إنزو إيكاه.. شاب كونغولي متعدد المواهب، هرب من بلاده قبل أعوام عدة، بسبب الحكم عليه بالسجن، على خلفية أغنية ناقدة للأوضاع هناك، وساقته الأقدار إلى اسطنبول، التي وجد فيها حياة جديدة.
والتقت الأناضول، إيكاه الذي أصدر العديد من الألبومات الموسيقية في اسطنبول، وشارك في فعاليات خيرية، فضلا عن اهتمامه بالأطفال السوريين اللاجئين.
وعن حياته قال إيكاه إنه فقد والده الطيار وأمه المضيفة، في حادث تحطم طائرة، بينما كان رضيعا يبلغ من العمر أربعة أشهر فقط، وتبناه بعدها صديق والده القس الإيطالي لورينزو.
وبعد أن بلغ من العمر 5 أعوام، تمكنت جدته من انتزاع حق رعايته، عبر القضاء، حيث ترعرع في كنفها.
ودفعت الصدفة إيكاه إلى تعلم الموسيقى، عندما كان في الحادية عشرة من عمره، حيث تمت معاقبته بإرساله إلى كنيسة ليقوم بتنظيفها، بسبب مشاغبته.
وهناك شاهد آلة أوكورديون فقرر تعلم العزف عليها، الأمر الذي تم بالفعل، ومن ثم انتقل لتعلم الغيتار.
وتوجه إيكاه إلى فرنسا لإكمال تعليمه، حيث درس علم النفس في جامعة السوربون، وأتم الماجسيتر فيها أيضا، فيما واصل تطوير موهبته الموسيقية في ذات الوقت.
وعقب عودته إلى الكونغو، وجه إيكاه انتقادات للحكومة، وعمالة الأطفال في المناجم، وتعريض حياتهم للخطر، لا سيما في مناجم معدن "كولتان" الذي تنتج البلاد 80% من الانتاج العالمي منه.
ووصل التضييق على إيكاه بسبب انتقاداته، إلى حد الحكم عليه بالسجن، على خلفية أغنية ألفها، حول الأوضاع في البلاد.
وجرى توقيفه عام 2009 وتعرض للتعذيب، بما في ذلك خلع أسنانه، وحكم عليه بالسجن 10 أعوام، إلا أنه تمكن من الفرار لحظة اقتياده إلى محبسه، بعدما قدم رشوة الجنود الذين كانوا يقتادونه.
وبسبب عدم عثوره على مقعد شاغر في الطائرات المتجهة إلى باريس مباشرة، قرر أن يستقل طائرة تمر من اسطنبول، لكنه علق فيها بسبب عدم حصوله على تأشيرة عبور.
وتقدم إيكاه بطلب لجوء في تركيا، بذريعة امكانية اعتقاله في بلاده وتعرضه للتعذيب.
فجرى إرساله كلاجئ إلى ولاية قره مان وسط تركيا، إلا أنه لم يمكث فيها طويلا، حيث توجه إلى اسطنبول، وافترش حدائقها ومحطات قطاراتها في بادئ الأمر.
و أخذ يشتغل بأعمال يومية مثل العتالة لتأمين قوته، حيث قادته الصدفة إلى صاحب متجر لبيع الآلات الموسيقية، أهداه غيتارا، بعدما نقل له بعض البضائع.
وكان ذلك الغيتار، نقطة تحول في حياته باسطنبول، حيث بدأ يغني ويعزف في شوارع المدينة التي يعيش فيها منذ 8 أعوام، ومن ثم تعرف على فرقة "بانديستا" التي غنى معها أغانيه.
وأصدر إيكاه بعد مجيئه إلى تركيا 7 ألبومات موسيقية، ويستعد لإصدار ألبوم يحمل اسم "الطفل المشرد" ستكون كل أغانيه باللغة التركية، التي بات يجيدها.
وفضلا عن أعماله الموسيقية، أوضح إيكاه أنه ألف كتابين، أحدهما قصص للأطفال، والثاني عن جدته، التي علمته أن يحب كافة الأمهات في العالم مثل أمه.
ولفت إلى أنه يبحث عن دار نشر حاليا لإصدار كتابه عن جدته والدة أمه.
كما أسس إيكاه جمعية لدعم اللاجئين في تركيا، لا سيما الأطفال السوريين، حيث يعلمهم عزف الغيتار.
ولفت إلى أنه لم يكن انسانا فقيرا في بلاده وأنه اضطر لمغادرتها تاركا وراءه كل ما يملك.
وتابع:" تعلمت الكثير في تركيا وكبرت فيها، لقد كبرت مرة أخرى عندما أصبحت لاجئا".
واستطرد "كنت شابا صغيرا عدوانيا عند مجيئي إلى هنا، أما الآن فبت أفكر مثل رجل ناضج".
ولفت إلى أنه يحلم بالعودة إلى الكونغو وإقامة مدارس فيها، ومساعدة الأطفال هناك.
ويطمح إيكاه لمساعدة أطفال الكونغو، الذين يعانون من الفقر المدقع والجوع والجهل، الأمر الذي يمثل أكبر حلم بالنسبة له.
وأفاد أنه لم يحصل على الجنسية التركية، لأنه يفضل أن يبقى "عديم الجنسية"، وختم بالقول" الآن أنا مواطن عالمي".