مدارس "غولن" الإرهابية.. تهديد للديمقراطية

مدارس "غولن" الإرهابية.. تهديد للديمقراطية
23.10.2017 11:09

eposta yazdır zoom+ zoom-
باتت منظمة فتح الله غولن (الإرهابية)، واحدة من أكثر المنظمات المموّلة والمؤثرة سياسيًا على مدار العقد الماضي، في الولايات المتحدة الأمريكية.
 
المنظمة، التي بدأت تنشط كجماعة من الأتباع وصلوا الولايات المتحدة بعد دخول زعيمها "فتح الله غولن" إليها، أصبحت غنية غناءً فاحشًا، وأخذت تدير أعدادًا هائلة من المدارس "المتعاقدة" (مع الدولة) المموّلة من دافعي الضرائب الأمريكيين.
 
غولن، يدير الآن منظمته الاجتماعية السياسية والدينية من بلدة سايلورزبورغ في ولاية بنسيلفانيا، الواقعة بين نيويورك وواشنطن، شرقي الولايات المتحدة.
 
ومن المهم إدراك حقيقة أن منظمة غولن، تمثل تهديدًا اجتماعيًا وسياسيًا لأي دولة ديمقراطية تحتضن أتباع تلك المنظمة، وهذا يرجع إلى افتقار الأخيرة إلى الشفافية والأهداف الدينية والسياسية العامة.
 
2006، كان العام الذي تعرفت فيه للمرة الأولى على منظمة غولن، في مسقط رأسي بمدينة أوستن (عاصمة ولاية تكساس الأمريكية)، وكان عمدتنا آنذاك قام بجولة إلى تركيا تحمل نفقاتها "معهد الحوار بين الأديان" التابع لمنظمة غولن، والذي يعدّ واجهة الجماعة في "هيوستن" (أكبر مدن تكساس).
 
ولدى عودته من زيارته لتركيا، بدأ العمدة على الفور بمساعدة منظمة "فتح الله غولن" في مشاريعها، وكان منها أن تكون هيوستن، المدينة الشقيقة لمدينة أنطاليا، الواقعة غربي تركيا.
 
وبدوره أجرى مجلس المدينة، الذي كنت أخدم فيه، تحقيقًا شاملًا مع الأشخاص الذين رافقوا عمدة مدينتا في زيارته (لتركيا)، وأوصوا بالإجماع على عدم الموافقة على إقامة علاقات مع جماعة غولن، في هيوستن وأنطاليا.
 
وكان من اللافت مدى سرعة وقدرة أعضاء منظمة غولن في التأثير على قرارات السياسيين المحليين، والصحفيين، والأكاديميين، في تكساس.
 
ويعتقد البعض أن رسالة الحوار بين الأديان في أمريكا ما بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أقنعت بعض الأعضاء المؤثرين، ويعتقد آخرون أن المال والامتيازات أثروا بشكل كبير على بعض الأمريكيين.
 
بعد فترة وجيزة من شهادتي للنشاطات السياسية في أوستن، تم إبلاغي بشأن المدارس المتعاقدة التي كان يفتحها أتباع غولن في تكساس من أجل تقديم "تعليم أساسي" لأطفال الولاية؛ وكان يطلق على تلك المدارس "هارموني" و"إس إس تي".
 
ما شاهدته لم يكن سوى حيلة سياسية ضلعت بها منظمة غولن، ومدارسها كانت غطاء لعمليات المنظمة في أمريكا.
 
عام 2011، وخلال عملية تحرير آخر فيلم لي، آنذاك بدأنا في تصوير لقطات حول موضوع هذه المدارس.
 
وينبغي الإشارة هنا إلى أن "مدارس غولن المتعاقدة مع الدولة" يجري تمويلها من الضرائب التي يطلب من الأمريكيين دفعها كجزء من الضرائب على منازلهم وغيرها من الممتلكات.
 
وتعتبر هذه المدارس "عامة" من حيث أن الحكومة المحلية أو حكومة الولاية تمنحها "امتيازات" (دعم) للعمل؛ في حين أنها "خاصة" من حيث أنها تدار من قبل مجلس إدارة خاص.
 
