أظهر استطلاع ميداني للرأي بين الجالية العربية المقيمة في إسطنبول، تأييد أغلبية ساحقة منهم للتعديلات الدستورية التي ستجرى في تركيا، وسيتم التصويت عليها في استفتاء شعبي الأحد المقبل.
وأجرت الأناضول استطلاعا ميدانيا شمل عينة عشوائية من 30 عربيا مقيما في إسطنبول، تنوعت مستوياتهم التعليمية والاقتصادية، حيث تتركز معظم الجالية العربية في إسطنبول، وأظهر الاستطلاع تأييد أكثريتهم مشروع التعديلات الدستورية بقولهم "نعم" لها، فيما أبدى مواطن عربي واحد عدم تأييده لهذا التعديلات.
الاستقرار في تركيا، والتطور الحاصل بها، والمحبة الخاصة للرئيس رجب طيب أردوغان، هي من أبرز العوامل التي دفعت المواطنين العرب المقيمين لتأييد هذه التعديلات، فضلا عن معايشتهم للتطور الحاصل في تركيا، والاستقرار السياسي والاقتصادي فيها.
وتشير أرقام غير رسمية إلى تواجد نحو 4 مليون عربي مقيم في تركيا، منهم نحو 2.7 مليون من سوريا، و300 ألف من العراق، فضلا عن جاليات مصرية ويمنية وليبية، ومقيمين من دول عربية أخرى، بينها الخليج والمغرب العربي، فيما يبلغ عدد السائحين الزائرين أقل من 10 مليون سائح سنويا، وفق تقديرات مصادر إعلامية تركية.
وفي 21 يناير/كانون الثاني الماضي، أقر البرلمان التركي مشروع التعديلات الدستورية، الذي تقدم به حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ويتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.
كما تشمل التعديلات المقترحة زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح للانتخابات العامة من 25 إلى 18 عامًا.
ولإقرار التعديلات الدستورية، ينبغي أن يكون عدد المصوتين في الاستفتاء الشعبي بـ"نعم" أكثر من 50% من الأصوات (50+1).
المؤيدون من الجالية العربية للتعديلات الدستورية تعددت أسباب دعمهم لها، ففي الوقت الذي قالت فيه ابتهاج السعود من العراق وهي مدرسة "نعم نعم لأردوغان لأنه هو من بنى تركيا والتاريخ التركي الصحيح"، فإن أم أسامة من الأردن أفادت "نعم نحب فوز أردوغان فهو أصلح البلاد ونعيش هنا بأمان".
وكذلك أيد رضوان هاجري من المغرب وهو تاجر، ما سبق بقوله "نعم أردوغان يستحق، وهو رئيس محترم يحب بلده وشعبه"، في دلاله على أهمية شخصية أردوغان، التي لعبت محبته دورا هاما في تأييد الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة.
ولعب بعد الاستقرار السياسي والاقتصادي، وسياسة الأبواب المفتوحة للوافدين إلى تركيا دورا مهما في التأييد أيضا، مثلما قال التاجر السوري نزار بيطار "أتوقع نعم بنسبة 62% فالبلد تسير للأمام، وستبقى كذلك، والحكومة الموجودة تدعمنا جيدا".
وذهب إلى ذلك الصيدلاني السوري حسام حميدان، بقوله "نعم، فأنا مقيم هنا من 4 سنوات، ورأينا الحكومة قدموا الخير للبلد ومن جاؤوا له، وقرأت ثنايا التعديلات وهي لصالح البلاد".
إياد سمير ظافر من اليمن، كشف عن رأيه بأنه "نعم، وأدعم هذا الشيء لأنه لصالح تركيا وهو تعديل لصالح الشعب"، وشاطره الرأي عبدالقادر محمد من الصومال، وذلك بقوله "نعيش هنا ونؤيد الدولة والحكومة التركية والرئيس على التعديلات، نحن نعرف تركيا متقدمة والرئيس عنده القوة لحكم الوطن بقوته وعقله وعلمه".
أما عبد الله رفاعي من الأردن فذهب إلى أن التعديلات سترفع من مكانة تركيا بقوله "نعم، من وجهة نظري الاستفتاء سيدعم تقدم وتطور تركيا، وسيجعلها من مصاف الدول المتقدمة في العالم، وبالتالي ندعم هذه التعديلات".
عمر محمد اسماعيل من اليمن أضاف بعدا آخرا، وهو أنه "مع القرار نعم، لأن تركيا تواجه مشاكل داخلية، والنظام الجمهوري لمواجهة هذه المشاكل أفضل، وإن لم تكن هناك مشاكل داخلية فليس هناك من داع لهذا النظام، والنظام البرلماني أفضل".
وأكد أنه "في حالة تركيا النظام الرئاسي يثبت قوتها".
وإزاء ما سبق، اكتفى غوث أبو سفاقة من فلسطين بقوله "لا أؤيد التعديلات الدستورية"، دون شرح سبب ذلك.
الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، اعتبر أن النسبة الكبيرة من التأييد العربي للتعديلات الدستورية في تركيا، يعود إلى أن هؤلاء ربطوا قدرهم بتركيا، ويتمتعون بجو من الحرية لم يجدوها في بلادهم.
وفي تصريح أدلى به للأناضول، قال "الجالية العربية المتواجدة في تركيا كانت ضد الإنقلاب (15تموز/يوليو الماضي) في السابق، وحاولوا إفشاله لأنهم يتعلقون بتركيا وبمستقبلها، ويرون بأن مستقبلهم من مستقبل تركيا، وقوتهم من قوة تركيا".
وأضاف أنهم "لذلك فهم متعلقون بتركيا، ويؤيدون رئيس الجمهورية، وهو الذي أفسح المجال للقادمين من كل البلاد العربية، من سوريا والعراق ومصر واليمن وليبيا وغيرها".
أوزجان شدد على أن "هناك محبة لتركيا ورئيس جمهوريتها، فهي عهده تم قبول المشردين من أرضهم ووطنهم، ووفاء لهذا، واستمرارا لنفس النهج فيؤيدون هذه التعديلات الدستورية".
وعن الأسباب الأخرى التي تجعلهم يؤيدون طرح التعديلات الدستورية، ذهب إلى أن "تركيا بلد مفتوح وتتمتع بالحرية الكاملة، وليست هناك تعقيدات كثيرة حول الحريات العامة وحرية التعبير، فيتمتعون بها".
وأردف "حرية التنقل كذلك مهمة، فالانتقال بين البلدان العربية فيها مشاكل للمواطنين العرب، وتضييق عليهم، فيما في تركيا يعيشون بحرية أكبر".
وختم أن التعديلات الدستورية إن أقرت بنتيجة الاستفتاء "فربما تتسارع خطوات اتخاذ القرار في تركيا، مما يؤدي ربما إلى تقريب وجهات النظر بين تركيا والعالم والعربي، والتواصل أكثر بين الطرفين".