رجّح خبراء ومراقبون، أن ينفذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس "إجراءاته القانونية والمالية"، ضد قطاع غزة، بشكل تدريجي، بدءا بإحالة آلاف الموظفين للتقاعد القسري المبكر، وقد تنتهي بإعلان قطاع غزة "إقليما متمردا".
وكان الرئيس عباس، قد قال في كلمة أمام اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله الإثنين، إنه سيتخذ مجموعة من الإجراءات المالية والقانونية العقابية ضد قطاع غزة، دون أن يعلن عن طبيعتها.
ورفضت حركة حماس خطاب عباس، واعتبرته "توتيريا"، وقالت إن الخطوات التي سيتخذها، ستكون بمثابة عقوبات على سكان القطاع وليس لها، ودعت إلى "إجراء انتخابات فلسطينية عامة تشريعية ورئاسية ولمنظمة التحرير".
ويقول الصحفي الفلسطيني، محمد دراغمة، إن المعلومات المتوفرة تؤكد أن الرئيس عباس سيتخذ إجراءاته في غضون أسبوع.
وأضاف دراغمة لوكالة الأناضول:" معلوماتي تقول إن الجانب المصري طلب مهلة لاحتواء الوضع، فمنحهم الرئيس أسبوعا لإقناع حماس... كل شيء أو لا شيء".
ويكمل دراغمة:" معنى ذلك أن الرئيس عباس، سيقطع جميع التمويل الذي تدفعه السلطة الفلسطينية إلى القطاع".
وحسب بيانات وزارة المالية الفلسطينية، تنفق السلطة على قطاع غزة سنويا نحو 1.3 مليار دولار منها نحو 840 مليون دولار سنويا لتغطية فاتورة رواتب الموظفين الحكوميين من قطاع غزة ما يعني 70 مليون دولار شهريا .
وتشير البيانات إلى أن 155 مليون دولار، تدفع كفواتير كهرباء، ونحو 25 مليون أخرى كوقود لمحطة توليد الكهرباء، إلى جانب قرابة 60 مليون دولار سنوية للبنية التحتية.
وقال دراغمة:" على سبيل المثال، يمكن للرئيس قطع تمويل الكهرباء بالكامل، وقطع تمويل الدواء والاحتياجات الصحية، ووقف تمويل الرواتب بالكامل أو إحالة كل موظفي القطاع إلى التقاعد".
وأضاف:" في حال أعلن القطاع إقليما متمردا، فإمكانه تجميد كل الحوالات المالية الموجهة إلى غزة".
ويعيش في قطاع غزة نحو 2 مليون فلسطيني في ظروف اقتصادية صعبة.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة للعام العاشر على التوالي رفع نسبة الفقر بين سكانه إلى 65%.
وذكر المركز في تقرير صدر مطلع العام أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت في الآونة الأخيرة إلى 47%، وأن 80% من سكان القطاع باتوا يعتمدون على المساعدات الخارجية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة اليومية.
ورجّح الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، أن تكون عقوبات الرئيس الفلسطيني ضد القطاع، تدريجية.
وأشار إلى أن الرئيس "أبقى الباب مفتوحا أمام احتمال قبول حماس بمطالبه قبل المضي قدما في هذه العقوبات".
وقال شاهين لوكالة الأناضول:" الرئيس عباس قال بالحرف: إما أن نستلم كل شيء أو تستلم سلطة الأمر الواقع في غزة كل شيء، وبالتالي هو يعطي فرصة أخيرة قبل اتخاذ القرارات".
وأشار شاهين إلى أن عقوبات الرئيس الفلسطيني ستبدأ بإحالة آلاف من موظفي السلطة الفلسطينية المدنيين والعسكريين في غزة إلى التقاعد (العدد غير محدد).
وخلال الشهور الماضية أحال الرئيس، بالفعل، عدة آلاف من الموظفين في القطاع إلى التقاعد، كما قام بإجراء خصومات كبيرة على رواتب الموظفين.
ويعمل لدى السلطة الفلسطينية نحو 160 ألف موظف نصفهم تقريبا في قطاع غزة.
ومنذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007 واصلت السلطة الفلسطينية دفع رواتب الموظفين، مع الطلب منهم الاستنكاف عن العمل.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، في تصريح لاذاعة صوت فلسطين (حكومية) صباح الإثنين، أ
نه "لا يزال أمام حركة حماس الفرصة التاريخية لالتقاطها والانتقال من مربع الانقسام إلى الوحدة".
وقال مجدلاني:" أمام حماس خيارات، إما اتخاذ موقف صريح وقرار واضح بما يخدم المشروع الوطني، أو أنها تصر على الانقلاب ما سيضطر الرئيس محمود عباس لاتخاذ إجراءات للحفاظ على المشروع الوطني".
من جهتها، قالت نور عودة، الصحفية والكاتبة، إن الرئيس عباس قد يقدم على اتخاذ خطوات كان على وشك اتخاذها عقب سيطرة حماس على قطاع غزة قبل 11 عاما، وتتمثل في إعلان القطاع "إقليما متمردا".
وقالت عودة، لوكالة الأناضول، إن القانون الفلسطيني الأساسي لا يوجد فيه بند يعطي الرئيس هذه الإمكانية، لكن قد يضطر إليها بموجب قوانين منظمة التحرير الفلسطينية.
وأشارت إلى أن معنى هذا الإعلان ببساطة هو "وقف كل شيء بما فيه تحويل الأموال، وحظر تعاملات البنوك مع قطاع غزة".
وأشارت عودة إلى أن الرئيس بموجب فكرة "الإقليم المتمرد"، يمكنه أن يوجّه تعليمات إلى سلطة النقد الفلسطينية، بتجميد حسابات لمؤسسات وأفراد محسوبين على حماس، ووقف الحوالات المالية إلى قطاع غزة".