قال رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تونس (مستقلة)، محمد التليلي المنصري، إنه لا عائق أمام إجراء الانتخابات البلدية، في موعدها يوم 6 مايو/ أيار المقبل، وهي أول انتخابات بلدية منذ الثورة الشعبية، التي أطاحت بالرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي (1987-2011).
وأضاف المنصري، في مقابلة مع الأناضول، أنه "لا توجد ضغوطات سياسية تمارس على الهيئة، ولم تؤجل موعدي الانتخابات الأوّل في 17 ديسمبر (كانون أول الماضي) والثاني في 25 مارس (آذار المقبل)".
وشدد على أن "الهيئة لم تؤجل، وإنما مددت أجل إجراء الانتخابات إلى مايو (أيار) المقبل، بهدف استكمال كل الشروط القانونية.. ومن جانب تقني وشكلي وقانوني ليس هناك أي سبب شرعي وجدّي لتأخير الانتخابات مجددا".
* * أسباب تأخير الانتخابات
رئيس هيئة الانتخابات أرجع تأخير الانتخابات إلى "تأخر رئاسة البلاد في إصدار أمر يتعلق بدعوة الناخبين للاقتراع (التصويت)، وهذا السبب كان عائقا أمام إجرائها في الموعدين الأول والثاني".
وتابع: "تعود أسباب التأخير أيضا إلى ظروف داخل الهيئة، منها تأخر عملية تسديد الشغور في منصب رئيس الهيئة وعضوين آخرين، استقالوا في 9 مايو (أيار) 2017".
وانتخب البرلمان، في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، ثلاثة أعضاء جدد في الهيئة، لتعويض المستقيلين، ثم انتخب المنصري رئيسا للهيئة، خلفا لشفيق صرصار، في 14 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الماضي.
ومضى المنصري قائلا: "اليوم جميع الشروط الشكلية والتقنية متوفرة لإجراء الانتخابات في 6 مايو (أيار) المقبل".
وتابع موضحا: "فقد أصدرت الحكومة، مؤخرا، الأوامر (القانونية) المتعلقة بالانتخابات والرزنامة الانتخابية، ونشرتها في الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية)، كما أصدرت الرئاسة أمر دعوة الناخبين للاقتراع، ونشرته في الرائد".
وعن إمكانية تعطّل الانتخابات بسبب تأخر إصدار مجلة الجماعات المحلية (البلديات)، قال المنصري إن "تأخر إصدار المجلة ليس له تأثير على إنجاز الانتخابات، فالقانون المنظم للانتخابات ينصّ على أنه يمكن العمل بقانون الجماعات المحلية لعام 1975، إلى حين صدور المجلة، وبذلك لا يوجد فراغ تشريعي".
ومجلة الجماعات المحلية هي إطار قانوني للانتخابات البلدية، وتحدد صلاحيات واختصاص السلطات البلدية، وكيفية تكوين مجالسها، وغيرها من المهام.
وأردف المنصري: "البرلمان تعهد بأن يصادق على المجلة قبل موعد 6 مايو (تاريخ الانتخابات) وهي لا تزال محل نقاش".
* * استقلالية الهيئة
ونفى رئيس هيئة الانتخابات التونسية أن "تكون الهيئة اتخذت قرار التمديد في موعد إجراء الانتخابات نتيجة ضغوطات، بل اتخذته بالأغلبية المطلقة في مجلسها".
وشدد على أن "قرارات مجلس الهيئة هي قرارات سيادية، ولا وجود لضغوطات من أي طرف كان".
وأضاف: "رأينا أن بعض الشروط من الصعب أن تتحقق لو بقيت الانتخابات في الموعد نفسه (28 مارس/ آذار المقبل)، لذلك مدّدنا الموعد".
وكشف المنصري أن "الإعداد للانتخابات بدأ منذ مطلع 2017، حين تم إقرار الموعد الأول، وهو 17 ديسمبر (كانون أول) الماضي، لكن بعد تأجيلها إلى 25 مارس (آذار 2018) توقف المسار في 10 أغسطس (آب) الماضي، قبل أن يستأنف لاحقا".
وتابع: "نحن الآن في قلب المسار، قمنا بإعطاء موعد تسجيل استثنائي لفائدة الناخبين للتسجيل (من 2 أكتوبر/ تشرين أول 2017 إلى 6 يناير/ كانون ثانٍ الجاري)".
ومضى قائلا: ""لدينا خارطة طريق ومخطط عملياتي للانتخابات، وبصدد التحضير لعملية قبول الترشحات، التي أعددنا لها خارطة طريق واضحة، وسيتم فتح باب الترشحات في 15 فبراير (شباط) المقبل".