وتسعى هذه المنظمات الخاصة للحصول على أرباح في تشغيل ما يسمى بـ"المدارس المتعاقدة"، وظهرت العديد من المشاكل في المجتمع الأمريكي نتيجة لتجربة خصخصة (تحويل المدارس العامة إلى مدارس خاصة) التعليم الأساسي لأطفالنا؛ إنها مناقشة سياسية ساخنة فى الولايات المتحدة.
 
وتقدر شركة "روبرت امستردام" القانونية، التي تحقق فى مدارس غولن نيابة عن الحكومة التركية، وجود 200 مدرسة تابعة للمنظمة في أمريكا.
 
وبالنظر إلى أن رئيس وزارة التربية والتعليم في واشنطن، بيتسي ديفوس، هو أحد الداعمين الرئيسيين للمدارس "المتعاقدة" مع الدولة"، فيبدو أن مدارس غولن ستزداد دون قيود.
 
وعندما بدأنا تصوير "كيلينغ إد" في 2011، كان هناك ما يقرب من 30 مدرسة تابعة لغولن، في ولاية تكساس، وحوالي 120 مدرسة في كامل الولايات المتحدة؛ أما في هذا العام (2017) فهناك الآن 55 مدرسة في تكساس، إضافة إلى ستة أو سبعة أخرى من المقرر أن تفتح في العام الدراسي الحالي الذي ينتهي في 2018.
 
تكساس، لديها أكبر عدد من مدارس "غولن"، تليها ولاية أوهايو. هذه المدارس تنتشر بسرعة في ولاية تكساس؛ لأن جماعة المنظمة والقائمين على الترويج لها يقومون بإقناع السياسيين في الولاية بأنهم "أناس طيبون" ويمثلون السكان الأتراك.
 
وتشير التقديرات إلى أن كل عام تتلقى هذه المدارس أكثر من 720 مليون دولار لـ80 ألف طالب مسجل فيها.
 
وتتدفق مزيد من الأموال إلى تلك المدارس عبر السندات والمنح التي تقدمها مؤسسات مثل "ذا بيل" و"ميليندا غيتس" في سياتل.
 
لذا هل سيصبح طلاب غولن الأمريكيين "جيلا ذهبيا" يحبذ أهداف الحركة؟ سؤال من الصعب الإجابة عليه، لكن أثناء العمل على فيلم " كيلينغ إد" سمعنا في بعض الأحيان عن أخذ معلمي مدارس غولن من الذكور الطلاب، العرضة للتأثر سريعا، في رحلات ليلية، ما يعكس نوعا من " الاستمالة" لمعرفة ما إذا كان في مرحلة ما قد يصبح الطالب الذكر من أتباع غولن ويحمل صفات غولن في نفسه (لم يتم أخذ الفتيات في هذه الرحلات الليلية).
 
ظاهريا، تدّعى مداس غولن أنها أعلى في المستوى من المدارس الأمريكية المحلية الأخرى التي تحصل على تمويل حكومي لكن لديها استقلالية في الإدارة.
 
ومع ذلك، ليس صعبا علينا ملاحظة أن كل هذه الادعاءات ما هي إلا "كذبة"؛ فمدارس غولن غير مطالبة بقبول كافة الطلاب الذين يتقدمون إليها، وهو أمر مختلف تماما عن النظم التقليدية في المدارس العامة في أمريكا، حيث يتم توفير تعليم مجاني للجميع.
 
في مدارس غولن يتم قبول الأطفال من ذوي المستويات العليا، كي يتمكنوا من الأداء بشكل جيد في الاختبارات التي تمولها الدولة، فعلى سبيل المثال، في مدارس "هارموني" بتكساس، التي تمولها الدولة وتديرها حركة غولن، تزعم الحركة أن 100 طالب يتخرج سنويا من المدرسة، ونسبة التحاق هؤلاء الطلاب بالجامعة تبلغ 100 بالمائة.
 
لكن هذا إدعاء سخيف قائم على كذبة، فطلاب مدارس "هارموني" الذين لا يؤدون بشكل جيد في الاختبارات يتم إجبارهم على مغادرة مدرستهم، وفي كثير من الأحيان عبر طرق شنيعة.
 
