فيما كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلقي خطابا في بروكسل، يطالب أوروبا بالاعتراف بالقدس عاصمة لفلسطين، كان نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، يُلقي خطابا أمام الكنيست الإسرائيلي، يعيد فيه التأكيد على أن القدس عاصمة لإسرائيل، دون أن يتطرق مطلقا لمشكلة "الاستيطان"، أو يشير لـ"عباس" كـ"شريك في عملية السلام".
وعقب اختتام كلا الرجلين لجولتهما، يقول مسؤولون وخبراء فلسطينيون إن عباس حقق نجاحا في سعيه بالحصول على دعم أوربي لتوفير رعاية دولية لعملية السلام، بدلا عن الرعاية الأمريكية، أما بنس ففشل في الحصول على غطاء عربي للخطة الأمريكية الخاصة بعملية السلام، رغم تعزيزه لموقف اليمين الإسرائيلي.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في تصريح للإذاعة الفلسطينية الرسمية أمس الثلاثاء، إن وزراء الخارجية في المفوضية الاوروبية "لم يعترضوا على طرحنا بأن الرعاية الامريكية لعملية السلام انتهت".
وأضاف المالكي:" أبدى الوزراء الأوربيون استعدادهم للعمل مع القيادة الفلسطينية في مساعيها".
وقال إن ما طرحه الرئيس عباس خلال اجتماعاته مع الأوروبيين، لاقى ترحيبا في قضية البحث عن بدائل أخرى عن احتكار واشنطن رعاية العملية السياسية.
وأوضح أن من هذه البدائل "إضافة أعضاء جدد للرباعية الدولية، أو متابعة العمل على مخرجات مؤتمر باريس العام الماضي، أو تشكيل مؤتمر خاص لاستئناف العملية السياسية وفقا لقرارات الشرعية الدولية، أو العودة الى مجلس الامن والجمعية العامة لإطلاق عملية سياسية للوصول إلى اتفاق حسب المرجعيات الدولية والقرارات الأممية ضمن سقف زمني محدد".
وأكد الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين، للرئيس عباس أنه يدعم تطلعه لأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية.
وخلال اجتماع في بروكسل مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، حثّ عباس حكومات الاتحاد على الاعتراف بالقدس الشرقية، على الفور، عاصمة لفلسطين.
وأعلن مسؤولون أوروبيون في بروكسل معارضتهم للقرار الذي اتخذه ترامب في السادس من ديسمبر/ كانون الأول بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وقالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي:" أود أن أطمئن الرئيس عباس إلى الالتزام القوي من جانب الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين الذي يشمل القدس عاصمة مشتركة للدولتين".
وقللت موجيريني من شأن توقيت زيارة بنس لإسرائيل، عندما كان عباس في بروكسل قائلة إنها مصادفة.
بدوره، يؤكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صالح رأفت، أن من بين الانجازات التي حققتها القيادة الفلسطينية، خلال زيارة الرئيس عباس لأوروبا، هو "الحصول على وعود من دول اوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين".
وقال رأفت لوكالة الأناضول:" هناك نوايا لدى عدد من الدول الجديدة بالاعتراف بدولة فلسطين، مثل سلوفينيا وستاسبورغ، فيما الاتحاد (الأوربي) ما زال يبلور موقفا من الاعتراف".
وأضاف:" الدول الكبرى في أوروبا تقول إنها بحاجة لمزيد من الوقت".
ونفى رأفت الأنباء التي تحدثت عن "إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات برعاية أمريكية".
وقال:" احتكار الولايات المتحدة لرعاية عملية السلام انتهى، ولا يمكن العودة لطاولة المفاوضات برعاية الولايات المتحدة إلا اذا تراجعت عن اعلانها الأخير بخصوص مدينة القدس".
**جولة بنس
على الجانب الآخر، ورغم الاحتفاء الإسرائيلي، بخطاب بنس في الكنيست، والذي وصف بأنه "غير مسبوق"، ويدشن عهد جديد في التعامل الأمريكي مع إسرائيل، إلا أن الكاتب الفلسطيني، خليل شاهين، يرى أن جولة بنس، التي تمت في ذات التوقيت مع جولة عباس في أوربا، فشلت في تحقيق أهدافها.
وأنهى بنس أمس جولة للمنطقة بدأها السبت، شملت مصر والأردن وإسرائيل، فيما قاطعتها السلطة الفلسطينية احتجاجا على قرار ترامب الاعتراف بالقدس، عاصمة لإسرائيل، بداية الشهر الماضي.
ويقول شاهين:" جاء بنس لحسم أبرز قضايا الحل النهائي، كالقدس واللاجئين والمستوطنات، والتي كانت على الدوام العقدة أمام تقدم المفاوضات، عن طريق إزاحتها عن طاولة المفاوضات تمهيدا للانتقال من التسوية التفاوضية إلى التسوية المفروضة".
وأضاف:" الأمر انتهى في جولته إلى التفاوض مع نفسه عمليا بسبب تعبيره عمليا عن المقاربة التي تفضلها إسرائيل".
وأكمل:" لم ينجح بنس في إقناع الأردن ومصر، بخطة ترامب، صحيح أنه لا يوجد توجه عربي للمواجهة مع ترامب، ولكن لا يوجد غطاء من مصر والأردن لخطوات ادارته".
وأشار شاهين إلى أن الرئيس عباس، يفعل العكس، فهو "يتحرك لتثبيت مرجعيات التسوية التفاوضية ولو بدون واشنطن، ومعه أوروبا وروسيا".
وأكمل:" أي أنه ينجح حاليا في نزع الغطاء الدولي عن مقاربة الحل أو التسوية المفروضة من الولايات المتحدة".
وقالت صحف وكتّاب إسرائيليون، إن الدعم الأمريكي لإسرائيل، الوارد في خطاب بنس، "غير مسبوق، حيث لم يتطرق إلى الاستيطان، على غرار الإدارة الامريكية السابقة، برئاسة باراك أوباما."
وقارنت صحيفة "الجروزاليم بوست" بين خطاب بنس، وبين خطابات المسؤولين في الإدارة الأمريكية السابقة، برئاسة باراك أوباما، وقالت إن "بنس" قدم خطابا بدون أن يستخدم ولو لمرة واحدة كلمة استيطان، ومقارنة مع سنوات (الرئيس الأمريكي السابق باراك) أوباما فإن هذا الأمر ليس اقل من ثوري".
وفي ذات السياق، أشارت الجروزاليم بوست، إلى أن وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، خصص الجزء الأكبر من خطاب استمر نحو الساعة في ديسمبر/كانون اول 2016 حول الشرق الأوسط لانتقاد إسرائيل بسبب الاستيطان.
وأضافت الصحيفة:" لم يتحدث بنس أبدا عن عزلة إسرائيل كما فعل أوباما و(نائب الرئيس الأمريكي السابق جو) بايدن، وكيري، للضغط على إسرائيل من أجل تقديم تنازلات" .
وتابعت "الجروزاليم بوست" إن "بنس أيضا لم يقل أبدا أن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس هم شركاء (في عملية السلام)".
من جانبه، وصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات خطاب بنس بـ"الصليبي"، ويدعم فكرة "عدم تطبيق الدول للقانون الدولي".
وقال في تصريحات صحفية إن الخطاب بمثابة "هدية للمتطرفين".