مسلمو مدغشقر.. "القوّة الناعمة" بالجزيرة الكبيرة

مسلمو مدغشقر.. "القوّة الناعمة" بالجزيرة الكبيرة
28.5.2017 12:41

eposta yazdır zoom+ zoom-
بجلابته وكوفيته البيضاء التي يحرص كل يوم جمعة على ارتدائها، يقطع الملغاشي جان جاك ريفانا المسافة الفاصلة بين منزله ومسجد العاصمة أنتاناناريفو الكبير، بخطوات سريعة، لأداء الصلاة.
 
جان جاك البالغ من العمر 49 عاما، اعتنق الإسلام منذ 15 عاما، وحرص منذ ذلك الحين على عدم تفويت أداء فرائضه، وعلى التوجه كل يوم جمعة إلى مسجد العاصمة الكبير، الممتد على مساحة 67 هكتارا، لأداء الصلاة.
 
"الإسلام هو الدين الوحيد الذي أخلصت له"، يقول الكهل للأناضول، و"لقد اعتنقته عن قناعة، ووجدت فيه الكثير من الميزات الروحية والاجتماعية".
 
قبل انضمامه إلى مسلمي مدغشقر، هذه الدولة الواقعة قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لإفريقيا، كان يرتاد الكنيسة الكاثوليكية، بل إن مقرّبين منه يقولون أنه انضم في فترة ما من حياته إلى بعض المنشقين عن الكنيسة ممن يطلق عليهم اسم "الطوائف" بالجزيرة الكبيرة.
 
"حين كنت شابا"، يتابع جان جاك، "كنت منحرفا، لكني اليوم تغيرت كثيرا إثر دخولي الإسلام، فلقد علمتني قواعد هذا الدين كيف أبتعد عن مثل ذلك السلوك"، مستعرضا عددا من الآيات القرآنية التي قال إنه يحفظها عن ظهر قلب. 
 
ويعتبر جان جاك واحد من مسلمي الجزيرة الكبيرة، والذي يشكلون أكثر من 15 % من إجمالي السكان المقدر عددهم بأكثر من 24 مليونh، وفق أرقام الداخلية الملغاشية. 
 
وبحسب دراسة أجراها مركز "بيو للأبحاث" الأمريكي، فإن عدد المسلمين في مدغشقر شهد ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، ففي 2010، لم تكن نسبتهم تتجاوز الـ 1.1 % من إجمالي السكان.
 
** تعايش ديني مثالي 
 
ارتفاع "صاروخي" يرجعه سعيد أرسان أبوسواري، وهو نائب رئيس مجلس إدارة "المجلس الملغاشي للديانة الإسلامية"، الهيئة الوحيدة التي تعنى بتمثيل المسلمين في هذا البلد، إلى الأنشطة الاجتماعية التي يقوم بها مسلمو الجزيرة الكبيرة.
 
المصدر نفسه لفت، في حديث للأناضول، إلى أنّ في البلاد نحو ألف مسجد، شيّدت جميعها لاستيعاب عدد المصلين المتزايد، خصوصا وأن "المسلمين يضمّون –علاوة على الملغاش- هنودا وباكستانيين إضافة للأفارقة والقُموريين (من جزر القمر) والعرب".
 
ويتركّز معظم مسلمو مدغشقر في "أنتسيرانانا" و"ماهاجانجا" شمالي الجزيرة الكبيرة، وفي "أتسيمو أندريفانا (جنوب شرق)، وأيضا في كل من "توليارا" (جنوب) والعاصمة أنتاناناريفو. 
 
"تمركز كثيف للمسلمين في السواحل الملغاشية"، يتابع أبوسواري، "وهذا التمركز مرتبط بتاريخ وصول الإسلام إلى مدغشقر، كما أن علاقة قادتنا السابقين مع البلدان العربية ساهمت في بداية الأسلمة هنا". 
 
وتاريخيا، وصل الإسلام إلى الجزيرة الكبيرة قبل الحقبة الاستعمارية، أي قبل العام 1800. 
 
** تضامن وأنشطة اجتماعية 
 
يقوم مسلمو مدغشقر بالعديد من الأنشطة الإجتماعية، وذلك عن طريق "جمعية المسلمين الملغاش".
 
أبوسواري عاد ليوضح أن "2 % من قيمة ممتلكاتنا نخصصها بشكل منتظم، في شهر رمضان من كل عام، للأنشطة الإجتماعية، وهناك الزكاة أيضا، والتبرعات لفائدة الفقراء خلال شهر رمضان من كل عام".
 
ومن بين الأعمال الاجتماعية، يحرص مسلمو مدغشقر على تقديم التبرعات للمعتقلين في سجن "أنتانيمورا" بأنتاناناريفو، ومساعدة المتضررين من إعصار "إيناوا" الإستوائي الذي ضرب جزءا من الجزيرة الكبيرة، في مارس/ آذار الماضي، وخلف العشرات من الضحايا وأضرارا فادحة.
 
كما تعمل الجمعية الملغاشية بالتعاون مع وكالات أممية مثل "برنامج الأمم المتحدة للتنمية"، و"صندوق الأمم المتحدة للسكان"، وأيضا مع "وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية".
 
وتعتبر الجمعية جزءا من "منصة الزعماء الدينيين والمنظمات الطائفية" التي تضم 9 منظمات طائفية في مدغشقر.
 
ومن خلال هذا الإئتلاف الجمعياتي، يساهم مسلمو مدغشقر في الحوارات الدينية، أو في القيام بأعمال إجتماعية مشتركة مع جمعيات الكنيسة الكاثوليكية أو البرتستانية.
 
وساهمت هذه الأنشطة في التعريف بشكل أكبر بالإسلام في الجزيرة الكبيرة، ما جعل الكثير من الملغاشيين يتحوّلون عن دياناتهم الأخرى ويعتنقون الإسلام عن قناعة. 
 
** لا تعصّب ولا كراهية 
 
في مواجهة الجدل العالمي الذي غالبا ما يربط الإرهاب بالإسلام، يتبنى مسلمو مدغشقر موقفا براغماتيا بهذا الشأن، يعتبر أن "الدين الإسلامي لا يقود لا إلى التطرف ولا إلى الكراهية"، وفق أبوسواري.
 
وتابع: "بالعكس، نحن ندعو إلى التعايش السلمي مع بقية الديانات".
 
ومؤخرا، دخل مسلمو مدغشقر دائرة الإهتمام المحلي بشكل واسع، وذلك عقب إعلان وزير التربية الملغاشية، بول راباري، خلال زيارة أجراها إلى منطقة " ماهاجانجا" (غرب)، إغلاق 16 مدرسة قرآنية، قريبا، في مختلف أرجاء الجزيرة الكبيرة.
 
غير أن أبوسواري قال إن اتفاقا تم التوصّل إليه بهذا الخصوص، حيث "وعدت الوزارة بمراجعة موقفها، من خلال إصدار تعليمات إلى تلك المدارس بضرورة أن تكون مطابقة للقانون تجنّبا لإغلاقها".
 
وطلبت الوزارة من القائمين على تلك المدارس إلغاء 5 ساعات من تدريس القرآن الكريم، واستحداث إدارة وطنية للمدارس الإسلامية، من المنتظر أن ترى النور خلال العام الجاري.
 

أخبالا المحلي

برامج الجوال

iPhone iPad Android Windows Phone
Milli Gazete ©  لا يمكن النقل أو النسخ من دون ذكر المصدرو جميع الحقوق محفوظة +90 212 697 1000 :رقم و فاكس