تتوالى المؤشرات المصرية الدالة على أن الهجوم الذي استهدف مسجد "الروضة" أمس الجمعة، في شمال سيناء شمال شرقي البلاد، يقف وراءه تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأمام تلك المؤشرات المتصاعدة سواء بإشارات رسمية أو حديث شهود عيان، يقف "داعش" الذي عادة ما يسارع إلى إعلان مسؤوليته عن الهجمات ضد الجيش والشرطة، صامتا، فلم يصدر عن "كتائبه الإلكترونية" بيان، ولم تنشر عناصره شيئا عبر منصات التواصل.
المؤشر الأول الرسمي، كان فجر اليوم السبت، في بيان مقتضب للجيش المصري، يتحدث عن قصف جوي لبعض منفذي هجوم مسجد الروضة، بمركز "بئر العبد" بمحافظة شمال سيناء، وسياراتهم في محيط الحادث الأكبر في تاريخ مصر، والذي أسفر عن مقتل 305 أشخاص و128 مصابا، في أحدث إحصائية رسمية.
وفيما أشار بيان الجيش إلى كون المهاجمين من "التكفيريين" وهو لفظ معتاد ضد المسلحين الذين يشنون هجمات ضد العسكريين، كان بيان الإحصائية الرسمية التي أعلنتها النيابة العامة اليوم السبت، أكثر صراحة ووضوحا.
وأوضح بيان النيابة أن من يقف وراء الهجوم الإرهابي "عناصر تكفيرية يتراوح عددهم ما بين 25 إلى 30 يرفعون علم داعش".
ونقل البيان عن شهود عيان لم يسمهم أن "هؤلاء العناصر بعضهم ملثم والآخر غير ملثم، ويتميزون بشعر رأس كثيف ولحية ويحملون أسلحة وراية سوداء مكتوب عليها عبارة (أشهد أن لا اله إلا الله)"، مشيرا أنهم "يرتدون ملابس تشبه الملابس العسكرية".
وتلك الصورة المفترضة للمتهمين، تشبه بشكل لافت صوراً عرضها الجيش في أوقات سابقة لقتلى مسلحين يرتدون زياً عسكرياً يراه مراقبون أنه يستخدم للتمويه، في ظل التشديد العسكري في شمال سيناء منذ انطلاق حملة عسكرية رسمية عام 2013.
حديث الشهود لا يختلف كثيرا عن الرواية الرسمية، إذ قدّروا في روايات سابقة نقلتها الأناضول ومواقع محلية مصرية، أن المسلحون يتبعون أسلوب تنظيم "داعش".
ويعزز الشهود تلك الروايات غير الرسمية، بأن هناك تهديدات سابقة كان التنظيم قد وجهها ضد مسجد الروضة المعروف بأنه "صوفي التوجّه".
وسبق أن استهدف "داعش" الصوفيين في شمال سيناء عدة مرات، بدعوى أنهم "أهل بدعة خارجين عن سنة نبي الإسلام"، أبرزها في نوفمبر/ تشرين ثان 2016، حيث قتل سليمان أبو حراز، أحد أكبر مشايخ الطريقة الصوفية بمحافظة سيناء، وفي 5 أغسطس/آب 2013، فجّر ضريح صوفي غربي العريش.
من جانبه، قال المفكر المصري، ناجح إبراهيم، المتخصص في شؤون الحركات المتشددة في تصريحات للأناضول "لا شك أن ما تم ضد مسجد الروضة ذي التوجه الصوفي يقف وراءه تنظيم داعش الإرهابي، فهذا أسلوبه في العراق ضد المساجد".
وأوضح أن تنظيم "داعش" يعتبر مسجد الروضة الذي يصلي فيه صوفيون، "مسجد ضرار (بناه المنافقون وأمر بهدمه الرسول الكريم) لا يجوز الصلاة فيه، وبالتالي يجوز استهدافه، مع أن الإسلام يحرم ذلك"، نافيا أن يكون ما تم أمس هو أسلوب القاعدة.
وفي تصريحات سابقة للأناضول، قال أحد كبار شيوخ قبائل سيناء الذي تحفظ على ذكر اسمه، "هذا الهجوم لن يدفع القبائل للتحول إلى جيش ثان يواجه الإرهاب".
وشدد الشيخ على "وجود جيش واحد فقط بسيناء هو الجيش المصري وخلفه يقف كل السيناوية (أهل سيناء) ضد الإرهابيين".
وفجر اليوم أعلن الجيش المصري مقتل بعض منفذي الهجوم، وتدمير سياراتهم عبر قصف جوي، بالتزامن مع بدء أسر ضحايا الهجوم في دفن ذويهم بمقابر جماعية ومنفردة بمنطقة المزار القريبة من مكان الحادث، وفي عدة مقابر بمحافظات مصر، وفق تقارير صحفية محلية.
وحتى الساعة (12:50 ت.غ) لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن الهجوم، فيما أعلنت الرئاسة المصرية أمس الجمعة، الحداد لمدة ثلاثة أيام في جميع أنحاء البلاد.