قال رئيس البرلمان الباكستاني، ساردار آياز صادق، إن العلاقات بين بلاده وتركيا تخطت مرحلة "الصداقة" وباتت بمثابة علاقة "العائلة الواحدة".
وفي مقابلة مع الأناضول، في العاصمة التركية أنقرة، قال صادق:: "لا يمكنني وصف العلاقة بين باكستان وتركيا، فهي واحدة من أصعب الموضوعات التي يمكنني الحديث عنها؛ هي علاقة مفتوحة بلا أجندة ولا نماذج محددة، علاقة صراحة، وولاء، وصداقة".
وتابع: "العلاقات بين شعبي وحكومتي البلدين ممتازة، لذا ما نبحث عنه الآن الوصول بالعلاقات البرلمانية بينهما إلى هذا المستوى أيضًا، من أجل تحقيق مزيد من الاتحاد، ومن أجل مستقبل الأجيال القادمة."
وصادق، الذي يزور أنقرة ضمن وفد يمثل الحكومة الباكستانية والأحزاب المختلفة، أشار إلى أن توقيع الاتفاقيات لم يعد يشغل الطرفين، مؤكداً أن الأهم حالياً هو بحث ما لم يتم تنفيذه من الاتفاقيات السابقة.
ووفقًا لتصريحات الرجل، فإن إسلام أباد تعتمد على النصائح التركية في مجالات الصحة والإدارة المحلية للحكومات، وذلك بالإضافة إلى المشاريع التي توفر فرص العمل للشباب.
ـ سنطهر بلادنا من جماعة "غولن" الإرهابية
التكامل في العلاقات بين أنقرة وإسلام آباد، ظهر أيضاً في الموقف الباكستاني الداعم لموقف الحكومة التركية من جماعة "فتح الله غولن" الإرهابية.
فقد أكد صادق، أن رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، ورئيس حكومة إقليم البنجاب (شرق)، محمد شهباز شريف، يوليان أهمية كبرى تجاه "المسألة التركية"، واستعدادهما لتطهير الأراضي الباكستانية من تلك الجماعة، ومؤسساتها المشبوهة.
وقال صادق إن بلاده بدأت بالفعل بإخراج عناصر جماعة "غولن" من البلاد، وذلك بعد رفض المحكمة العليا في إسلام آباد اعتراضاً تقدم به أعضاء المنظمة الإرهابية، على قرار الحكومة الباكستانية بترحيل المعلمين في مدارس التابعة للجماعة من باكستان، بتهمة مشاركتهم في ارتكاب جرائم.
وأضاف: "غادر البلاد 48 معلماً من أصل 108 كانوا يعملون في تلك المدارس، ويستعد البقية للرحيل، لأن رئيس الوزراء وعد بأن هؤلاء الأشخاص سيرحلون من باكستان، وستنتهي هذه الجماعة."
وشدد صادق على أن جماعة "غولن" لم تعد تشكل تهديدًا سواء لتركيا أو باكستان، بفضل عمليات ترحيلهم وإغلاق مؤسساتهم.
ـ دول مسلمة قوية
ورداً على سؤال حول موقف المجتمع الدولي المعادي لأنقرة، اعتبر صادق أن القوة الاقتصادية التي تمتلكها تركيا، وصعودها كدولة مسلمة واعدة، هي أسباب ظهور عداوة من بعض الدول تجاهها.
وتحدث المسؤول الباكستاني عن موقف بعض الدول من الاستفتاء المقبل على الدستور التركي قائلًا: "هذا الاستفتاء شأن داخلي تركي، ولا يحق لأحد التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، لكن المشكلة أن تركيا دولة واعدة، ذات اقتصاد قوي، وتكافح الإرهاب، لذا فإن نجاحها ترفضه عدد من الدول."
وعقد صادق مقارنة بين تركيا وباكستان، لافتًا إلى أن "الحالة متطابقة"، وأضاف: "الكثير من الدول لا تتقبل فكرة الدولة المسلمة الناجحة، لذا هم لا يرحبون بتركيا، ولا بباكستان التي بدورها تعد دولة مسلمة، ونووية، ونجحت في مكافحة الإرهاب."
ـ شؤون باكستانية
وبالانتقال إلى الشؤون الباكستانية، تحدث صادق عن النزاع الباكستاني الهندي في إقليم "كشمير" ذو الأغلبية المسلمة، قائلًا إنه لم يحدث تحول كبير في مسار الأوضاع ولا في عمليات إحلال السلام.
