قال رئيس الشؤون الدينية في تركيا محمد غورماز، إن المجلس الأعلى للشؤون الدينية في تركيا قام، بطلب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بفحص ودراسة الخطاب الديني لزعيم منظمة فتح الله غولن الإرهابية وكتاباته خلال 40 عاما، وتوصل إلى نتائج هامة سيتم نشرها قريبا.
وفي تصريحات للأناضول أوضح غورماز، أن ثلاث لجان للمجلس قامت بدراسة جميع كتب فتح الله غولن، وجميع خطاباته وكلماته التي بلغت مدتها حوالي 660 ساعة، والمجلات التي أصدرها، والمقالات التي كتبها.
وأضاف غورماز أن الدراسة أظهرت نوعية الخطاب الديني الذي يستخدمه زعيم المنظمة الإرهابية فتح الله غولن، وكيفية تعارضه مع الإسلام في عدد من الجوانب، مشيرا أن الدراسة انتهت الأسبوع الجاري، وسيتم نشرها قريبا وترجمتها إلى عدة لغات.
وكشف غورماز أن الدراسة أسفرت عن ثلاث نتائج هامة، الأولى أن المجلة الأولى التي أصدرتها المنظمة والتي حملت اسم "سيزينتي" وتعني التغلغل، يعبر اسمها عن الأسلوب الذي تنتهجه المنظمة والمتمثل في التغلغل ليس فقط في الدولة، والشعب، والهيئات، والمؤسسات الدولية، والدول، وإنما أيضا التغلغل في الدين والقيم الإيمانية، وفي أذهان الشباب.
ولفت غورماز أن فتح الله غولن كان يدعي أنه على صلة بالله، والأنبياء والرسل، والملائكة، والشخصيات التاريخية، ويعمل من خلال ذلك على زيادة ارتباط أنصاره به، وعلى أن يسلموا له قلوبهم وعقولهم.
وفيما يتعلق بالنتيجة الثانية قال غورماز إنها تتمثل في أن فتح الله غولن كان يصور الجماعة التي تتكون من مؤيديه على أنها جماعة مختارة بل وحتى مقدسة، لدرجة أنه استخدم وصف "جماعة الله" للحديث عنها عدة مرات.
- خطاب ديني هجين
وتتمثل النتيجة الثالثة، وفقا لغورماز، في أن فتح الله غولن بدأ منذ تسعينات القرن العشرين في استخدام خطاب ديني هجين يخلط بين اليهودية والمسيحية والتصوف اليوناني والهندي.
واعتبر غورماز أن على كليات الشريعة وأصول الدين وأقسام علم النفس في الجامعات أن تدرس هذه المسألة من مختلف جوانبها وأن تركز على كيفية تصحيح هذه الأخطاء.
وأشار غورماز أن رئاسة الشؤون الدينية نظمت وتنظم عبر برامج الوعظ والإرشاد وبرامج التعليم الديني، العديد من البرامج من أجل الحيلولة دون انتشار هذه الأفكار في المجتمع، وتوضيح خطأ الخطاب الديني المتمحور حول الأشخاص.
وقال غورماز إنه سيتم مشاركة النتائج التي توصلت إليها دراسة المجلس الأعلى للشؤون الدينية في تركيا، مع العلماء والمؤسسات الدينية في أنحاء العالم، مؤكدا أن الدراسة تعد مرجعية يمكن الاستناد عليها لإجراء المزيد من الدراسات.
- تخريب مفاهيم الإسلام
وشدد غورماز أن الحركات والمنظمات الشبيهة بمنظمة فتح الله غولن لم تنشأ من الإسلام وإنما هي حركات ومنظمات أسست من أجل تخريب المفاهيم الإسلامية، وإفساد علاقة المسلمين بدينهم.
وأضاف أن مثل تلك المنظمات الإرهابية تتسبب في ضررين كبيرين، حيث تزعزع ثقة الناس بدينهم، كما أنها تفتح الطريق أمام عدمية جديدة في العصر الحديث، مشيرا أن إصلاح هذه الأضرار ليس أمرا سهلا.
وأشار غورماز أن رئاسة الشؤون الدينية التركية أعادت تعريف مهامها، حيث ستصبح المهمة الرئيسية لها خلال السنوات المقبلة إزالة العقبات التي ظهرت بين الناس، خاصة الشباب، وبين الدين، وذلك عبر جميع فعالياتها وموظفيها.
وفي استرجاعه لما شهدته تركيا ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز/ يوليو الماضي، قال غورماز إنه تلقى خبر المحاولة الانقلابية الفاشلة خلال وجوده في سيارته، ومن ثم سارع إلى تشكيل لجنة أزمة للتعامل مع الوضع، تمثلت أولى قراراتها في ترديد الصلوات المحمدية من مآذن المساجد في أنحاء تركيا لدعوة المواطنين للتحرك لنصرة حقوقهم، وهو ما أصبح من أهم الملامح المميزة لتلك الليلة.
كما أشار غورماز إلى تلقيه رسائل واتصالات دعم من رؤساء الشؤون الدينية في دول عدة ليلة المحاولة الانقلابية، حيث قالوا له أنهم قاموا أيضا بترديد الصلوات من مآذن المساجد في بلادهم، بالإضافة لعقد مجالس للدعاء طوال الليل.
وقال غورماز إنهم قاموا بتحليل ما قيل عن تركيا في خطب الجمعة الأولى بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في أنحاء العالم، ووجدوا أن تلك الخطب تحدثت عن كون ما حدث في تركيا لعبة كبرى للقوى العالمية، وأن المحاولة الانقلابية كانت ستؤثر بالسلب على بلادهم في حال نجاحها.
ونقل غورماز بعض ما قيل في خطبة الجمعة التالية للمحاولة الانقلابية الفاشلة في غزة، حيث قال الخطيب "لوكانت المحاولة الانقلابية نجحت في تركيا الجمعة الماضية، لما كنا نصلي الجمعة اليوم في غزة".
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة "فتح الله غولن" الارهابية، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة "فتح الله غولن"، قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.
ويقيم غولن، في الولايات المتحدة منذ 1999، وتطالب تركيا بتسليمه، من أجل المثول أمام العدالة.