فنّد نشطاء أراكانيون مزاعم قائد جيش ميانمار، بأن أقلية الروهنغيا "صنيعة المستعمر البريطاني"، وأكدوا في تصريحات منفصلة للأناضول أن التاريخ شاهد على أن الروهنغيا من السكان الأصليين للبلاد.
والخميس الماضي، نسب إلى قائد جيش ميانمار، الجنرال مين أونغ هلينغ، قوله خلال مقابلة مع السفير الأمريكي سكوت مارسيل، إن المسلمين الروهنغيا ليسوا من السكان الأصليين في البلاد، وإن وسائل الإعلام متواطئة في تضخيم عدد اللاجئين الفارين.
وأضاف الجنرال هلينغ، وفقا لتقرير عن الاجتماع نشر على صفحته بموقع "فيسبوك"، إن "ميانمار لم تدخل البنغاليين وإنما أدخلهم المستعمرون".
ووصف الجنرال الروهنغيا بلفظة "البنغاليين"، التي يعتبرونها انتقاصًا من وضعهم، واعتبر أن المستعمرين البريطانيين هم المسؤولون عن الأزمة.
وردًا على هذه المزاعم، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان عمران الأراكاني، إنه "بعد مجيء البريطانيين لاحتلال المنطقة، قاموا بتقسيمها إلى عدة أقسام، كما فعلوا في عشرات من دول العالم، ونحن كذلك ضحية من ضحايا الاستعمار البريطاني في تلك الحقبة".
وأضاف الأركاني وهو نائب رئيس منظمة حقوقية محلية بإقليم أراكان في حديث للأناضول بإسطنبول، أن "حكومة ميانمار عبارة عن نظام عسكري، وهذا النظام دأب على تضليل الرأي العام ضد الروهنغيين".
وتابع: "اليوم هنالك رواية ميانمارية تسوّق أن الروهنغيين دخلاء، لذلك يقولوا عنهم بنغاليين، وبعض الليبراليين والعلمانيين بدأوا يصدقوا هذه الرواية، ونحن أيضًا إعلامنا كروهنغيين ضعيف".
ومضى قائلًا: "48 ملكًا مسلمًا تعاقبوا على حكم مملكتنا في المنطقة، ونحن أشكالنا وثقافتنا وتاريخنا وأصولنا التي ننحدر من خلالها ولغتنا الخاصة مختلفة عن الغير".
وأردف: "ما زلنا نحتفظ بالعملة الأراكانية، التي يتوسطها عبارة التوحيد، ويحيط بها أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي".
من جانبه، رأى صلاح عبد الشكور، رئيس وكالة أراكان للأنباء، أن "ما تزعمه حكومة ميانمار وقائد الجيش (الجنرال مين أونغ)، ينافي الحقيقة والواقع، وكل كلام التاريخ والدساتير والقوانين، بل مواقفهم أنفسهم، تدل على ذلك".
ونوه إلى أن "العالم كله يعرف أن الروهنغيا هم أقلية في البلاد، مع أقلية بوذية أخرى هناك".
واستدرك موضحًا: "لكن نظرًا لأن الحكومة لا تريد مسلمين في الإقليم، خوفًا من وجود عرقيتين مختلفتين، قاموا بإخراج أقاويل بأن الروهنغيين جاؤوا مع المستعمر البريطاني، وهذا الكلام كله غير صحيح".
وأشار إلى أن "حكومة ميانمار كانت تصدر وثائق للروهنغيين، وكانت تكتب عليها عرقية الروهنغيا، وكانت هناك إذاعة باللغة الروهنغية في ميانمار، بالإضافة إلى الكثير من الكتب التي وثقت من البريطانيين والبرتغاليين، أثبتوا فيها وجود عرقية الروهنغيا، وأنها أصلية في البلاد، وأن لها مئات السنين هناك".
واعتبر عبد الشكور أنه "لو كان الروهنغيين من أصول بنغالية، لكانوا فروا ولجأوا إلى بنغلادش، ومن دون مضايقات أصلًا، ولكنهم الآن يقدمون أكبر مثال في التمسك بأرضهم".
من جهته، قال محمد ياسين، رئيس المركز الروهنغي العالمي، إن الروهنغيين ظلوا لمئات السنين يعيشون في مملكة إسلامية كاملة ومستقلة في اقليم أراكان، قبل الاحتلال البريطاني، وحكموا هذه المنطقة نحو 350 سنة ثم جاء الاحتلال البوذي هناك لمدة 15 سنة، قبل أن ياتي الاستعمار البريطاني.
وأوضح أنه في عام 1784م احتل أراكان الملك البوذي (بوداباي) الذي قام بضم الإقليم إلى ميانمار خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة.
وأضاف: "أثناء خروج البريطانيين من عندنا، اشترطوا على الحكومة إعطاء كل عرقية الحكم الذاتي والاستقلال بعد 10 سنوات، لكن الحكومة ماينمار رفضت إعطاء الاستقلال سواءً للمسلمين أو غيرهم".
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار مع مليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهينغا المسلمة التي تمثل حوالي 15 بالمائة من السكان، بحسب تقديرات غير رسمية، ما أسفر عن مقتل الآلاف منهم، بحسب ناشطين محليين.
ودفعت هذه الانتهاكات الواسعة نحو 520 ألفا من المسلمين الروهينغا للجوء إلى الجارة بنغلادش، بحسب أحدث أرقام الأمم المتحدة.
وتعتبر حكومة ميانمار المسلمين الروهينغا "مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش"، فيما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم".
وبموجب قانون أقرته ميانمار عام 1982، حُرم نحو 1.1 مليون مسلم روهنغي من حق المواطنة، وتعرضوا لسلسلة مجازر وعمليات تهجير، ليتحولوا إلى أقلية مضطهدة بلا جنسية في ظل أكثرية بوذية وحكومات غير محايدة.