بصفحات يبلغ طولها 80 سم وعرضها 60 سم، وعلى مساحة قماش تصل لـ210 مترا مربّعا، ووزن قارب الـ200 كيلوجرام، استضاف جناح القسم العربي بمعرض الكتاب الدولي بمدينة إسطنبول، أحد أكبر المصاحف المطرزة في العالم.
المصحف الشريف تمّت حياكته بطريقة غير المعتاد عليها، ويحتوي على 12 مجلدا، مطرّزٌ بداخلها نحو 425 صفحة من القرآن الكريم بالرسم العثماني، على يد الخطاط السوري "ماهر الحاضري" الذي استغرق العمل فيه نحو 12 عاماً، ليبهر زوار المعرض، الذي اختتم فعالياته أمس الأحد.
وفي مقابلة مع "الأناضول"، قال الحاضري إن "القرآن الكريم كُتب بجميع الطرق، وعلى الورق والجلد وبالحبر والريشة، وأحببت بتغيير الفكرة من خلال حياكة آيات الله بالتطريز على القماش، ومن هنا كانت بداية الفكرة بالنسبة لي".
وأضاف الحاضري: "كان حلمي منذ الصغر كتابة القرآن الكريم بالقلم، كوني خطّاطاً، ولما تعلمت التطريز قمت بتحويل الفكرة من الكتابة على الورق، إلى التطريز على القماش".
وتابع: "قمنا بكتابة المصحف عبر الإبرة والخيط، واستغرق منا 12 عاما، وقمت بتطريزه لوحدي في مدينة حمص (وسط سوريا)، من عام 1998، حتى 2010".
وعبّر الفنان قائلاً: "تعلمنا خلال حياكتنا للقرآن الكريم مفهوم الصبر الجميل، حيث كان شعورنا منذ البداية أن عملنا لن يتم، لأنه يحتاج كثيراً من الجهد والتدقيق والتنظيم، والعمل بطريقة احترافية، لكنه وبفضل الله تمّ على أحسن وجه".
وحول أجزاء القرآن المطرّز، شدّد على أن "المصحف يحتوي على 12 مجلدا، في كل واحد منها نحو جزئين ونصف من القرآن الكريم (ما يعادل نحو 50 صفحة في المصحف العثماني)، وتحتوي الأجزاء على 425 صفحة، وقمنا بتطريز المصحف على القماش من خلال الرسم العثماني".
ويبلغ وزن المصحف- بحسب الحاضري- نحو 200 كيلوغرام، وقياس الصفحة الواحدة حوالي 80 سم طولا و60 سم عرضا، فيما وصل مساحة القماش الذي طرّز عليه قرابة 210 مترا مربّعا، مقسم على الـ٤٢٥ صفحة (كل واحدة مساحتها نحو نصف متر مربع).
وحول المدة الزمنية، التي استغرقها الفنان السوري للخروج بالمصحف في شكله النهائي، قال الحاضري: "استغرقت حياكة الكلمات نحو 8 سنوات مع تنقيطها بالنقاط، وتلا ذلك تدقيق لغوي نحو سنتين عند العديد من مشايخ وقرّاء الشام، كالدكتور مصطفى الجليلاتي، وبعد ذلك تجليد المصحف واستغرق سنتين أيضاً".
وأردف قائلا: "لم نكن متفرغين بشكل كامل لإنجاز هذا العمل، وحينما كنت أجد الوقت بعد العمل أقوم بالحياكة، حيث كان عندي معمل تطريز إلكتروني أقوم بحياكة الألبسة الإسلاميةّ".
وفيما يتعلق بهبة المصحف الشريف، أكد الحاضري أنه عُرض عليه ملايين الدولارات مقابل ذلك، لكنه رفض، لرغبته في أن يعطيه إلى متحف إسلامي للمحافظة عليه، لافتا إلى أن ذلك "يرجع كوننا لا نريد أن يتحول المصحف الشريف إلى سلعة تجارية".
وأشار الحاضري إلى أنه "بعد أن انتهيت من كتابة المصحف الكريم، وجدت إعجاباً من قبل الناس بهذا العمل، فقمت حينها بكتابة أحاديث الأربعين النووية كاملة، وبعدها قمت بتطريز حكم الإمام علي، وبعدها وصايا لقمان لابنه، والعديد من الكتب والكتيبات الأخرى".
ونوه إلى أن هذه المرة السابعة التي يعرض فيها هذا المصحف بتركيا، وسبق ذلك عرضه في لبنان وقطر والكويت والإمارات.
واختتمت، أمس الأحد، فعاليات معرض إسطنبول الدولي للكتاب، الذي انطلق الجمعة، وشهد نحو 22 جلسة حوارية لمثقفين وسياسيين وأدباء وشعراء عرب دعتهم وزارة الثقافة التركية.
وحظى المعرض برعاية إعلامية من قناة "TRT" العربية ودعم من "وكالة تنمية إسطنبول"، وتعاون في تنظيمه جمعية واتحاد الناشرين الأتراك.
وشارك في المعرض أكثر من 100 دار نشر عربية، حاضرةً في الجناح العربي بالمعرض للعام الثاني على التوالي، قدمت من نحو 14 دولة منها لبنان وفلسطين والكويت والسعودية وتونس والعراق والأردن.