أنهى الرئيس الجزائري اليوم الجمعة حالة الترقب بشأن موعد انتخابات الرئاسة، لكن القرار سيكون محطة لبداية جدل جديد حول مستقبله السياسي قد يدوم أكثر من شهر آخر.
أصدر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اليوم مرسوما، حدد بموجبه 18 أبريل / نيسان القادم موعدا لانتخابات الرئاسة، وذلك وفقا للمادة 136 من القانون الانتخابي الذي يقضي بضرورة صدوره قبل تاريخ الاقتراع بـ 90 يوما.
كما تنص المادة 135 من نفس القانون على إجراء انتخابات الرئاسة تجرى خلال 30 يوما التي تسبق انتهاء ولاية الرئيس، علما أن بوتفليقة أدى اليمين الدستورية رئيسا لولاية رابعة من خمس سنوات في 28 أبريل / نيسان 2014.
وأنهى هذا القرار جدلا وترقبا في البلاد دام أسابيع، بعد تداول تسريبات وكذا دعوات من سياسيين إلى تأجيل انتخابات الرئاسة، وتمديد ولاية بوتفليقة عاما أو عامين، "من أجل فسح المجال للتوافق" حول المرحلة المقبلة.
وظلت السلطات الرسمية في البلاد تلتزم الصمت إزاء القضية رغم اقتراب الآجال القانونية لنهاية ولاية الرئيس الرابعة في أبريل / نيسان القادم.
وأمس، لمح وزير الداخلية نور الدين بدوي في تصريحات صحفية إلى أن الانتخابات ستجرى في موعدها، مؤكدا أن إدارته جاهزة لهذا الموعد من الجوانب اللوجيستية.
وستشرع وزارة الداخلية يوم 23 يناير / كانون الثاني في مراجعة قوائم الناخبين تحسبا لهذا الموعد.
ويعد استدعاء الناخبين لهذا الموعد بمثابة تاريخ فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية وفق المادة 140 من القانون الانتخابي، وتدوم العملية 45 يوما ابتداء من اليوم الجمعة.
كما يعد هذا القرار محطة لبداية جدل وترقب من نوع آخر يتعلق بالمستقبل السياسي لرئيس الجمهورية، وهل سيتقدم لهذا الاقتراع أم يعلن انسحابه وعدم الترشح؟
واعتاد الرئيس الجزائري منذ وصوله الحكم عام 1999 على تأجيل إعلان موقفه من سباق الرئاسة إلى آخر لحظة من المهلة القانونية لإيداع ملفات الترشح لدى المجلس (المحكمة) الدستوري، أي إلى غاية مطلع مارس القادم.
ويعد تقدم بوتفليقة للسباق من أجل الظفر بولاية خامسة بمثابة "حسم السباق" مسبقا، كون الرجل الذي يقود البلاد منذ عشرين سنة يحظى بدعم أكبر أحزاب ومنظمات البلاد، وكذا أكبر تجمع لرجال المال والأعمال في البلاد (منتدى رؤساء المؤسسات).
ومنذ نهاية عام 2018، غيرت أحزاب الموالاة من خطابها السياسي تجاه مسألة ترشح الرئيس لولاية جديدة، فبعد أن كانت تنادي بعهدة خامسة له، أصبحت تدعو إلى "الاستمرارية" بشكل أعطى انطباعا حول إمكانية عدم ترشح بوتفليقة في هذه الانتخابات، ودخول مرشح آخر للنظام الحاكم مكانه.
وتلتزم الشخصيات السياسية ذات الوزن الثقيل في الجزائر الصمت بشأن موقفها من هذا السباق، وبدا أنها تنتظر موقف الرئيس النهائي من الترشح لولاية خامسة، حيث يرفض أغلبهم الترشح في حال وجود بوتفليقة.
ولخص سعد بوعقبة، كاتب الرأي الشهير بالجزائر، هذا الوضع في عمود بصحيفة الخبر صدر قبل أيام "أن الغموض مسألة مقصودة من السلطة".
والسبب بحسبه هو "لتقويض أي احتمال يمكن أن يقدم عليه خصوم السلطة، وبذلك تقوم السلطة بإعداد الانتخابات في جو من السرية لا تعرفها إلا السلطة؟!".
وبحسبه "الآن كل شيء غامض وأعين الناس شاخصة (..) هل يقوم الرئيس باستدعاء الهيئة الناخبة أم لا؟! وبعدها ستشخص الأبصار نحو شهر فبراير، حيث نهاية فترة الترشح، هل يترشح الرئيس أم لا؟! ومن سيترشح مكانه كممثل للسلطة في حالة ما إذا لم يترشح الرئيس؟!".
من جهتها، كانت حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في الجزائر) قد أعلنت قبل أسابيع أنها ستقاطع الانتخابات في حال ترشح الرئيس لولاية خامسة، وفي حالة العكس تبحث دعم مرشح توافقي مع المعارضة أو تقديم مرشحها.
ودخول بوتفليقة السباق مجددا سيجعل منه نسخة طبق الأصل لانتخابات 2014، التي فاز فيها بأكثر من 80 بالمائة من الأصوات، وناب عنه قادة أحزاب الموالاة في تنشيط حملته الدعائية بسبب وضعه الصحي.
وعام 2013، تعرض بوتفليقة لجلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة، لكنه واصل الحكم حيث يظهر نادرا في التلفزيون الرسمي خلال استقبال ضيوف أجانب، أو ترؤس اجتماعات لكبار المسؤولين، إلى جانب رسائل لمواطنيه في المناسبات الوطنية والدينية.