رغم التعاسة والفقر والخوف والحرمان الذي يعيشه أطفال المخيمات في سوريا، هناك دائما متسع للابتسامة والفرح، يزيح عنهم ولو قليلا همومهم وأحزانهم.
وكما أن للخوف صُناعا تسببوا بنزوح هؤلاء الأطفال مع أسرهم من بيوتهم، واتخاذهم للخيام مساكن بعد استهدافهم بالقصف، فإن هناك في الوقت نفسه صُناعا للفرح يعملون على إخراج الأطفال من جو الحرب، وجعلهم يعيشون بعض لحظات طفولتهم.
المهرج المتنقل، هو أحد صناع الفرح جنوبي سوريا، وسمي المتنقل لأنه يتجول في المخيمات العشوائية في مختلف مناطق الجنوب في محافظتي درعا والقنيطرة، ومعه أدوات بسيطة، حيث يقدم عروضا مضحكة للأطفال.
ينتظر الأطفال المقيمون في مخيمات النزوح بريف درعا والقنيطرة، دائما، لحظة وصول "المهرج المتنقل" إلى مخيمهم لقضاء وقت مليء بالفرح والبهجة بعيدا عن أجواء الحرب والخيمة المظلمة.
وينتقل المهرج بين المخيمات بحافلات التعليم المتنقلة، ويمضي يومه بينها، ينهي عرضا في أحدها، ثم ينتقل إلى مخيم آخر فيبدأ عرضا جديدا فيه.
وحافلات التعليم المتنقلة، هو أسلوب ابتدعته بعض المنظمات الإنسانية في درعا، لتعليم الأطفال في المخيمات العشوائية التي تفتقد المدارس، وتعاني ظروفا إنسانية صعبة، حيث تحمل تلك الحافلات مدرسين متطوعين ومقاعد دراسية، وكراسات وكتبا.
وجاءت فكرة المهرج في إطار خطة منظمة "غصن زيتون" الخيرية المحلية (غير حكومية)، لتحسين ظروف التعليم في مخيمات النازحين، ضمن حملة "العودة إلى التعليم".
وقال أبو حسين، الذي يمثل شخصية المهرج، في حديث للأناضول، إن فكرة المهرج بدأت حديثا بعد تجريب شخصيات مماثلة مثل الحكواتي والمسحراتي، إلا أن المهرج كان الأفضل نظرا لما يرسمه من بسمة على وجوه الأطفال في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.
وأوضح أنه بدأ تمثيل شخصية المهرج بلباس وأدوات بسيطة، مع بعض الحركات المضحكة، وبعد فترة طوّر ذلك وتنوعت لديه الملابس والأدوات والألعاب.
وأشار إلى أن صديقه الذي يغني ويعزف على آلة العود يساعده في تقديم العروض.
يقوم أبو حسين لدى وصوله إلى المخيم بتجهيز نفسه وارتداء زي المهرج، ثم يدخل في صندوق ويتم نقله إلى وسط الساحة التي يتجمع فيها الأطفال ليخرج من الصندوق بشكل مفاجئ، ثم يبدأ العرض على أنغام الموسيقى، فيتفاعل الأطفال معها، ويرقصون ويلهون مع المهرج.
من جانبه، قال الأستاذ عمران الحمد، عضو منظمة "غصن زيتون"، إنه ومن خلال جولة الحافلات المتنقلة، لاحظنا أن هناك حاجة ماسة إلى إضفاء البسمة على وجوه الأطفال، ومنها جاءت فكرة المهرج.
وأوضح أن "المهرج كان له صدى كبير لدى الأطفال؛ نظرا لما يعانيه الأطفال في مخيماتهم، ويساعدهم ذلك إلى جانب وجود حافلات التعليم المتنقلة، على العودة للتعليم، والتمتع بأبسط حقوقهم التي حُرموا منها بسبب الحرب وقساوة الحياة".
وتنتشر على طول الشريط الحدودي مع الأردن في محافظة درعا، والجولان المحتل من قبل إسرائيل في محافظة القنيطرة، عشرات المخيمات التي يقطن فيها آلاف النازحين الذين فروا من العنف الذي يسببه قصف النظام السوري والطائرات الروسية.
وتعيش تلك المخيمات ظروفا إنسانية صعبة، ويفتقد معظمها للمدارس، وسط غياب كبير للمنظمات الإنسانية عنها.