تظهر الإحصاءات القادمة من بلدان أوروبيان هامان، هما هولندا وبلجيكا، ارتفاع نسبة التمييز على أساس العرق والصفات البيولوجية، مقارنة بالتمييز على أساس الدين والذي يتضمن الإسلاموفوبيا، إلا أن هذا لا يعني تراجع الإسلاموفوبيا.
فبالنظر إلى التفاصيل نجد أن الإسلاموفوبيا تتصاعد بدورها، كما أنه عند الأخذ في عين الاعتبار عدم إبلاغ جميع المسلمين عن التمييز الديني الذي يتعرضون له لأسباب عدة، نجد أن نسبة تصاعد الإسلاموفوبيا ليست بالهينة.
يظهر تقرير عام 2016 الصادر عن مكاتب مكافحة التمييز في هولندا، أن التمييز على أساس العرق احتل 40% من إجمالي حوادث التمييز الذي شهدتها البلاد، تلاه التمييز على أساس العمرالذي بلغت نسبته 10%، وبلغت نسبة التمييز ضد المعاقين وأصحاب الأمراض المزمنة 8%، ومثلها نسبة التمييز على أساس الجنس، ونسبة التمييز على أساس التوجهات الجنسية.
وتندرج العناصر السابقة في إطار ما يطلق عليه التمييز على أساس عرقي وبيولوجي، وبلغت مجموع نسبتها من حوادث التمييز 74%.
ومقارنة بذلك احتل التمييز على أساس الدين حوالي 7% من حالات التمييز في هولندا، وكان ضحايا حوالي 73% من تلك الحالات من المسلمين.
وفي بلجيكا أظهرت إحصاءات التمييز لعام 2015، أن نسبة التمييز على أساس العرق بلغت 31% من إجمالي حوادث التمييز، تلاه التمييز ضد المعاقين وأصحاب الأمراض المزمنة الذي بلغت نسبته 17%، ثم التمييز على أساس العمر بنسبة 4%، وعلى أساس الجنس بنسبة 4% أيضا.
في مقابل ذلك مثّل التمييز على أساس الدين والنظرة إلى العالم نسبة 13% من إجمالي حالات التمييز.
وجاء سوق العمل على رأس الأماكن التي يتعرض فيها الأشخاص للتمييز في هولندا وبلجيكا، كما يشهد قطاع التعليم الكثير من حالات التمييز في البلدين.
ويظهر عودة انتشار التمييز على أساس عرقي وبيولوجي في أوروبا، أن المجتمعات الغربية ليست "مجتمعات منفتحة" بالقدر الذي تدعيه.
وعلى الرغم من أن النظر إلى الإحصاءات وحدها، يرسم صورة يبدو فيها أن الإسلاموفوبيا تتراجع في مقابل تزايد التمييز على أسس عرقية وبيولوجية، فإن النظر إلى الإطار الأوسع لا يدعم تلك الصورة.
إذ شهدت هولندا وبلجيكا زيادة في عدد حوادث التمييز على أساس الدين في السنوات الأخيرة، ففي حين شهدت هولندا 291 بلاغا عن حالات تمييز على أساس الدين عام 2012، ارتفعت تلك الحالات إلى 350 في السنوات الأخيرة، وفي بلجيكا بلغت تلك الحالات 200 حالة عام 2010، ارتفعت إلى 300 عام 2015.
كما أن عدم إبلاغ المسلمين عن جميع حوادث التمييز التي يتعرضون لها، يعني أن عدد تلك الحوادث أكبر بكثير من المعلن. وتتنوع أسباب عدم الإبلاغ بين عدم معرفة المسلمين بالهيئات التي يتم إبلاغها بتلك الحالات، أو عدم ثقتهم في تلك الهيئات، أو، وهو الأسوأ، اعتياد المسلمين على حوادث التمييز تلك واعتبارها جزءا من حياتهم اليومية.
ولعبت عوامل عديدة دورا في تصاعد كلا من التمييز على أساس العرق والتمييز على أساس الدين في أوروبا في السنوات الأخيرة، وبينها مشاكل الإرهاب والأمن، والأزمة الاقتصادية، وتصاعد البطالة، وتصاعد اليمين المتطرف، والهجرة المستمرة، والمشاكل التي نجمت عن حرية التنقل في أوروبا.