وكما رأينا في في فيلم " كيلينغ إد"، يطالب جميع الطلاب بالتقدم إلى جامعة "نورث أمريكان" في هيوستن، والتي تديرها حركة غولن، لذا الإحصائيات التي تعلن عنها الحركة ما هي إلا تلفيقات بهدف جذب الآباء لإرسال أبنائهم بشكل أكبر من أي وقت مضى إلى مدارس غولن.
 
وعلاوة على ذلك، تحدث المعلمون الذين تمت محاورتهم في فيلم "كيلينغ إد" عن التمييز في الأجور لصالح المعلمين التابعين للحركة، حتى وإن لم يمارسوا مهنة التعليم من قبل.
 
وقال المعلمون إن المعلم التابع للحركة يحصل على راتب أعلى بنسبة 4 مرات من الذي يحصل عليه زميله الأمريكي، على أن يوجه المعلم "الغوليني" (نسبة إلى الجماعة) نسبة من هذه الأموال تتراوح بين 10 بالمائة و50 بالمائة (وفق الحالة الاجتماعية للمعلم) إلى مجمع غولن في بنسلفانيا.
 
ومن المهم ملاحظة أنه على عكس تركيا، فإن أعضاء الحركة لم يستخدموا العنف الجسدي ضد منتقديهم الأمريكيين، ومن هذا المنطلق لم تظهر مؤشرات أمريكية لوصف الحركة بالإرهابية في الولايات المتحدة.
 
ومع ذلك فإن التهديد باتخاذ إجراءات قانونية، واللجوء إلى التخويف واستخدام أصدقائهم "الأمريكيين" للضغط على منتقديهم أمر شائع بينهم.
 
في السياق، يدعم الكثير من الأمريكيين الجهود التي تبذلها الحكومة التركية من أجل تسليم غولن، وكبارأتباعه إلى الدولة التركية لمحاكمتهم إثر تورطهم في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في يوليو/ تموز 2016.
 
فالواقع، الضرر الذي لحق بمجتمعنا الأمريكي على مدار العقد الماضي، بسبب الممارسات الفاسدة لأتباع حركة "غولن" كان هائلا.
 
نحن نريد محوهم من أمتنا، وبذل المزيد من الجهود لتعليم الأمريكيين حقيقة حركة غولن وأن أتباعها لا يمثلون الشعب التركي، بل هم مجرد مجموعة صغيرة ومثيرة للجدل، وذلك على نقيض ما كانوا يخبرون به الأمريكيين طوال الـ17 عاما الماضية.
 
من جهتي، أتمنى عرض فيلم " كيلينغ إد" في تركيا لإظهار تهديد أتباع غولن، ولماذا يتعين على تركيا الاهتمام بنمو الحركة في الولايات المتحدة.
 
وطالما لم تتوقف عائدات غولن السنوية الضخمة من الدولارات الضريبية الناتجة عن نشاط مدارسهم، فإن الحركة ستبقى قادرة على توفير التمويل اللازم للتأثير على السياسيين والصحفيين الأمريكيين، وربما تشرع إلى تنفيذ انقلاب آخر مناهض للديمقراطية وضد الحكومة في تركيا.
 
ومن المهم جدا أن يفهم الأتراك هذا التهديد، وأن النمو غير المعرقل لهذه الجماعة السرية في الولايات المتحدة يشكل تهديدا للتجربتين الديمقراطيتين في تركيا وأمريكا، وأنه سيستغرق الأمر سنوات لإزالة هذه الجماعة من المجتمع الأمريكي، وحتى يتم إيقافها، فإن مجتمعاتنا معرضة للخطر.
 
** مارك هول: كاتب ومنتج ومخرج، يعيش في أوستن، بولاية تكساس الأمريكية؛ فيلمه الأخير "كيلينغ إد" تم عرضه لأول مرة بمدينة نيويورك في مارس/ آذار 2016.
 
** مترجم بتصرف
 
**هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه، ولا يعكس بالضرورة السياسة التحريرية للأناضول 
 

أخبالا المحلي

برامج الجوال

iPhone iPad Android Windows Phone
Milli Gazete ©  لا يمكن النقل أو النسخ من دون ذكر المصدرو جميع الحقوق محفوظة +90 212 697 1000 :رقم و فاكس