قبل نحو عام اضطر الطفل السوري، محمد نور، للخروج من مدينته حلب (شمال)، بعد أن خسر فيها ساقه اليمنى وجاع كثيرا، جراء قصف قوات النظام للمدينة وحصارها.
وصل نور (10 أعوام) حينها إلى مدينة إدلب المجاورة، حيث يعيش على حلم العودة إلى مدينته، التي ما يزال يحبها رغم كل ما عاناه فيها.
وهجر النظام عشرات الآلاف من سكان حلب إلى إدلب بعد الت، بمساندة جوية روسية، في أحياء كانت تسيطر عليها المعارضة، وحصار من تبقى من سكان هذه الأحياء في مساحة ضيقة من المدينة.
** حصار وتهجير
أضافت الحرب والإعاقة إلى عمر الطفل السوري سنين عديدة، فصار يتكلم بلغة الرجال، ويحكي تجربته المريرة في مدينة قضى نصف عمره الحقيقي فيها تحت القصف، وتخللها فترات حصار طويلة.
نور قال للأناضول: "خرجت من حلب منذ عام، لأسكن أنا وأهلي في إدلب، بعد أن أخرجنا النظام منها مجبرين إثر حصار طويل".
ورغم معاناته في حلب أضاف: "لكن سنعود إليها، فحلب مدينة جميلة لا ينساها من عاش فيها، ومن يزورها يتمنى أن يعود إليها، وسنعود لها بالقوة أو بالاتفاق".
وشرح نور كيف عاش في حلب أصعب لحظات حياته: "لا أنسى صوت الطيران حين قصفنا أنا وأصدقائي بينما كنا نلعب الكرة في الشارع، فسمعنا دوي صاروخ فجأة، لأفقد ساقي إثر إصابتي، كما أصيب أحد أصدقائي في رأسه وآخر في كتفه".
** كرة ال من جديد
من دون مساعدة يرتدي نور رجلا اصطناعية محل ساقه التي بترت إثر إصابته بأحد صواريخ النظام، التي كانت تنهمر على حلب.
وفوق هذه الساق يلبس البنطال، ويتجهز ليذهب للعب الكرة مع أصدقائه من جديد، دون أن يفقد الأمل في الحياة أو يستسلم لما أصابه.
وخلال حديثه مع الأناضول تمنى مرات عديدة أن يعود إلى حلب، وكأن أحلامه وأمنياته تنحصر في اشتياقه إلى مدينته وشوارعها ومدرسته وحيه، واللعب مع أصدقائه.
وقال نور: "صحيح أننا خرجنا من حلب مجبرين، إلا أن ساقي بقيت هناك وأصدقائي، الذين قتلوا بالقصف دفنوا هناك، أتمنى أن أعود إلى منزلي، وأن تعود الأيام الجميلة التي عشناها في حلب".
** جوع وقصف
ويتذكر الطفل السوري رحلة الحصار التي عاشها، قبل أكثر من عام، في حلب، إضافة إلى الجوع الذي عاناه هو وأسرته، فضلا عن القصف المتواصل.
وقال نور: "كنا كلما انتقلنا من منزل إلى آخر يقصفه النظام، لقد نزحنا خمس مرات، وفي كل مرة كنا لا نعلم إلى أين نذهب فالنظام يقصف كل المناطق".
قبل تهجيره من حلب، ورغم إعاقته، كان نور يلعب من رفاقه، وحين يتعبون من اللعب كانوا يستريحون على تلة يراقبون ألسنة الدخان المنبعثة من بين المباني السكنية جراء القصف.
ورغم اعتياده عليها لم يخف حزنه على الإعاقة، وتمنى أن يعود مثل بقية الأطفال، يركض ويلعب بقدمين.
لكنه ختم صابرا بقوله: "أحمد الله على ما أصابني، واحتسب مصيبتي حسنات في ميزان أعمالي".