"اتحاد الكتاب السودانيين".. مجتزئ من سيرة "المثقف والسلطة"

"اتحاد الكتاب السودانيين".. مجتزئ من سيرة "المثقف والسلطة"
6.2.2017 13:31

eposta yazdır zoom+ zoom-
في بلد نشأت تجربته السياسية ولو نسبياً، بفضل حركة ثقافية سبقتها بعقود، تبقى المفارقة في ارتهان العمل الثقافي لانقسامات الساسة، ولا أدل على ذلك من "اتحاد الكتاب السودانيين".
 
تاريخياً، كانت الجمعيات الثقافية واحدة من الأعمدة الأساسية التي غذّت الحركات والأحزاب السياسية، لوضع اللبنات الأولى لمناهضة المستعمر الإنجليزي، حتى خروجه في 1956.
 
إلا أنه، وعلى مدار 6 عقود من الحكم الوطني، تحولت الحركة الثقافية من رافعة للفعل السياسي إلى تابع، يكابد لصون استقلاليته من أنظمة سلطوية، توارثت حكم البلاد.
 
في بلد شهد ثلاث انقلابات عسكرية، كانت الجمعيات الثقافية عرضة للحل والملاحقة لصالح أخرى متوافقة أيدلوجيا مع الحكومات الجديدة، لذا من النادر أن تجد منظمة يزيد عمرها عن ثلاث عقود كما هو الحال مع اتحاد الكتاب.
 
اليوم، يعتبر اتحاد الكتاب السودانيين، واحدا من ألمع التجمعات الثقافية في البلاد، وإن كانت مسيرته متعثرة بفعل الاضطرابات السياسية.
 
كان تأسيس الاتحاد على يد عدد من الأكاديميين والأدباء المخضرمين، واحدا من ثمرات الانتفاضة الشعبية التي أطاحت الحاكم العسكري جعفر نميري في 1985، بعد 16 عاما قضاها في السلطة.
 
غير أن سنوات نشاطه لم تزد عن 4 سنوات، حيث تم حله فور وصول الرئيس عمر البشير، للسلطة في 1989، ضمن إجراء جماعي طال أيضا النقابات والأحزاب السياسية.
 
وعاود الاتحاد عمله في 2006، بفضل الانفراج السياسي الذي ترتب على توقيع اتفاقية سلام، أنهت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في 2005، ومهدت لانفصالهما في 2011.
 
أطلق الاتحاد على عودته "الميلاد الثاني"، إلا أنه تعرض للحظر مرة أخرى مطلع العام 2015 بقرار من وزارة الثقافة، قبل أن يستأنف نشاطه بموجب حكم قضائي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
 
وكانت وزارة الثقافة بررت قرارها بـ"ممارسة الاتحاد لأنشطة تخالف أحكام قانون تنظيم نشاط الجماعات الثقافية القومية لسنة 1996".
 
وبالمقابل نفى الاتحاد ذلك ورأى إن "السبب الحقيقي للحظر هو أن النظام ضاق ذرعا بممارسة أي عمل مستقل لا يعبر عن توجهاته".
 
وبعد الحكم القضائي أطلق الاتحاد نداء "عاجلا" لدعم أنشطته معنويا وماديا حتى يتسنى له المساهمة في "تطوير العمل الثقافي" في البلاد.
 
وأفاد النداء الذي نشره الاتحاد إنه "في هذا الظرف الاستثنائي يبقى مد يد العون أكثر إلحاحا، إذ أن استمرار النشاط رهين بتوفر ما يلزم من ميزانية تسيير الدار وتمويل الأنشطة المقترحة".
 
وتتهم منظمات مجتمع مدني الحكومة بقصر دعمها على التشكيلات الموالية لها، مقابل اتهام السلطات لبعضها بتلقي دعم أجنبي هدفه "زعزعة استقرار البلاد".  
 
وقال رئيس الاتحاد، أحمد الصافي، في رسالة مفتوحة إلى الأدباء والكتاب السودانيين، إن "الاتحاد سيشهد انطلاقة قوية في أعقاب عودته إلى الحياة من جديد".
 
وبالفعل كثف الاتحاد من فعاليات "ميلاده الثالث"، حيث نظم معرض شاركت فيه عدد من دور النشر المحلية، بجانب معرض لأعمال 15 فنانا تشكيليا، خلاف مناقشته الراتبة لعدد من الأعمال الأكاديمية والأدبية.
 
وضمن برامجه الأسبوعية سيعرض الاتحاد الثلاثاء المقبل، فيلم وثائقي بعنوان "المغدور"، يسرد قصة قائد التحرر الإفريقي باترس لوممبا، وهو فيلم من إخراج السوداني وجدي كامل.
 
وفي الـ11 من فبراير/شباط الجاري، سينظم الاتحاد مرة أخرى معرضا للكتب، بمشاركة عدد من دور النشر، بجانب مناشط ثقافية أخرى.
 
ومع ذلك يجد الاتحاد نفسه محاصرا بسؤال حول ديمومة "ميلاده الثالث" وإن كان سيضطر مستقبلا لانتظار ميلاد رابع؟
 
وللإجابة على السؤال يقول الأمين العام للاتحاد، عثمان شنقر، للأناضول، "بالطبع لا نعرف تاريخا للميلاد الرابع، لكن نأمل أن يستمر الاتحاد لأطول فترة ممكنة".
 
والأهم بالنسبة لشنقر، أن مؤسسته "ليست في صراع ما أحد، سواء وزارة الثقافة أو غيرها، بل جهدنا منصب للمساهمة في نشر الوعي والاستنارة بكامل الاستقلالية والحرية".
 
ويعتقد الأمين العام للاتحاد أن "العمل الثقافي العام لا يمكنه أن يكون أسيرا للخلافات الفكرية أو السياسية" ويأمل بالتالي في أن يحظى نداءهم بـ"استجابة من الجميع لأنه موجه للمجتمع السوداني كلل وللكُتاب والمؤسسات الثقافية".
 

أخبالا المحلي

برامج الجوال

iPhone iPad Android Windows Phone
Milli Gazete ©  لا يمكن النقل أو النسخ من دون ذكر المصدرو جميع الحقوق محفوظة +90 212 697 1000 :رقم و فاكس