بدأت الحفريات في قضاء أماسرا بولاية بارطن شمالي تركيا، في الآونة الأخيرة؛ لاستخراج بقايا المدينة الأثرية، التي يقدرعمرها بـ 5 آلاف عام.
وحملت المدينة المطلة على البحر الأسود، اسم "سيساموس" في القرن الـ 12 قبل الميلاد، وكانت إحدى مستعمرات الفينيقيين الساحلية، وشهدت أوج ازدهارها خلال حكم الأميرة الإيرانية أماستريس.
ويحفل قضاء أماسرا بأثار عديدة في يومنا هذا، تعود لحضارات مختلفة مثل الهلنستية والرومانية والبيزنطية والعثمانية، فضلا عن أثار من حقب أقدم.
وتتولى إدارة متحف أماسرا، الإشراف على أعمال الحفريات التي انطلقت، بدعم من المديرية العامة للمتاحف، والسلطات المحلية، بعد العثور صدفة على بعض الأثار، ما أدى إلى استصدار تصريح رسمي للبدء في حفريات لاستخراج مزيد من الآثار التاريخية بالمدينة.
وتدل المكتشفات حتى اليوم، على وجود أبنية تعود لعصور قديمة غمرتها الأتربة، حيث تتواصل الحفريات لإماطة اللثام عن العديد من الأبنية العامة ودور العبادة العائدة للعصرين الروماني والبيزنطي.
وفي تصريح للأناضول، قال مدير متحف أماسرا، باران أيدن، إن القضاء يعد مركزا هاما للسياحة الثقافية، فضلا عن جمال الطبيعة في المنطقة.
ولفت أن المدينة تأسست باسم "أماستريس" في العصر الهلنستي، وضمت صروحا مميزة في العهود القديمة مثل المسارح والأسواق ومناهل المياه ومبان إدارية ودور عبادة.
والعصر الهلنستي فترة في التاريخ القديم كانت فيها الثقافة اليونانية تزخر بالكثير من مظاهر الحضارة في ذلك الحين. وقد بدأت بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م، واستمرت حوالي 200 سنة في اليونان وحوالي 300 سنة في الشرق الأوسط.
وتوقع أيدن أن تستمر الحفريات أعواما طويلة في المنطقة لا ستخراج بقايا المدينة الأثرية، الأمر الذي من شأنه إنعاش الحركة السياحية فيها.
ولفت إلى أنهم اكتشفوا حتى اليوم، غرفة يعتقد أنها كانت تستخدم كمستودع للحبوب في العصر البيزنطي، وحمامات من العهد الروماني، ومنازل ذات أرضيات فسيفسائية، ومسرح، وغيرها.
وإضافة إلى ذلك ذكر أنهم عثروا على نقود برونزية، وقطع جرار وأوان فخارية.
وأفاد المدير أن بعض البقايا البارزة فوق الأرض تعد مؤشرا قويا على وجود ما هو أروع تحت الأرض، على حد تعبيره.
وأوضح أيدن أن عدد سكان البلدة اليوم يبلغ 6 آلاف بينما يُتوقع أن العدد كان يترواح بين 20 و25 ألف نسمة في العهد الروماني، ما يعني ان المدينة كانت تمتد على مساحة واسعة.
ولفت إلى أنه وبالرغم من تشييد مبان حديثة وشقق سكنية فوق أراض تضم أجزاء من المدينة الأثرية تحتها، إلا أن الأماكن غير المأهولة من القضاء تبعث على الأمل، من أجل ازالة غبار الزمن عن المدينة التاريخية.
وشدد أيدن على أن سقف توقعاتهم مرتقع جدا فيما يتعلق بالعثور على آثار مدهشة في المنطقة.
وذكر المدير أنهم سيفسحون المجال أمام السياح لاحقًا؛ لزيارة مناطق الحفريات الأثرية، للاطلاع على سير العمل في المنطقة، ومشاهدة كيفية استخراج الآثار.
وتشكل الطبيعة الخضراء الملاصقة للبحر في قضاء أماسرا، لوحة ساحرة.
وإضافة إلى شواطئها، تتمتع أماسرا بمقومات عديدة تجذب السياح مثل قلعتها التاريخية، وكنائسها الأثرية، ومساجدها العائدة للعهد العثماني، وأسواقها القديمة، وطبيعتها الخلابة.