عبدالهادي أوانج محمد: ذكريات الأستاذ الزعيم المجاهد نجم الدين أربكان رحمه الله

عبدالهادي أوانج محمد: ذكريات الأستاذ الزعيم المجاهد نجم الدين أربكان رحمه الله
24.2.2021 14:04

.كتب رئيس الحزب الإسلامي في ماليزيا عبدالهادي أوانج محمد مقالاً بمناسبة أسبوع أربكان

eposta yazdır zoom+ zoom-
بسم الله الرحمن الرحيم 
 
الحمد لله الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير ,  والذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور . والصلاة والسلام على حبيبنا وقدوتنا وإمامنا محمد البدر الدجى والرحمة المهداة , وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه ووالاه . اما بعد . 
 
ذكريات الأستاذ الزعيم المجاهد نجم الدين أربكان رحمه الله
 
قرأت اسمه في وسائل الإعلام بداية السبعينات عندما كنت طالبا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة , حينما أصاب بعض المسلمين اليأس بعد أفول النورالإسلامي في تركيا بسقوط الخلافة العثمانية بأيد الخونة داخل الأمة التي ساعدت المخططات الأحزابية الصهيونية والصليبية الاستعماريتين ضد الإسلام. وبالتالي إعدام الشهيد عدنان مندريز رحمه الله الذي وصل إلى منصة الحكم بطريقة ديموقراطية غربية , بعيد الانقلاب العسكري الدستوري للدفاع عن علمانية تركيا للصد عن كل محاولة لرد تركيا إلى الصبغة الإسلامية والرجوع إلى قيادة الأمة مرة أخرى . 
 
ثم ياتي الاستاذ نجم أربكان رحمه الله دور قيادة الوعي الإسلامي والصحوة المباركة في تركيا. وهو الشخصية المعروفة بأستاذيته في هندسة المحركات , فإذا به أيضا محركة العمل الإسلامي باسلوب سلمي وهو الأصلح في داخل الأمة النائمة في ليالي الاستعمارية التي تنوم المسلمين حكاما ومحكومين والإسلام محاصر من الداخل بين جهل أبنائه وغفل حكامه ومن الخارج ضد المخططات الاستعمارية لتشتيت الأمة وتفريقها مذاهبها وقومياتها. والإسلام غريب كما بدأ بين أهله الذين غرقوا في كيد الأعداء المتربصين  من الداخل والخارج . 
فقام الأستاذ رحمه الله باستخدام سلاح الأعداء ألا وهي الديموقراطية العلمانية , بوسيلة السياسة الليبرالية التي تدعو إلى الحرية الفكرية والعمل الحزبي بتكوين حزب بعد حزب لمواجهة العقبات  المتتالية للصد عن الصحوة الإسلامية , و اتخذ الأستاذ رحمه الله الدور المتقدم لحمل نور الإسلام الذي لا ينطفئ مهما كان كيد الكائدين , إيمانا بالوعد الحق من الله في محكم تنزيله المعجز :
 
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) [الصف: 8، 9]  . 
 
فأجاب الأستاذ رحمه الله دعوة ربه بتفقه في الدين في قوله تعالى:
 
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) [الصف: 10 -13].
 
وكان فقه الأستاذ رحمه الله, بـتأسيس حزب بعد حزب للعمل الإسلامي السياسي العلني لتوعية الأمة أولا من الداخل وحظر كل خطوة نحو الإسلام السياسي . وهو الأصلح في مواجهة الأمة داخل الوطن الواحد . فالحكمة ضالة المؤمن فأنى وجده فهو أحق بها : فقال تعالى:
 
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) } [البقرة: 269]
 
فالأستاذ رحمه ممن يؤتى هذه الحكمة . ولقد ثبت أن الأساليب القاسية المستعجلة تدمر الأمة من الداخل مرة أخرى كما رأينا الربيع العربي الذي لايثمر ثمارا ناضجة , وإنما تأتي الفتنة أشد ضررا وأثقلها لإشعال الحروب بالوكالة من الأعداء المتربيصن داخل الأوطان الإسلامية والتنازع بين أهل القبلة الواحدة لأسباب فرعية وجانبية .
 
