استبعد محللون سياسيون فلسطينيون، أن تشنّ إسرائيل حرباً رابعة على قطاع غزة، رغبة منها في الاستفادة من القرار الأمريكي الأخير بشأن القدس، والذي يتطلب "عدم اشتعال الأوضاع في الاراضي الفلسطينية".
ومنذ قرار الإدارة الأمريكية، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، في السادس من الشهر الجاري، يتم تسجيل حوادث لسقوط قذائف صاروخية مصدرها قطاع غزة، على جنوبي إسرائيل، بشكل يومي، وهو ما ترد عليه بقصف مواقع تتبع لحركة حماس، وجناحها العسكري، كتائب القسام.
ورغم عدم اتهام الجيش الإسرائيلي، لحركة حماس بالمسؤولية المباشرة عن إطلاق الصواريخ، إلا أنه يقول في تعقيباته على هجماته على غزة، إن الحركة "هي المسؤولة عن القطاع، ومطالبة بمنع إطلاق صواريخ على إسرائيل".
وهددت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، السبت الماضي، إسرائيل، بـ"دفع ثمن"، الغارات التي شنتها على قطاع غزة، بعد مقتل عضوان منها، في غارة شنتها مقاتلات الجيش الإسرائيلي، على قطاع غزة.
وقال بيان صادر عن كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، إن إسرائيل، "ستدفع ثمن كسر قواعد الاشتباك مع المقاومة في غزة".
ورغم "كسر قواعد الاشتباك"، بين إسرائيل وحركة حماس، غير المتفق عليها رسميا، والقاضية بعدم القصف المتبادل، إلا أن المحللين السياسيين، يستبعدون أن تنزلق الأمور، وتذهب باتجاه "الحرب الرابعة".
ويقول تيسير محيسن المحلل السياسي، ومدرس العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، إن نشوب حرب في قطاع غزة، مستبعد، على أقل تقدير في المنظور القريب.
وأضاف محيسن لوكالة الأناضول:" قرار الحرب مرتبط بالأساس بدرجة التصعيد والتأثير المترتب على ردة الفعل من كلا الطرفين".
وتابع:" الصواريخ الفلسطينية التي تسقط في غلاف قطاع غزة، لم تحدث تأثيرًا كبيرًا، فهي محدودة وقليلة، وإسرائيل تعلم أن مرجعيتها مجموعات مسلحة صغيرة وليست تنظيمات كبيرة وقوية".
واستطرد محيسن:" الحرب غير واردة لكلا الطرفين، إلا في حالة استمرار هذه الصواريخ واتساع رقعتها، وارتكاب إسرائيل لعمليات كبيرة في الضفة الغربية، فمن الممكن أن تتدحرج الأوضاع لتصل لحرب جديدة".
ويعتقد المحلل الفلسطيني أن إسرائيل "تستثمر القرار الامريكي بشأن القدس بشكل جيد، وهي غير معنية بأي خطوة سياسية أو عسكرية من شأنها أن تعود بالسلب على عملية الاستقرار السياسي الحاصلة من هذا القرار".
وتابع:" إسرائيل تتعامل مع ما يحصل وفق الفعل الصادر من قطاع غزة، فحجم الأضرار المترتبة على الفعل هو الذي يحسم الأمر سواء بشن عملية عسكرية أم ردًا محدودًا".
ويرى المختص بالشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن حماس وإسرائيل غير معنيين بإشعال حرب رابعة على قطاع غزة، لأن الطرفان يعلمان بأن الثمن سيكون كبيرا، وأن أي حرب قادمة ستستمر لفترة طويلة وهذا لا يصب في مصلحتهما.
وأضاف أبو عامر لوكالة الأناضول:" إسرائيل ستستمر بالرد المحدود على إطلاق الصواريخ، وهذه إحدى السياسات التي تتبعها، لكسب موقف سياسي والحفاظ على أهمية القرار الأمريكي بشأن القدس".
وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل ستعمل على "فرض إرادتها، مع ضرورة تجنب الصدام الكبير مع قطاع غزة".
وأشار أبو عامر إلى إمكانية "تدخل أطراف معينة من الأوربيين أو المصريين، في الفترة القادمة، لتهدئة الأوضاع، وهذا مرتبط بتطور الأحداث".
ولفت إلى أن أي حرب ستخوضها إسرائيل سيكون هدفها، "إسقاط حركة حماس، وهذا في الوقت الحالي غير واقعي ولا يصب في المصلحة الإسرائيلية".
وقال أبو عامر:" نرجح أن تبقى المواجهة منخفضة بين حماس وإسرائيل، في ظل رغبة الطرفين في السيطرة على الأحداث الجارية وعدم الدخول في حرب شاملة".
من جانبه، يعرب المحلل السياسي طلال أبو عوكل عن اعتقاده، بأن الفصائل الفلسطينية، تحاول عدم منح إسرائيل الذرائع، كي تشن حربا على القطاع.
وقال لوكالة الأناضول:" الدوافع الإسرائيلية موجودة لشن حربًا رابعة على قطاع غزة، وإسرائيل بحاجة لذرائع لمواجهة الرأي العام العالمي".
واعتبر المحلل السياسي، أن التوتر الذي يجري حاليًا في قطاع غزة، ليس وقتيًا،" فإسرائيل كانت قبل القرار الامريكي بشأن القدس، تتجهز وتشد قواتها، وتحاول جر الفلسطينيين لتصعيد كبير".
ولفت عوكل، إلى أن الفصائل الفلسطينية، تُدير المعركة في قطاع غزة سياسيًا وعسكريًا، فلديها قضية المصالحة الفلسطينية ومعركة دعم مدينة القدس، وعلى هذا الأساس "تُقيّم حساباتها".
وأشار إلى أن" مبادرة الفصائل في التصعيد ضد إسرائيل، سيعود عليها بردود فعل سلبية وستتحمل مسؤولية ما يجري من قبل المجتمع الدولي".
وتابع عوكل:" إن كانت المبادرة في شن الحرب من إسرائيل، فلن تستطيع المقاومة الفلسطينية حينها إلا أن تدافع عن نفسها بإمكانياتها، ولن تتحمل مسؤولية ما سيحصل".
وشن الجيش الإسرائيلي في الأعوام العشر الماضية، ثلاث حروب ضد قطاع غزة، لأهداف قالت إسرائيل إنها تتعلق بوقف الهجمات الصاروخية تجاه بلداتها، وتدمير قدرات الفصائل الفلسطينية.
ونجم عن تلك الحروب، مقتل وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير واسع في المنازل والبنية التحتية.
ويسود التوتر، الأراضي الفلسطينية، في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لإسرائيل، والبدء بنقل سفارة بلاده إلى المدينة المحتلة، وسط غضب عربي وإسلامي، وقلق وتحذيرات دولية.
وأدت المواجهات التي اندلعت على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، لاستشهاد أربعة فلسطينيين بينهم اثنين خلال مواجهات، وأثنين خلال قصف إسرائيلي، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.