تسارع التطوير وابتكار الموديلات الحديثة في عالم السيارات لم يكبحان جماح الولع لدى البعض باقتناء القديم منها والكلاسيكي، الأمر الذي يتطلب متخصصين يعيدون تأهيل تلك المركبات القديمة لتحقيق رغبة الهواة.
الفلسطيني، عمر الخليلي، القاطن في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، يسعى منذ عقدين من الزمن إلى إنقاذ عشرات المركبات القديمة، من خلال إعادة تصليحها وترميمها.
وفي ساحة أمام محل يملكه على طريق مدينة رام الله - بيرزيت، وسط الضفة، يحتفظ الخليلي (46 عاما) بنحو 25 مركبة قديمة غالبيتها بريطانية وألمانية الصنع، تعود أقدمها إلى العام 1946.
يقول الرجل للأناضول، إن هوايته منذ أن كان طفلاً هي ركوب السيارات والاهتمام بها، وخاصة القديم منها.
واستطاع الخليلي خلال 20 عاما، شراء عشرات المركبات، وإعادة تأهيل نحو 40 منها، وبيعها في السوق الفلسطيني.
ويقول "الأمر يتعدى التجارة، أشعر برغبة كبيرة بشراء المركبات القديمة المتعطلة منها، وإعادة تأهيلها ميكانيكيا وتأهيلها من الخارج، أخشى عليها من الضياع، تصبح في مأمن عندما أحصل عليها".
ورغم امتلاكه مركبة حديثة من نوع (BMW)، إلا أنه يفضل التنقل بمركبته الكلاسيكية من نوع "مرسيديس 190"، موديل 1956، والتي تمكن من إضافة مزايا لها.
ومن المزايا التي أضافها الخليلي لسيارته، شبكة كهرباء بقوة "120 فولت"، ومياه، وآلة لصناعة القهوة، وأخرى لطرد البعوض، وجهاز تنفس اصطناعي، وشبكة إطفاء حريق، وغيرها.
وعن هذه السيارة يقول "هي أغلى ما أملك، عملت على إعادة بنائها بيدي، أضفت عليها إضافات عديدة لا تتوفر في المركبات الحديثة".
ويعتبر الخليلي الاحتفاظ بسيارته هذه، بمثابة "كنز لن يفرط به بأي ثمن كان"، وبيّن "أشتم من خلالها رائحة التاريخ، وأيام زمان، أيام الخير والبركة والعز".
ويسكن الخليلي مدينة رام الله، وتعود أصول عائلته لمدينة اللّد (وسط إسرائيل)، قبل أن تلجأ إلى رام الله في العام 1948، إبان نكبة فلسطين، وتشريد مئات آلاف الفلسطينيين.
ويقول الخليلي إنه يحلم بالعودة لمدينته "اللد" قائدا مركبته الكلاسيكية القديمة.
وفي ورشته المخصصة لتصليح المركبات بكل أنواعها، يقف الخليلي أمام هيكل لمركبة من نوع مرسيديس فارغ المحتوى، ويقول "خلال بضعة أشهر سأعيد بناء هذه المركبة كما كانت في السابق".
وأضاف "كانت تعمل هذه المركبة على نقل ركاب على خط القدس نابلس عمان دمشق، قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967".
ويشير إلى مركبة أخرى من نوع "فورد"، ويتابع "كانت ملك طبيب فلسطيني تنقّل بها بين رام الله والكويت (..) كل مركبة قديمة لها حكاية خاصة".
وفي عام 2008، أسس الخليلي ومجموعة من الفلسطينيين أصحاب هواة السيارات الكلاسيكية ناد للسيارات القديمة، وأقاموا مهرجانا في العام نفسه، جمع نحو 30 سيارة من مختلف أنحاء الضفة.
أفصح الرجل عن عشقه للسيارات بأنواعها منذ صغره، وهو ما دفعه لصناعة مركبة من نوع "كارتينغ" (سيارة سباق صغيرة الحجم) لأطفاله، يحتفظ بها حتى اليوم.
وأوضح بهذا الخصوص "عندما رزقت بالطفل الأول قبل نحو 20 عاما، صنعت له مركبة صغيرة من نوع كارتينغ، ما تزال موجودة حتى اليوم".
كما صنع "الخليلي" حافلة أطلق عليها (باص 47)، ضمن مواصفات الحافلات القديمة التي كانت تصنع قبل العام 1948.
وباتت حافلته رمزا لـ"النكبة الفلسطينية، ولمعاناة الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الإسرائيلي عام 1948"، فيما باتت تستخدم في المناسبات الوطنية مثل إحياء ذكرى "النكبة".
كما أنتج تلفزيون فلسطين الرسمي برنامجا خاصا باسم "باص 47"، يحكي قصة النكبة، وتشرد الفلسطينيين.
واستغرق صناعة الحافلة نحو خمسة شهور، وعنها يقول "صنعتها من الألف إلى الياء، هنا في فلسطين، وأعادت لنا ذكريات ما قبل النكبة".
واستخدم في صناعة الحافلة مقتنيات جمعها من زمن ما قبل النكبة، كالمصابيح القديمة، والساعات، وغيرها.
ومن أنواع المركبات التي رست في مرآب "الخليلي" وتنتظر إعادة التأهيل، "SABA"، و"VAUXHALL"، و"Bedford"، و"مرسيديس" وغيرها.