ما زالت أزقة المدينة القديمة بالعاصمة البوسنية سراييفو، تزخر في جنباتها ببيوت تاريخية تنقل زوارها في رحلة عبر الزمن إلى العهد العثماني، وتطلعهم على أدق تفاصيل الحياة داخل المنزل، في تلك الفترة الزمنية التي حكم فيها الأتراك منطقة البلقان.
إذ تبقى بيوت "سفرزو" و"ديسبيك" و"عليا ديرزيليز" في سراييفو شاهدة على التاريخ، بطرازها العمراني الفريد الذي يمزج بين الزخرفة الدمشقية زمن الدولة العثمانية، وملامح العمارة في الإمبراطورية النمساوية المجرية.
بني منزل "سفرزو" من قبل عائلة "غلودجو" الثرية، إلا أنه أخذ اسمه من عائلة التاجر "حميد سفرزو" الذي سكنه لاحقا.
وحاليا، بات هذا المنزل متحفا يستقبل الزوار، حيث يضم ـ كما هو متبع في تقسيمات البيوت العثمانية ـ قسمين، الأول "حرملك" خاص بالنساء، والثاني "سلاملك"، وهو الديوان المخصص لاستقبال الضيوف، إضافة إلى شرفات خشبية.
وفي حديث للأناضول، قال مسؤول متحف سفرزو، أمرا مازدارفيتش: "ليس لدينا أي معلومات عن العام الذي بني فيه منزل سفرزو، إلا أننا نعتقد أنه بني في أواخر القرن الثامن عشر" الميلادي.
أما منزل "ديسبيك" فيحمل اسم أسرة بوسنية مسيحية ثرية، وكسابقة يعد مزيجا من فن العمارة العثماني، والنمط المعيشي للإمبراطورية النمساوية المجرية.
كما تحول هذا المنزل، أيضا، إلى متحف للزوار في الوقت الحالي، حيث تتزين جدرانه بزخارف على طراز البيوت الدمشقية زمن الدولة العثمانية.
كما تحوي جدران المنزل صورا فوتوغرافية لآخر أسرة سكنت المنزل، ويعود تاريخها إلى 112 عاما.
فيما تجد العمارة المسيحية للإمبراطورية النمساوية المجرية واضحة على كافة تفاصيل أبواب المنزل من خلال النقوش والقبضات.
وحول ذلك، قال مسؤول متحف ديسبيك، سناد كوج: "المنزل يمثل نموذجا لتاريخ المدينة، فقد بني وفق فن العمارة العثماني من ضم بقايا منزلين قديمين. ويعرض في الطابق الأرضي
الأدوات المنزلية التي كانت تستخدمها أسرة ديسبيك، ونلاحظ مدى تأثرها بنمط الحياة العثمانية".
أما الطابق الثاني للمنزل، فيبدو فيه "نمط الحياة للإمبراطورية النمساوية المجرية، إذ نجد البيانو، وخزانة ملابس، وملاءات، وأطقم كؤوس لشرب الشاي أحضرت
من مدينتي بودابست (عاصمة المجر) وفيينا (عاصمة النمسا)"، بحسب كوج.
وأشار إلى أن منزل "ديسبيك" استضاف أول عرض مسرحي خاص في سراييفو من قبل المالك "ماكوس ديسبيك".
منزل "عليا ديرزيليز" يعد كذلك من أقدم منازل البوسنة التي ما زالت صامدة حتى يومنا هذا، ويحمل اسم بطل شعبي بوسني.
وحاليا، تشرف على هذا المنزل بلدية مدينة إسطنبول التركية، بحسب اتفاق بين البلدية وحكومة سراييفو.
وبين أحمد نوردوهان، أحد المشرفين على المنزل، أن تاريخه يعود إلى ما بين 400 - 500 عام مضت، وتعرض لأضرار كبيرة خلال حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995.
ولفت إلى أن المنزل يضم قسمين "حرملك" في اليمين، "وسلاملك" في اليسار، وله مدخلان من جهتين مختلفتين.
وبين نوردوهان أن المنزل ما زال يضم مدفأة قديمة، وحوض استحمام في حمام الزوجين.
ولفت إلى أن المنزل شهد عملية ترميم لإصلاح الأضرار التي تعرض لها أثناء الحرب.