وتعلمت بنفسي فترات طويلة من الأستاذ رحمه الله رحمة واسعة فإنه أستاذي في العمل السياسي , وتوثقت بيني وبينه المحبة الإيمانية ووحدة العمل الإسلامي . وكان أول إعجابي منه عندما كنت طالبا في الأزهر بمصر, قرأت نبأ مشاركته  في الحكومة الأئتلافية باليساريين في منصبه كنائب لرئيس الوزراء فحسب لرئيس الوزراء  بولان ايجي ويت , موقفا متواضعا ولا يصلح لمثل الأستاذ أربكان الزعيم رحمه الله. ولكن دوره الحساس  في الحكومة عظيم جدا , وفي هذه الفترة تم إنقاذ الأتراك المسلمين المستضعفين في جزيرة قبرص , بتحرير بعض الولاية لمصلحة المسلمين مؤقتا . ثم تم إسقاط الحكومة المتحالفة بانقلا ب عسكري باسم الدفاع عن العلمانية الدستورية وكان الهدف الأول منع الأستاذ رحمه الله لقيادة تركيا نحو الأمام . 
 
وقمت بزيارته في انقرة بعيد خروجه من الاعتقال ولا يزال في إقامة جبرية محدودة . وصلت إليه بمساعدة أحد الصحافيين الأتراك بعد لقاء الأستاذ أحمد تيكدال الرئيس المؤقت لحزب رفاه , فساعدني شباب الحزب لزيارة الأستاذ في بيته وتم الحوار في أول التعارف لأن الأرواح جنود مجندة بهداية الله , وتحمس بنفسه لمرافقتنا نحن الشباب من الحزب الإسلامي في ماليزيا لزيارة مركز الحزب في بداية بنائه الذي لم يتم إلا بعد سنوات. 
 
فقام الأستاذ رحمه الله بمتابعات اللقاء الأول بدعوة الحضور في كل المؤتمرات الإسلامية والمناسبات التاريخية في تركيا حيث جمع فيها قادة الحركات الإسلامية حول العالم , من الدول الإسلامية كلها ومنظمات الأقليات الإسلامية في دول آسيا وأفريقيا أوروبا وأمريكا واسترليا النائية. وتم التعارف بين الإسلاميين والتعاون بينهم وتنسيق العمل الدولي بينهم . 
 
وشعرت ثقته بنفسي باتصالات كثيرة ودعوته الخاصة إلى مشاركة الوفود برئاسته لحل قضايا الأمة الإسلامية في المنظمات الدولية . وتعلمت من ثباته وصبره لمواجهة الإجراءات القاسية من الأشخاص المعادية للإسلام والمسلمين. وبرز في شخصيته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب . 
 
ومن الذكريات التي لاأنساها عندما زار ماليزيا عام 1998  وكان الأستاذ رحمه الله في منصب رئيس الوزراء وقام بتأسيس منظمة الدول الثمانية الإسلامية لمشروع إسلامي بعيد المدى , وتم منعنا لقاء الإستاذ رحمه الله في كوالا لامبور بأساليب ماكرة , وغادر ماليزيا بدون لقائنا . فإذا بالعلاقة اشد قوة ومحبة رغم الانقلاب العسكري بعد ذلك بدعوتي إلى حضور المؤتمرات وأمرني الجلوس بجنبه في كل لقاءات وندوات , فتوثقت العلاقة بيني وبين أستاذنا نجم الدين أربكان رحمه الله , علاقة المعلم .وطالب الحكمة الضالة 
 
وتلقينا نباء وفاته بحزن عميق , ولكن الله احبه أشد من حبنا , ولله ما أعطى ولله ماأخذ , فإنا لله وإنا إليه راجعون . وندعو الله أنه ممن طال عمره وكثر عمله لدينه وإخوته في الدين . فإن تجاربه في العمل الإسلامي  وما ألقى من الكلمات وما سطر في الكتاب علوما ينتفع بها. وندعوالله أن يجمعنا في جنته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقن والشهداء والصالحين .غير المضوب عليهم ولاالضالين آمين 
 
.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين   
 
عبدالهادي أوانج محمد 
رئيس الحزب الإسلامي في ماليزيا والوزير المبعوث الخاص 
.لرئيس الوزراء لشؤون الشرق الأوسط

أخبالا المحلي

برامج الجوال

iPhone iPad Android Windows Phone
Milli Gazete ©  لا يمكن النقل أو النسخ من دون ذكر المصدرو جميع الحقوق محفوظة +90 212 697 1000 :رقم و فاكس