تواجه حركة حماس التي تتولى مقاليد الحكم في قطاع غزة، تحديا كبيرا، جراء استمرار وتفاقم أزمة نقص الكهرباء.
وكاد اشتداد الأزمة خلال الأيام الأخيرة، أن يتسبب بمشاكل أمنية للحركة التي تدير القطاع منذ نحو 10 أعوام، عقب دعوات للتظاهر، أطلقها نشطاء، ودعمتها بعض الفصائل، كما يرى مراقبون فلسطينيون.
وسارعت قيادة حركة حماس، للتواصل مع تركيا وقطر، طالبة منهم المساعدة في التخفيف من حدة الأزمة.
وأعلنت الدولتان عن تبرعهما بمبالغ مالية، ووقود بغرض تزويد محطة الكهرباء في قطاع غزة بالوقود.
وأعلنت سلطة الطاقة في قطاع غزة، اليوم الاثنين، أن محطة توليد الكهرباء، بدأت في تشغيل مولد إضافي، بعد وصول الوقود الذي تبرعت به دولة قطر.
كما أعلن رئيس حكومة التوافق في رام الله رامي الحمد الله اليوم، تلقيه تعهدا من تركيا بتوزيد محطة توليد الكهرباء بغزة بـ 15 ألف طن من الوقود .
ويرى طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة من الضفة الغربية أن أزمة الكهرباء بغزة تسببت بإحراج لحركة حماس على اعتبارها السلطة المسؤولة في غزة.
وأضاف عوكل لوكالة الأناضول إن الشارع "لا يفهم لغة السياسة، وكل ما يريده المواطن العادي أن يعيش حياته بشكل طبيعي".
وتابع:" حماس فعليا هي السلطة الحاكمة بغزة، وعليها أن تتصرف وفق ذلك، الأزمة وصلت لحد غير مسبوق، وهو ما دفعها لأن تقوم بالاتصال بالدول التي تربطها بها علاقة جيدة كقطر وتركيا لحل الأزمة".
وانتقد عوكل تعامل حركة حماس الأمني مع الأحداث، مؤكدا أن ما جرى كاد أن يُفاقم الأزمة ويؤجج الغضب في الميدان.
وتابع:" أزمة الكهرباء شكلت تحديا كبيرا بالنسبة لحماس، فهي مطالبة بحل الأزمة بشكل كامل، وعدم المراهنة على الوقت، وانتظار المساعدات العربية والدولية".
ومنذ نحو شهر، تفاقمت أزمة الكهرباء في القطاع المحاصر إسرائيليا، ووصلت ساعات قطع التيار الكهربائي إلى أكثر من 12 ساعة يوميا.
وعلى موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، أطلق ناشطون حملات غاضبة تطالب بالتظاهر، محملين حركة حماس المسؤولية عن حل الأزمة.
واتهمت فصائل فلسطينية ومن بينها حركة فتح، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأجهزة الأمنية بغزة، بملاحقة واعتقال العشرات من المتظاهرين في الاحتجاجات التي خرجت تطالب بحل أزمة الكهرباء.
ونفت وزارة الداخلية بغزة وعلى لسان المتحدث باسمها إياد البزم وجود أي حملات اعتقال، وقال إن ما يجري هو عبارة عن توقيف لأشخاص "يعملون على تخريب الممتلكات العامة، ونشر الفوضى".
من جانبها، قالت حركة حماس في بيان رسمي لها، إنها مع التظاهر السلمي، والمطالبة بحقوق الشارع بعيدا عما وصفته بـ"إثارة الشغب" ونشر الفوضى.
وفضت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية بغزة الخميس الماضي، مسيرة "غاضبة" شارك فيها المئات؛ احتجاجاً على تفاقم أزمة الكهرباء.
ويقول الدكتور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت في رام الله، إن أزمة الكهرباء وتداعياتها بشكل مباشر على سكان قطاع غزة، وشعورهم بتفاقم المعاناة شكّل تحديا بالنسبة لحركة حماس.
وتابع لوكالة الأناضول:" أزمة كهذه من شأنها أن تؤثر في شعبية الحركة، ونفوذها، وبإمكانها أن تحرّك الشارع الذي يعاني أصلا من تراكم الأزمات".
ويرى قاسم أن حركة حماس قد تلجأ إلى تصدير الأزمات في وجه إسرائيل في حال شعرت بالإحراج أمام الميدان.
ويضيف:" حماس في حال وجدت نفسها في مأزق، قد تلجأ إلى خيار المواجهة مع إسرائيل، على اعتبار أنها المتسبب الأول في الأزمة، بفعل الحصار الذي تفرضه".
وتفرض إسرائيل حصاراً على سكان القطاع منذ نجاح حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير/كانون ثان 2006، وشدّدته في منتصف يونيو/ حزيران 2007، عقب سيطرة الحركة الكاملة على القطاع.
ورأى مصطفى إبراهيم، المحلل السياسي، والكاتب في بعض الصحف الفلسطينية أن حركة حماس واجهت تحديا غير مسبوق بسبب أزمة الكهرباء.
ويضيف لوكالة الأناضول:" هناك تململ في الشارع، واستنكار واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى السلطات الحاكمة بغزة، أن تدرك جيدا، أن مسؤوليتها تتطلب منها تلبية الاحتياجات الإنسانية للناس".
وحذر إبراهيم حركة حماس من الاعتماد على ما وصفه بإدارة الأزمات بشكل مؤقت.
وتابع:" أزمة الكهرباء قد تفتح الباب أمام أزمات أخرى، قد لا يكون في مقدور الحركة التعامل معها".
ورأى إبراهيم أن حماس مطالبة في الوقت الحالي، وأكثر من أي وقت مضى بضرورة العمل على حل أزمة الكهرباء بشكل كامل ونهائي.
وتقول سلطة الطاقة في غزة، التي تشرف عليها حركة "حماس"، إن سبب تفاقم الأزمة يعود لفرض الحكومة الفلسطينية في رام الله ضرائب إضافية على كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطة توليد الكهرباء.
لكن الحكومة تنفي ذلك وتقول إن "استمرار سيطرة حماس على شركة توزيع الكهرباء، وعلى سلطة الطاقة، وما ينتج عن ذلك، هو الذي يحول دون تمكين الحكومة من القيام بواجباتها، وتحمل مسؤولياتها، تجاه إنهاء أزمة الكهرباء المتفاقمة".
ويلفت إبراهيم إلى أن حماس مطالبة بتحقيق المصالحة مع حركة فتح، وتسليم مهام القطاع إلى حكومة الوفاق الفلسطيني.
وتابع:" ليس من مطلوب من حماس أن تدفع ثمنا من نفوذها، والأهم حاضنتها الشعبية، بل عليها أن تبذل كل ما في وسعها للتخفيف من معاناة المواطنين".
ووفقا لتقارير أعدها البنك الدولي، فإن 80٪ من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش.
وبحسب معلومات البنك الدولي، تعاني غزة من أعلى معدلات البطالة في العالم، وازدادت في الربع الثالث من عام 2016 إلى 43.2%.