أعاد نشر ما كان يفترض به أن يكون الوجبة الأخيرة من الوثائق المتعلقة بالتحقيق في اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي، نظريات المؤامرة إلى الساحة، خاصة بعد أن قام الرئيس دونالد ترامب بحجب عدد من الوثائق ذات الصلة بها.
الوثائق التي تم الكشف عنها بلغت 2800 من اصل 3150 وثيقة تقريبا، كان يفترض بها أن ترى النور قريبا لولا التماسات قدمتها بعض الأجهزة الأمنية الأمريكية بينها وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه، ومكتب المباحث الفيدرالية "إف بي آي"، ما أعاد المشككين ونظريات المؤامرة إلى الصدارة من جديد.
وفي مذكرة وزعها البيت الأبيض ليلة الخميس / الجمعة، كتب الرئيس الأمريكي يقول عن حجب الوثائق "الشعب الأمريكي يتوقع ويستحق أن تقدم له حكومته أكبر قدر ممكن من الحرية للوصول إلى ملفات اغتيال كينيدي، ليستطيع الناس، أخيرا، أن يطلعوا على جميع تفاصيل هذا الحدث المهم".
واستطرد "لذا أمرت اليوم بأن يتم رفع الحجب (عن هذه الملفات) بشكل نهائي".
الرئيس الأمريكي أشار أن بعض "الدوائر والوكالات التنفيذية طلبوا مني أن يتم الاستمرار في تظليل بعض المعلومات لضرورات تتعلق بالأمن الوطني وفرض القانون والشؤون الخارجية".
إلا أنه حذر من أنه على "كل رئيس وكالة أن يكون حذرا للغاية من التوصية بأي تأجيل آخر للكشف الكامل عن الملفات".
وشدد على أنه بعد مراجعة للوثائق المتبقية خلال فترة لا تزيد على 180 يوما، سيأمر بعدها "بنشر أي معلومة، على العامة، لا تستطيع الوكالات إثبات أنها خاضعة لمعايير تأخير الكشف عنها"، بحسب قانون "تجميع ملفات اغتيال كينيدي" الذي أصدره الكونغرس 1992، ونص على حجب المعلومات المتعلقة بالاغتيال 25 سنة إضافية انتهت 26 الجاري.
وسيتم نشر تلك الوثائق المتبقية بحلول 26 أبريل / نيسان 2018، مع إجراء تعديلات جزئية عليها.
السجلات والوثائق يمكن الوصول إليها من خلال الموقع الإلكتروني للأرشيف الوطني الأمريكي (archives.gov).
وبحسب شبكة سي بي إس الأمريكية، وأثناء وضع الكونغرس لقانون "تجميع ملفات اغتيال كينيدي" عام 1992، فقد تم إيراد بعض المعلومات عن عمليات حديثة للأجهزة الأمنية الأمريكية، يمكن بكشف كافة الوثائق أن يتم تعريض الأمن الوطني والعمليات الاستخبارية للخطر.
اغتيال كينيدي وبرغم أنه الأكثر جذبا لاهتمام وسائل الإعلام العالمية، إلا أنه واغتيال الرئيس إبراهام لينكولن يحتلان الصدارة في إلهاب مخيلة الفنانين والكتاب.
الفارق الوحيد في طريقة تناول كل منهما، هو أن سر اغتيال لينكولن بات معروفا ولا يلقى كثيرا من الجدل، وهناك مئات الكتب والأفلام قد كتبت حوله، فيما ظلت قصة كينيدي شاخصة، يرفض معتنقو نظرية المؤامرة التخلي عنها أو التسليم بالرواية الرسمية.
وبرغم تأريخها القصير نسبيا، إلا أن الولايات المتحدة فجعت باغتيال 4 من رؤسائها منذ تأسيسها وحتى اليوم، هذا خلافا للمحاولات الفاشلة التي تعرض لها رؤساء آخرون.
ومع أن القاسم المشترك بين العمليات الأربع هو اغتيال الرئيس، ومقتل المنفذين واستخدام الأسلحة النارية، وعدم ذكر الدوافع السياسية التي اختبأت وراءها، إلا أن هنالك فروقا في الدوافع والفترة الزمنية، والجهة المتسببة في مقتل الجناة، بالإضافة إلى تعقيدات أخرى.
الفارق الزمني بين أول ثلاثة اغتيالات كان لا يتعدى 36 عاما، فقد قتل الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة إبراهام لينكولن على يد الممثل جون ويليكس بوث عام 1865 لأسباب سياسية.
وقتل الرئيس العشرون جيمس غارفيلد على يد المحامي تشارلس غيتو عام 1881 لأسباب شخصية، فيما فارق الرئيس ويليام مكنلي الحياة عام 1901 على يد "الفوضوي" ليون تشلغوش لأسباب سياسية.
وبعد الاغتيال الثالث بـ 62 عاما، قتل الرئيس الخامس والثلاثون جون كينيدي، والذي تم على يد "لي هارفي أوزوالد" كما دلت التحقيقات الرسمية، لأسباب أرجعتها لجنة التحقيق "وارين"، إلى مشاكل نفسية تتعلق بنشأة أوزوالد وأخرى عقائدية مرتبطة باعتناقه الماركسية.
وفي الوقت الذي قضى فيه قاتل لينكولن بإطلاق رصاصة من أحد جنود الاتحاد (الجيش الذي قاده الرئيس الأمريكي في الحرب الأهلية)، مخالفا بذلك التعليمات الصادرة إليه بالقبض عليه حيا، فقد تم إعدام منفذ عملية اغتيال الرئيس غارفيلد تشارلس غيتو شنقا.
وانتهى المطاف بقاتل الرئيس مكنلي، ليون تشلغوش بالإعدام بواسطة الكرسي الكهربائي، فيما قام جيكوب ليون روبنشتاين والمعروف إعلاميا باسم "جاك روبي" (مالك ملهى ليلي في دالاس بولاية تكساس)، بإطلاق النار على قاتل الرئيس كينيدي، لي هارفي أوزوالد، ليرديه قتيلا.
وتختلف مسارح الجريمة التي وقعت فيها عمليات القتل الأربع، فقد وافت الرئيس إبراهام لنكولن المنية بعد تعرض لإطلاق نار أثناء مشاهدته لمسرحية في مسرح فورد بالعاصمة واشنطن، فيما قتل الرئيس غارفيلد أثناء انتظاره في محطة للقطار في العاصمة الأمريكية كذلك، في حين فقد ويليام مكنلي حياته أثناء تحيته للجماهير في مدينة بافالو بولاية نيويورك، بعد تلقيه عيارين ناريين في معدته.
وتم اغتيال كينيدي في 22 نوفمبر / تشرين الثاني 1963، ونُسجت كثير من النظريات حول عملية اغتياله، أبرزها الرواية الرسمية التي تقول إنه قتل برصاصة من مسدس أوزوالد.
واعتقل المشتبه فيه يوم الحادث، واتهم باغتيال الرئيس، لكنه نفى التهم الموجهة إليه، ليقتل بعد ذلك بيومين خلال احتجازه لدى الشرطة على يد "جاك روبي"، صاحب الملهى الليلي بدالاس.
وبحسب صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، هنالك 16 رئيسا أمريكيا تعرضوا لمحاولة اغتيال، لم ينجح منها سوى 4 من بين 45 رئيسا توالوا على سدة حكم البلاد منذ استقلالها عام 1776.