** كلفة الانتخابات.. 25 مليون دولار
وحول ميزانية الانتخابات، قال المنصري: "خُصصت للهيئة ميزانية 44 مليون دينار (نحو 18 مليون دولار أمريكي) ضمن ميزانية الدولة لعام 2017، وتعهّدت الحكومة بإكمال مبلغ قيمته 16 مليون دينار (6 ملايين دولار).. كلفة الانتخابات الإجمالية ستكون بحدود 60 مليون دينار (25 مليون دولار)".
وضمن الاستعدادات للانتخابات، انتدب هيئة الانتخابات 1300 عون إداري، إلى جانب أعضاء الهيئات الفرعية في كامل ولايات البلاد، وهم امتداد لمجلس الهيئة المركزي، وعددهم 90 عضوا.
ويتوزع موظفو الهيئة في 27 إدارة فرعية بكامل البلاد، وفق احتياجات كل إدارة فرعية داخل كل ولاية.
وبحسب رئيس هيئة الانتخابات، فإن السجل الانتخابي الخاص بالانتخابات البلدية يضم 5 ملايين و373 ألف و845 ناخبا.
و"خلال مرحلة التسجيل الاستثنائية سجلت الهيئة ألفين و238 تسجيلا إضافيا"، وفق المنصري.
** شروط مجحفة للترشح
ورغم اهتمام القوى السياسية في تونس الكبير بالانتخابات البلدية، إلا أن رئيس هيئة الانتخابات توقع عدم وجود مرشحين في بعض البلديات.
وفسر ذلك بأن "قانون الانتخابات البلدية يتضمن شروطا مجحفة خاصة بمن يرغب في الترشح، إذ لا يمكنه الترشح إلا إذا كان مسجّلا في البلدية التي يريد الترشح فيها".
وتابع: "ومن الشروط المجحفة أيضا وجوب توفر التناصف الأفقي والعمودي بين المرأة والرجل في القائمات الانتخابية المترشحة، والوثائق الواجب تقديمها عند الترشح، كوثيقة الضريبة على الدخل، وأن يكون بين الثلاثة الأوائل من المترشحين في القائمة شاب لا يتجاوز سنه 35 عاما، وأن يكون هناك مترشح حامل لإعاقة جسدية بين العشرة الأوائل في القائمة".
ويقصد بالتناصف الأفقي وجود قائمة انتخابية رئيستها امرأة، وقائمة رئيسها رجل، أما التواصل الرأسي فيعني ترتيب المرشحين في القائمة الواحدة بحيث يكون رجل ثم امرأة أو العكس وهكذا حتى نهاية القائمة.
وشدد المنصري على أن "هذه الشروط الصعبة تفترض التحضير الجيّد والإطلاع الجيد على القانون الانتخابي".
** تصويت القوات الأمنية والعسكرية
وبخصوص مشاركة أفراد القوات الأمنية والعسكرية في التصويت، قال رئيس هيئة الانتخابات إن "مشاركتهم تفرض علينا تنظيم التصويت الخاصة بهم قبل أسبوع من موعد الانتخابات، أي في 29 أبريل (نيسان) المقبل".
وفي يناير/ كانون ثانٍ 2017، أقر البرلمان تعديلا لقانون الانتخابات يسمح للقوات الأمنية والعسكرية بالتصويت في الانتخابات البلدية، للمرة الأولى في تاريخ تونس.
وتوقع المنصري أن "عدد المشاركين (الأمنيين والعسكريين) لن يكون كبيرا".
وأضاف أن "الهيئة ستحافظ على سرية تصويت الأمنيين، لأنها مسألة حساسة وتهم أمن البلاد، ولن يتم نشر السجل الانتخابي الخاص بالقوات الأمنية والعسكرية، بهدف حماية معطياتهم (بيناتهم) الشخصية".
** إرساء الحكم المحلي
وحول تأخر إرساء الحكم المحلي في تونس، قال المنصري إنه "من غير المقبول أن تمر ثماني سنوات دون إجراء انتخابات بلدية (آخرها كانت في 2010)".
ورأى أن "الانتخابات سيكون لها تأثير إيجابي في إرساء الحكم المحلي، وتقريب الخدمات من المواطنين، وإشراكهم في صياغة القرارات، حتى لا يكون القرار مركزيا (بيد السلطة المركزية في العاصمة)".
وختم المنصري بالتشديد على أن "تنظيم الانتخابات البلدية أكثر صعوبة لوجستيا وتنظيميا من التشريعية والرئاسية، لأنها ستنتظم في 350 دائرة انتخابية، مقابل 27 دائرة في التشريعية والرئاسية".