يشرع قانون "التسوية" أو "تبييض" المستوطنات، الذي أقره الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، مساء أمس الاثنين، بأثر رجعي آلاف الوحدات وعشرات البؤر الإستيطانية المقامة على أراضِ فلسطينية خاصة ويفسح المجال أمام سرقة المزيد من الأراضي.
وأخذاً بعين الإعتبار هذه الحقيقة يطلق الفلسطينيون عليه قانون" تبييض البؤر الإستيطانية الإسرائيلية" وينظرون اليه باعتباره من بين القوانين الأخطر التي أقرها الكنيست، سيما انه يمنع القضاء من إصدار احكام بعدم قانونية هذه البؤر.
وأعلن يولي ادلشتاين، رئيس الكنيست، تأييد 60 نائبا، للمشروع ومعارضة 52 له وتغيب 8 نواب، بينهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من أصل 120 نائباً.
واستغرق بحث مشروع القانون أشهراً طويلة في اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع وفي الحكومة الإسرائيلية والمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت" قبل أن ينتقل إلى الكنيست ويقره نهائياً الإثنين.
وطوال فترة النقاش احتج النواب العرب وأحزاب معارضة إسرائيلية وطالبوا بسحبه بعد وضع 500 اعتراض عليه، ولكن احتجاجتهم ذهبت أدراج الرياح بإصرار احزاب الإئتلاف الحكومي الإسرائيلي على التصويت عليه.
وقالت حركة "السلام الآن" اليسارية، التي تعنى بمراقبة الإستيطان في الأراضي الفلسطينية، إن الغرض من هذا القانون هو إضفاء الشرعية بأثر رجعي على وحدات سكنية بنيت على أراضِ فلسطينية خاصة في البؤر الاستيطانية والمستوطنات غير الشرعية.
وأضافت، في تقرير وصلت نسخة منه لوكالة الأناضول، "القانون يسمح بإضفاء الشرعية بأثر رجعي على 3850 وحدة سكنية، وإضفاء الصفة القانونية على 53 بؤرة استيطانية غير قانونية ومصادرة حوالي 8 آلاف دونم من الأراضي الفلسطينية الخاصة".
وعلى مدى سنوات أقام مستوطنون هذه الوحدات والبؤر الإستيطانية على أراضِ فلسطينية خاصة دون الحصول على تصاريح بناء من وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وطبقا للقانون العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية فإنه يتوجب إخلاء وهدم هذه الوحدات والبؤر الإستيطانية.
وفي الأسبوع الماضي أخلت الحكومة الإسرائيلية البؤرة الإستيطانية "عامونه" بعد تلكؤ استمر أكثر من عامين من موعد صدور قرار من المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في إسرائيل) في العام 2014 بعد ثبوت إقامتها على أراض فلسطينية خاصة.
ولكن المستوطنين يقولون إنهم يريدون، من خلال هذا القانون، منع تكرار عمليات مشابهة على وحدات وبؤر إستيطانية أخرى مقامة على أراض فلسطينية خاصة.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت، خلال السنوات الماضية، قرارات بإخلاء وحدات استيطانية أقيمت على أراض فلسطينية خاصة.
وليس هناك تقدير واضح لعدد الوحدات التي شملتها قرارات المحكمة باعتبار أن الكثير منها ما زال قيد المداولات.
وقالت "السلام الآن" إن القانون يهدف إلى إلغاء أحكام المحكمة العليا، التي لا تتناسب مع الفكر المؤيد للمستوطنين، بأثر رجعي، "وهي محاولة لتغيير قواعد اللعبة الديمقراطية وتمكين الحكومة من التخلص من قيود القانون".
وإضافة إلى ذلك فإن القانون يسمح بمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية الخاصة، ويمنع اللجوء للقضاء لمنع هذه المصادرة.
وقالت السلام الآن "وفقًا للقانون، فإنه يمكن لأي شخص سرقة أي أرض في الضفة الغربية، طالما أنه يفعل ذلك لغرض الاستيطان".
وأضافت "وعلاوة على ذلك، فإن هذا القانون يمنح الضوء الأخضر للمستوطنين للاستيلاء على أراض خاصة إضافية في المستقبل".
وتابعت السلام الآن "وبالتالي، فإن القانون يسمح عملياً للحكومة والأفراد بسرقة أراضي الفلسطينيين دون أي تبعات قانونية".
وظل المستوطنون يدفعون باتجاه تمرير مشروع القانون كخطوة باتجاه فرض السيطرة الإسرائيلية على المناطق المصنفة "ج" والتي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية وتقع حاليا تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وكان خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية (غير حكومية)، أشار في وقت سابق، لوكالة الأناضول، إلى أن "الآن هناك 131 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية إضافة إلى 10 مستوطنات في القدس الشرقية و116 بؤرة إستيطانية منتشرة على تلال أنحاء الضفة الغربية".
وأضاف: "حتى العام 1967 لم يكن هناك وجود لأي مستوطن، لكن الآن هناك 420 ألف مستوطن في الضفة الغربية (من إجمالي 2.3 مليون نسمة) و220 ألف مستوطن في القدس الشرقية المحتلة".
وكان مجلس الأمن الدولي تبنى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول القرار 2334، الذي نص على عدم شرعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ودعا إلى وقفه فوراً وبشكل كامل.
كما حذرت الأمم المتحدة، مساء الاثنين، إسرائيل من العواقب القانونية عليها، في حال اعتماد الكنيست مشروع قانون "التسوية"، قبيل إقراره رسمياً.
وقال نيكولاي ملادينوف، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن "القانون يقلل إلى حد كبير من احتمالات تحقيق السلام العربي- الإسرائيلي".