ولكن في المقابل، نوه صادق إلى اتجاه الهند لاستخدام عدد من الأسلحة الحديثة في هذا النزاع، أدت بدورها إلى إحداث الكثير من الإصابات في صفوف المتظاهرين في الشطر الذي تسيطر عليه من الإقليم، وتحديدًا الشباب منهم.
وفي هذا الإطار، أثنى صادق على موقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تجاه القضية، ودعوته لأن يتم حل الأزمة وفق قرارات الأمم المتحدة في أقرب وقت.
"كشمير قضية طويلة فقد بسببها آلاف المواطنين حياتهم، وأعتقد أن الوضع في كشمير لم يتغير، لأن الأمم المتحدة ما زالت غير قادرة على الوفاء بمسؤولياتها"، يتابع صادق، متهمًا المجتمع الدولي بالتخاذل في نصرة المسلمين في شتى بقاع الأرض: "المسلمون يتم قتلهم في أماكن متفرقة من العالم؛ في أوروبا؛ وأماكن اخرى؛ ودفاعاً عن كشمير، لكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لا يتحدثان عن حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالمسلمين."
واستكمالًا للحديث عن الصراع على كشمير بين باكستان والهند، وأبعاده المتعلقة بمنابع الأنهار في الإقليم الغني، طالب صادق الهند بعدم دفع بلاده إلى مساحة تقل فيها الخيارات، محذراً: "باكستان والهند دولتان نوويتان، وإن لم نجد ما نأكله أو توقفت المياه، فإن ذلك سيكون تهديداً للبلدين، وستحدث كوارث، لذا على الهند أن تكون مسؤولة، وتلتزم بالاتفاقيات والمعاهدات."
وتعليقاً على قرار نيودلهي الإخير إغلاق الحدود مع باكستان، قال صادق: "إن الحدود في الواقع مغلقة، وعدد محدود جداً من التأشيرات يتم منحها للهنود الراغبين في القدوم إلى باكستان، والعكس صحيح، كما أن الوضع ذاته قائماً على صعيد المعاملات التجارية، لذا فلا أفهم ما يعنيه القرار الهندي بإغلاق الحدود كليًا."
وعلى صعيد آخر، أعلن صادق، عن دعم بلاده الكامل للشعب الأفغاني، وإصرار الحكومة الباكستانية على الوقوف بجانب أفغانستان من أجل تحقيق الاستقرار "بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات".
يأتي ذلك بعد أيام من أمر رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، بإعادة فتح المعبرين الحدوديين الرئيسين مع أفغانستان بعد غلقهما الشهر الماضي، عقب سلسلة هجمات ألقت إسلام آباد، اللوم فيها على متشددين ينشط عملهم عبر الحدود.
وقال صادق: "فتح الحدود بين باكستان وأفغانستان قرار جيد للطرفين، باكستان دولة جارة لأفغانستان، وتحترم معاناتها، ونريد الاستقرار فيها، لأن في حالة عدم وجود استقرار في أفغانستان، لن يكون هناك أي استقرار في إيران أو تركيا أو أي دولة مجاورة."
أما بخصوص العمليات الإرهابية التي قد تضرب باكستان بسبب الإرهاب القادم من أفغانستان، رأى صادق أنه في حالة تعرض الإرهاب المتواجد خارج أفغانستان لأهداف داخل باكستان، فلابد من التصدي له بطريقة حضارية راشدة، لوجود حاجة ملحة لعمل البلدين معاً.
وأضاف: "كل ما نريده هو أن يلتزموا تجاهنا، كما سنلتزم تجاههم"، معتبراً أن اتجاه باكستان لبناء جدار عازل مع أفغانستان يعتمد على مستوى القدرة الباكستانية في التحكم بحدودها بشكل كامل، موضحاً: "لم نجد أي طريقة أخرى لوقف الإرهاب القادم إلى باكستان، لذا كان علينا اتخاذ عدة إجراءات من بينها الجدار العازل مع أفغانستان، والذي سيكون جيداً لنا، وسيساعدنا على التحكم بهذه الحدود."
يُشار إلى أن هذا الجدار، الذي أعلنت إسلام أباد عن البدء بإنشائه في أجزاء من المناطق الحدودية، نهاية فبراير/شباط الماضي، قد يكون "مكهرباً"، بحسب ما ذكر رئيس البرلمان الباكستاني.