت مهتما بالفنون اليدوية في المرحلة الجامعية، وكنت أرسم النقوش على الورق ومن ثم أقوم بقصها وتفريغها، لتكون تلك بدايات اهتمامي بهذا الفن".
أما فكرة الحفر على ورق الأشجار، فتبادرت إلى ذهنه عندما كان في مرحلة الماجستير.
وعن ذلك يوضح: "كانت أوراق الحور تتساقط بالقرب من أدراج السكن الجامعي، وكنت ألتقط البعض منها أحيانا، وأقوم بحفر أجزاء منها وإعطائها أشكالا مختلفة، وكانت تلك بدايات اهتمامي بالنقش على أوراق الشجر".
وأردف: "ومع الزمن تقدّمت بفن النقش على المعادن والصدف، وبدأت أفكر فيما إذا كان يمكنني أن أفعل شيئا آخرا، فأخذت بالتركيز على أورق الشجر وبدأت بإنتاج لوحات فنية من خلال النقش على أوراق الشجر".
ومؤكدا على صعوبة النقش على أوراق الشجر، تابع: "لقد باشرت بتطوير تقنيات فن النقش على الأوراق بنفسي لعدم وجود الكثير من المهتمين بهذا الفن في تركيا".
ومستعرضا مراحل عمله: "يجب تجفيف الأوراق لمستوى محدد بداية، ومن ثم تطبيق مسودات الرسوم والنقوش على الأوراق، قبل البدء بالحفر والنقش، لتأخذ الأوراق شكلها النهائي".
وأشار إلى أنه يفضل استخدام الأوراق ذات الألياف لأنها تساعد على الحفاظ على النقوش والرسوم.
وبشكل عام، ينجز أردم نماذج من الخط العربي والفنون التركية التقليدية على أوراق الشجر، كما يقوم بتحضير لوحات من الصور الحديثة والرموز العصرية".
وأردف: "عملنا صعب ومتعب جدا، إذ يجب إتمام اللوحة الواحدة في جلسة واحدة، حيث تخضع الأماكن التي تتعرض للحفر والنقش لفقدان في الرطوبة بسبب الحرارة، ما قد يؤدي للانكماش وتغيير شكلها".
واستطرد بأن هذا الأمر يحتم عليه إنجاز اللوحات في جلسة واحدة، وأنه يستغرق بعض الأحيان حوالي 20 ساعة من العمل المتواصل لإنجاز بعض اللوحات.
وختم بالقول إن "النظر إلى أوراق الشجر يدفع الإنسان للتأمل، حيث تسقط من الشجر، ومن ثم تجف وتيبس، ومن ثم تنبت أوراق جديدة في الأغصان، وكل هذه الأمور تجعل الإنسان يفكر أكثر".