كشف المحامي والحقوقي الإسرائيلي إيتاي ماك، أن الحكومة الإسرائيلية تعاقدت سرا خلال العامين الماضيين، مع 3 شركات خدمات قانونية غربية، لملاحقة ناشطي "حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها" (BDS)، متوعدا بالتوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، في حال عدم إفصاح الحكومة عن معلومات كاملة بشأن هذا النشاط الذي وصفه بـ "المفزع".
وهذه الحركة "فلسطينية المنشأ، عالمية الامتداد، تسعى إلى مقاومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد (الفصل العنصري) الإسرائيلي، لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين، وصولا إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات"، وفق الموقع الإلكتروني للحركة.
وأضاف ماك في مقابلة مع الأناضول، أنه "أمر مفزع حقا أن تمول إسرائيل شركات في أوروبا وأمريكا ودول أخرى سرا، لملاحقة الناشطين الذين يدعون إلى مقاطعتها وسحب الاستثمارات منها، كوسيلة ضغط لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".
** معايير مزدوجة
ومنتقدا ازدواجية إسرائيلية، قال المحامي الإسرائيلي: "في الوقت الذي تلاحق فيه إسرائيل المنظمات الحقوقية الإسرائيلية التي تتلقى علنا وبشفافية كاملة تمويلا من الاتحاد الأوروبي، فإنها (إسرائيل) تمول سرا شركات تلاحق الرافضين لنظام الفصل العنصري، الذي يجرى تطبيقه في الأراضي الفلسطينية".
ومضى قائلا إن "المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية تنشر ميزانياتها على شبكة الإنترنت.. بالمقابل، لماذا تمول إسرائيل شركات محاماة بشكل سري إذا كان الغرض فقط هو الحصول على رأي قانوني.. لماذا هذه السرية (؟)".
وكسبت حركة المقاطعة تأييد العديد من الجامعات في العالم لمقاطعة إسرائيل أكاديميا، ما لم تنهِ احتلالها للأراضي الفلسطينيىة.
كما دفعت الحركة شركات دولية عديدة إلى سحب استثماراتها من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وتنظر إسرائيل إلى حركة المقاطعة باعتبارها خطرا كبيرا على مستقبلها، إذ صرح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو عام 2015، بأن "حملة نزع الشرعية عن إسرائيل تشكل تحديا يواجهه الشعب اليهودي والدولة اليهودية"، مشددا على ضرورة "مكافحة هذه الحملة".
كما وجه مسؤولون حكوميون وقادة في المعارضة الإسرائيلية، ولا سيما في حزبي "المعسكر الصهيوني" و"هناك مستقبل"، انتقادات حادة إلى حركة المقاطعة، ودعوا الدول الغربية إلى حظر نشاطها.
** تعاقدات بملايين الشواقل
وفي ظل عدم إفصاح نتنياهو عن سبله لمكافحة حركة المقاطعة، فإن الكشف عن استخدام حكومته شركات خدمات قانونية غربية لملاحقة ناشطي المقاطعة في العالم يمثل تطورا لافتا في التحركات الإسرائيلية.
وقال المحامي والحقوقي الإسرائيلي: "إذا لم تقدم الحكومة معلومات عن هذه التعاقدت، وهي بملايين الشواقل، بموجب قانون الحق في الحصول على المعلومة، سأتوجه بالتماس إلى محكمة الصلح (المحكمة العليا)، الأسبوع المقبل، للحصول رسميا من الحكومة على معلومات كاملة".
وتابع موضحا: "حاولت الحصول على هذه المعلومات من وزارة الخارجية، لكنها نفت وجود هكذا تعاقدات، ثم حصلت مؤخرا على وثائق من وزارة العدل الإسرائيلية بشأن هذه التعاقدات".
وأوضح ماك أنه "في البداية تعاقدت الحكومة مع 3 شركات محاماة للحصول على خدماتها القانونية، ولاحقا تم إنهاء التعاقد مع إحدى هذه الشركات بدعوى تضارب المصالح، ثم التعاقد مع شركة أخرى".
وأردف قائلا: "يتضح من الوثائق أنه تم دفع ما لا يقل عن 4 ملايين شاقل (مليون و13 ألف دولار أمريكي) لهذه الشركات، التي تم التعاقد معها خلال العامين الماضيين".
وأضاف أنه "بداعي الحساسية السياسية تم شطب الكثير من المعلومات المتعلقة بهذه الشركات في صور الوثائق التي حصلت عليها من وزارة العدل، بينهاء أسماء الشركات، وسأطالب بنشر المعلومات كاملة".
وردا على سؤال بشأن إن كانت أي من هذه الشركات قد لاحقت بالفعل ناشطين في حركة مقاطعة إسرائيل، أجاب ماك: "لا أعلم.. ليس لدي وسيلة للحصول على مثل هذه المعلومة".
** تجربة جنوب إفريقيا
وبناء على المعلومات التي تمكن من الحصول عليها، أعرب المحامي والحقوقي الإسرائيلي عن خشيته من أن "ما يحدث من قبل إسرائيل هو شبيه بما قام به نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا".
وأردف: "لا أعقد مقارنة بين النظامين من حيث الممارسة، ولكن النظام في جنوب إفريقيا أطلق حملة سرية ضد المناهضين لنظام الفصل العنصري، وإسرائيل تستخدم حاليا خدمات شركات محاماة سرا ضد ناشطي المقاطعة".
وختم ماك بقوله: "لذا أعتقد أنه يجب أن تكون هناك شفافية كاملة إزاء ما يجري من تعاقدات من جانب الحكومة (الإسرائيلية)".