"فوبيا" الاستثمار في تونس تتجه نحو التلاشي

"فوبيا" الاستثمار في تونس تتجه نحو التلاشي
28.12.2016 14:37

eposta yazdır zoom+ zoom-

استثمارات اضطرّت لمغادرة البلاد، وأخرى لم تغادر حيّزها النظري، وشركات علّقت أنشطتها.. ثلاثية حالكة فرضتها التداعيات البديهية للثورة التونسية، قبل أن تبدأ في التلاشي مع عودة الاستقرار تدريجياً إلى البلاد.

مخاوف من المجازفة باستثمار غير مضمون، سواء كان أجنبيا أو محلّيا، تفاقمت بمرور الزمن حتى تحوّلت إلى ما يشبه "الفوبيا"، لتطيح بمشاريع بقيمة إجمالية متوقّعة في حدود الـ 12.5 مليار دينار تونسي (5.40 مليارات دولار)، كانت ستوفّر 236 ألف فرصة بين 2005 و2015، 5% منها مصنّفة على أنها هامّة، وفق بيانات رسمية.

** مشاريع لم تدخل حيّز التنفيذ

وحسب "وكالة النهوض بالصناعة والتجديد" التونسية (حكومية)، فإنّ 7548 من المشاريع الصناعية في تونس لم يقع تفعيلها خلال الفترة الفاصلة بين 2005 و2015؛ أي بمعدّل عدم إنجاز سنوي يناهز الـ600 مشروع.

المعدّل بلغ ذروته في 2011، ليصل إلى 900 مشروع غير منجز سنوياً، في ارتفاع بدا منطقيا بالنظر إلى الارتباك الحاصل على مستوى المؤشرات الكلية للبلاد، تزامنا مع اندلاع الثورة التونسية.

رضا أشكندالي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، قال إن العديد من الأسباب دفعت نحو ظهور "الفوبيا" من الاستثمار في تونس.

وأضاف، للأناضول، أنّ توليفة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تقف وراء عزوف المستثمرين عن إخراج مشاريعهم للحياة أو الاستمرار في أنشطتهم داخل البلاد، خصوصا بعد الثورة التونسية.

الخبير الاقتصادي التونسي اعتبر أنّ المخاوف من الاستثمار لا تنحدر من العوامل الاقتصادية فحسب، وإنما ناجمة أيضا عن عدم وضوح الرؤية بسبب السياق الأمني والسياسي غير المستقرّ نسبيا، إضافة إلى عدم استقرار المشهد النقابي؛ ما يجعل المستثمرين في خوف مستمر من الاعتصامات والإضرابات وغيرها من المعارك المستمرة حتى اليوم بين أصحاب المؤسّسات والنقابات العمالية.

احتجاجات قال إنها أفقدت البلاد سلما اجتماعيا يعدّ ضروريا لخلق مناخ ملائم للإستثمار.

وحسب تقرير إحصائي نشرته "الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي" (حكومية)، في نوفمبر/تشرين ثان الماضي، سجّل مستوى تدفّق الاستثمارات الأجنبية في البلاد، خلال الأشهر الـ9 الأولى من 2016، تراجعا بنسبة 19.4% مقارنة بالفترة ذاتها من 2015.

التقرير ذاته، أظهر أنّ 73% من المشاريع غير المنجزة خلال الفترة بين مطلع 2015 وحتى يونيو/حزيران 2016، رأس مالها تونسي بنسبة 100%.

والأسبوع الماضي، خفضت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبي، من توقعات النمو الاقتصادي في البلاد للعام الجاري، من 2.5% إلى 1.5% مقابل نسبة نمو فعلي بلغت 0.8% العام الماضي.

** شركات علّقت أنشطتها

نقطة ثانية تثقل بدورها عملية إقلاع الاستثمار التونسي، وتهم إغلاق الشركات الصناعية.

إذ أظهر تقرير الوكالة التونسية ذاتها نفسها أن 4319 شركة مصنّعة (تشغل كل واحدة منها 10 موظفين على الأقل)، علّقت نشاطها في الفترة بين مطلع 2005 حتى يونيو/حزيران 2016؛ ما تسبب في خسارة نحو 250 ألف موطن شغل.

أرقام تشير إلى أنّ نحو 400 شركة أغلقت أبوابها في تونس سنويا خلال الفترة المذكورة، وأن البلاد تخسر 25 ألف موطن عمل في السنة، وهذه المعدّلات شهدت ارتفاعا انطلاقا من 2011.

الخوف من الاستثمار ترجمه جنوح متوسّط الإحصائيات المتعلّقة بإنشاء الشركات المصنّعة إلى الانخفاض، من 470 شركة في الفترة 2005- 2011 إلى 292 خلال الفترة الممتدة من 2012- 2015، بانخفاض قدره 38%.

تراجع كان لابدّ وأن يترافق بانخفاض مواطن الشغل من 33 ألف إلى 16 ألف سنويا خلال الفترات نفسها.

** مخاوف تتلاشى ورؤية تتوضّح

سمير البشوال، مدير عام وكالة النهوض بالصناعة والتجديد في تونس، قال للأناضول إن بلاده بادرت بالقيام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية، للحدّ من مخاوف المستثمرين.

وأوضح أن السلطات التونسية قامت بسنّ مجلة جديدة للاستثمار، وإعادة رسملة البنوك العمومية، واتخاذ جملة من الإجراءات والتسهيلات، بهدف تجاوز هذه الصعوبات الظرفية، برزت على إثرها جملة من المؤشرات الإيجابية التي ترجمت قدرة البلاد على تخطي هذه المرحلة.

وعن نتائج التدابير الحكومية في بلاده، أشار البشوال إلى أن "الاستثمارات المصرّح بها ارتفعت، في الأشهر الـ10 الأولى من 2016 بنسبة 30.7%، إلى 846.4 مليون دينار مقابل 696.0 مليون في الفترة نفسها من عام 2015".

واللافت وفق المصدر ذاته، أنّ أغلب هذه الاستثمارات تندرج ضمن مشاريع توسعة كبرى لمؤسّسات أجنبية، وهذه المشاريع تتميّز بنسبة إنجاز عالية تفوق الـ 76%، "ما يعني أن تونس ما تزال تحظى بثقة المستثمرين الأجانب وخصوصا المطّلعين منهم على حقيقة الوضع من حيث الاستقرار السياسي وتحسّن أداء المنظومة الأمنية".

والشهر الماضي، نجحت تونس في جمع أكثر من 15 مليار دولار أمريكي على شكل منح وقروض واستثمارات وإعفاءات، خلال أعمال مؤتمر الاستثمار "تونس 2020" بحضور ممثلي عن عشرات الدول المانحة، ومئات رجال الأعمال.

 

أخبالا المحلي

برامج الجوال

iPhone iPad Android Windows Phone
Milli Gazete ©  لا يمكن النقل أو النسخ من دون ذكر المصدرو جميع الحقوق محفوظة +90 212 697 1000 :رقم و فاكس