لم يعد القوم يستمع إلى صلحائنا...لا يفيد البحر المنفلق ولا الماء المتدفق من الحجر ولا المائدة التي نزلت من السماء.
نتنفس بصعوبة! نحتاج إلى العودة إلى غار حراء من جديد...
كما قال جاهد ظريف أوغلو:" على الإنسان أن ينزوي في حرائه.."
لأن معظمنا قد نسي سبب سلوكنا هذا الطريق. العديد منا قد ضل طريقه. في حالة التوه من الأفضل العودة والبدء من جديد. لأن العودة تذكر الإنسان مرة أخرى بأنه لماذا بدأ ومن أين بدأ..
ما كانت الرسالة التي وضعها الملك في أكفنا في غار حراء؟ ما كان الهدف الرئيسي؟ لماذا سلكنا هذا الطريق؟ ولماذا كنا نمشي؟
نحتاج إلى التفكير و السكينة واستجماع القوى والاستماع إلى أرواحنا و تخصيص وقت لقلوبنا.
نحتاج إلى أن نحصل من جديد على الإخلاص في العمل والخشوع في الصلاة و النموذجية في الأخلاق والتقوى في المعاملة والحكمة في القول والمؤانسة في الدعوة.
ربما في أحد مساجد الله أو في صمت الليل أو على سجادة الصلاة أو مع الحق وسط الخلق...
نحتاج إلى أن نتخلص من النقاشات والكثافات والمواعد والمساعي التي ليس لها أي توقف و أن نفكر ونتعقل و نستعيد ما نسيناه.
لأن المدة قد طالت منذ نزولنا من غار حراء. وبعض منا يحتاج إلى أن يعود إلى غار الثور...
لأن الدنيا و متاعها قد لحقتنا. المال والمنصب والحكومة والقوة والثروة والشهوة والشهرة كلها تلاحقنا... يجرى البحث عنا. كأنهم وضعوا مكافأة لكي لا يبقى هناك شحص واحد لم ينخدع بالدنيا...
نحتاج إلى الهجرة. من الأكاذيب والحرم والإزدواجية والرذائل والتزويرات وعدم الإخلاص و اللا أخلاقية كلها...
نحتاج إلى أن نلجأ إلى غار الثور و العنكبوت والحمامة البيضاء والصديق المتين و سماع التسلي فيه من جديد.. لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ.
بعضنا يحتاج إلى غار أصحاب الكهف..
هذه العودة تمرد أيضا...تمرد على الظلم وتضييع الحقوق والكبر والبذخ و الضراوة...
هذا تحد عزيز ومبارك... بدلا من مشاركة سلطنات الظلم و العيش في القصور استماتة للعيش في الغار آخذا الجاكيت.
هذا ترك عزيز... ترك زينة الدنيا والمشاعر الشيطانية والإستراتجيات الفظيعة و البلاء الذي يسمى سياسة واقعية والنجاحات الزائفة والأصنام المصنوعة من الحلوى والأبطال الكذبة والفتاوى المختلقة...
هذا لجوء ذات معنى لحماية الثغرة والحفاظ على ما تبقى في أيدينا وعدم تغيير الموقف وعدم التخبط في الطريق ولكي لا يصيب الضرر قيمنا...
التخلى عن الاشتغال بأغصان شجرة قد تم تدميرها والعودة إلى الجذور.... حفاظ على البذرة للأجيال القادمة على أقل تقدير.إذا يوجب هذا مناخا مناسبا فاستماتة في سبيل تخضرها بالصبر ولو استمر 300 سنة.
وهذا نسج خيال العودة المجيدة... والدوس على الأرض كأننا نزلنا من سفينة نوح و جعل البذرة تلتقي من جديد مع التراب...
يأتي يوم و يلمس نصر الله و البركة لوجداننا. ويؤمن السحرة يوما و ينهار كل المشاعر. نخرج يوما من الغيران...وتتحطم أصنام السامري..وفي أعيننا نعس نوم استمر 300 سنة. وفي لساننا بشارة الظفر...
والله فزنا نحن! لأننا لم نشرب من النهر أكثر من حفنة. والله نحن فزنا..لأننا لم نترك التلة مطلقا...