هناك رؤساء ومرؤوسون حيث يعيش الإنسان. الضرورات التي تأتي بالعيش الجمعي توجب القواعد وثمة أسس قدمتها للبشرية الإرادة الإلاهية. الطليعي الأول للبشرية هو آدم عليه السلام.و جاء بعد عصره رسل الله أيضا. وهذا الرسول سيدنا محمد صل الله عليه وسلم آخرهم. قد اكتملت معه الحلقة. وتم تقديم القرآن بواسطته للبشرية دون أي نقص.
لكل نبي خصائص و طروز بين الناس. لا أحد منهم أصبح لحظة بعيدا عن الجوهر وفكر الحقيقة. هم دوما قد تواجدوا في وسط المشاكل و سعوا لحماية الناس من الوحل الذي وقعوا فيه وأثبتوا كونهم مع المعروف والجميل. كل الأنبياء قد واجهتهم الصعوبات وتعرضوا للظلم.
موضوعنا الأساسي هنا "البشرية" عامة و"المسلمون" خاصة أو طرز المسلمين في الحكم و كونهم أصحاب جوهر حضارة الحقيقة. هذا غايتهم. تتغير الظروف والفصول والذي يغيرها الإنسان. الإنسان يحاول أن ينشئ عالما حول نفسه. في تراثنا الفكري إذا تم هناك اللقاء سواء كان هناك دولة أو لا أو إذا هناك نية لتقديم شيء؛ ينصب أحد رئيسا للحيلولة دون الفوضى ويتم الالتفاف حوله.هذا لتنظيم حركتهم والتصدي لاحتمال حدوث الفوضى. هذا موقف تقليدي في أي مكان يشهد وجود المسلمين. هذا لا يعني تميز فرد. بل هذا منهج يعتمد على المشورة و القبول.
أما الحقبة التي نعيش فيها؛ تأثير المؤسسات أكبر من الطراز الذي تحدثنا عنه. ثمة طراز الحكم يسمى "ديمقراطية". المسلمون يتواجدون داخل هذه المؤسسة. منطق هذه المؤسسة وروحها تكسب خاصية التفرقة أو خاصية تعتمد على قوة قمعية. مهما كان هناك مسؤولون قد تولوا المناصب بأصوات الشعب لا يكون عادة للشعب ولا الكتل حق الكلام بعد الانتخابات. لا يمكن التحدث عن هذا الموضوع أصلا. يتم الضغط على انزعاجات الشعب وردود أفعاله وفق هذه المؤسسة. يقوم المسؤولون باجبار فئات المجتمع كلها على تقبل وجهات نظرهم. وفي هذه المؤسسة يكون حق الكلام للفئة القوية. يجعل كل من يتسلم مقاليد الحكم عقليته مسيطرة. وفي هذه النقطة؛ الإنسان ليس مهما بسبب ثقل روح المؤسسة الخاصة بها. هذه الروح تشبه الناس بنفسها وترسم لهم الطريق.
لا يكسب إسلام الشخص أهمية كبيرة داخل هذه المؤسسة. المسؤولية الحقيقية للمسلم أن يعيش حضارة الحقيقة و فكريته وفقا لمضمونها. هذا شيء سيقرب الناس من جوهر الإسلام. لا يمكن أن يكون بين المسلم والنظام الجاري أي تلاؤم ، لأن هذا ليس أسلوب عيش المسلم. الذين تسحقوا بين تروس الرأسمالية لا يتخلصون بسهولة. أكثرالقوة الفاعلة في هذا النظام هي رأس المال. والديمقراطية أداتها؛ بها يتم تفتيش الناس والسيطرة عليهم وتوجيههم. وهم في حالة التسكع بين تروس هذا النظام و يعيشون قدر اللازم.
يصعب الحفاظ على الشخصية المسلمة. ابتعاد سعيد نورسي رحمه الله عن السياسة والضغوط والقمع كان محاولة التخلص الفردي. وكان هذا طريقا ونهجا داخل هذه الظروف. وهناك نجاح قد حصل نوعا ما. يعتبر التأقلم مع هذا النظام والتواجد فيه والتنازل عن القيم لتولي الحكومة ضعفا لإيمان الشخص. يصبح الشخص ترسا من تروس هذا النظام. أول شيء يقوم به المسلم هو أن يبقى متمسكا بالحقيقة.