بصعود متسارع، سجل احتياطي النقد الأجنبي لمصر نسبا مرتفعة خلال العام الماضي، بفضل ثلاث قنوات جميعها تصب في "أسواق الدين".
وارتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر إلى 37.02 مليار دولار بنهاية العام الماضي، على الرغم من التزام البنك المركزي بسداد ديوان والتزامات قدرت بنحو 30 مليار دولار.
ومقارنة مع 2016، صعدت احتياطات النقد الأجنبي لمصر بقيمة 11 مليار دولار، صعودا من 26 مليار دولار بنهاية 2016.
القنوات الثلاث، لخصها الخبراء في استمرار الحكومة المصرية بسياسة الاقتراض المباشر من مؤسسات دولية، وتمديد آجال سداد بعض الديون، فضلا عن اتباع سياسة إصدار سندات دولية.
ورأى الخبراء، في أحاديث مع "الأناضول"، أن زيادة الاحتياطي لا تتناسب مع زيادة اقتراض مصر من الخارج، إذ حصلت مؤخرا على ملياري دولار كدفعة ثالثة من قرض صندوق النقد الدولي، في حين ارتفع الاحتياطي خلال الشهر نفسه بنحو 297 مليون دولار فقط.
ويهدف الاحتياطي الأجنبي عموما، إلى مساعدة الحكومة على الوفاء باحتياجاتها من النقد الأجنبي والتزامات الديون الأجنبية، والاحتفاظ باحتياطي للكوارث أو حالات الطوارئ الوطنية.
** قروض وسندات
المحلل الاقتصادي أحمد يوسف، قال إن "ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي تم عبر القروض والسندات الدولية، وهو أمر لا يدعو للاطمئنان، فمكون الاحتياطي المصري ودائع مساندة وسندات وقروض، لا عبر تدفقات نقدية حقيقية".
وأضاف يوسف للأناضول، أن "ثمة تحديات ضخمة تواجه الاحتياطي المصري في 2018، فالدولة مطالبة بسداد مديونيات تتخطى 12 مليار دولار خلال العام الجاري".
وتتمثل أهم أهداف الاحتفاظ بالاحتياطي الأجنبي، في دعم وحفظ الثقة في السياسة النقدية وسعر الصرف، وتقوية الوضع الخارجي من خلال الحفاظ على سيولة العملة الأجنبية، ودعم ثقة الأسواق في إمكانية الدولة بأن تفي بالتزاماتها الخارجية.
** التزامات خارجية
المحلل الاقتصادي أحمد سرور، قال إن مصر سعت عبر عدة محاور خلال العام الماضي "للاقتراض الخارجي لسداد المديونيات القديمة، نتيجة عدم توافر الموارد المالية اللازمة لسدد تلك الديون عبر القطاعات الاقتصادية".
كان محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، أكد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، موافقة السعودية والإمارات على تأجيل تحصيل ودائعهما بقيمة 4 مليارات دولار، وملياري دولار على التوالي، المقررة في 2018.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته، أعلن البنك المركزي المصري، أنه أبرم اتفاقية بيع سندات مع الالتزام بإعادة شرائها بقيمة 3.1 مليارات دولار، مع بنوك دولية لمدة عام.
وأضاف سرور للأناضول، أن "هناك تحسن بالفعل في موارد الدولة من العملات الصعبة مثل تحويلات العاملين المصريين بالخارج، والسياحة ولكن هذه الزيادة ليس بمقدورها وحدها الوفاء بالتزامات مصر الخارجية".
وارتفعت تحويلات المصريين في الخارج إلى 14.5 مليار دولار خلال الفترة بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 – يوليو/ تموز 2017، مقابل نحو 12.6 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام السابق عليه.
ولفت سرور إلى أن إصدار مصر سندات دولية بقيمة 7 مليارات دولار، ساهم في زيادة الاحتياطي الأجنبي رغم الالتزامات الخارجية في 2017.
وحذر سرور من تداعيات "زيادة حجم الاحتياطي الأجنبي من خلال القروض وسندات دولية جديدة، لا سيما وانه يدخل البلاد في دوامة اقتراض جديد لسد عجز أو تسديد دين قديم ما يؤدي إلى تراكم الديون الخارجية.
** سداد ديون
الباحثة الاقتصادية منى حجازي، قالت: إن الواقع كان يفرض تراجع الاحتياطي الأجنبي بمصر في ظل الإعلان عن سداد 30 مليار دولار خلال 2017، ولكن حدث العكس.
وأضافت حجازي للأناضول، أن "البنك المركزي المصري فاوض بعض الدائنين لتأجيل سداد بعض أقساط الديون ومد أجل استحقاق البعض الآخر".
"حجازي" ذهبت في الوقت نفسه، إلى أن بعض "إجراءات الإصلاح الاقتصادي ساهمت في زيادة الاحتياطي النقدي، مع تقلص للنفقات العامة باتباع سياسات تقشفية، إضافة إلى تنامي ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري".
** الدين الخارجي
ومؤخرا، قدرت وكالة فيتش، ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى نحو 100 مليار دولار بما يعادل 44 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2017، مقابل 23 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2016.
وأعلن محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن حجم التدفقات من النقد الأجنبي خلال عام من تحرير سعر الصرف الذي جرى في نفس الشهر من 2016، بلغ 80 مليار دولار.