- تفشي الوباء يأتي بعد أيام من وفاة 160 يمنيا بالدفتيريا، وفي ظل تمدد الكوليرا بين اليمنيين
- طبيب في مستشفى "الثورة العام" بصنعاء: سبب انتشار الوباء هو ضعف التجهيزات الطبية وشح اللقاحات
- الحوثيون يحذرون من كارثة في حال ارتفع عدد المصابين البالغ حاليا 385، توفي منهم 79
- عشرات المصابين بالفيروس يتوفون في منازلهم لعجز أهاليهم الفقراء عن نقلهم إلى مستشفيات
- طبيب أطفال: 35 بالمائة من المصابين أطفال، ومعظمهم يتوفون قبل نقلهم إلى مستشفى
نالت الأوضاع الصحية المنهارة من اليمنيين كثيرا، فالبلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية تحول إلى مستنقع للأوبئة والأمراض، وأحدثها وباء "إنفلونزا الخنازير" (A/H1N1)، الذي تفشى في محافظات الشمال خلال الأيام الماضية.
تنقّل أكرم بشقيقه عبد الله في عدد من مستشفيات العاصمة صنعاء (شمال)، بعد أن اعترته أعراض السعال والحمى.
ولضعف التشخيص الطبي كان الأطباء يتحدثون عن إصابته بنزلة برد، إذ أن درجة حرارة الأجواء تصل إلى قرابة الصفر.
لكن الأعراض تضاعفت، وأصبح عبد الله عاجزا عن الحركة، ما دفع الشقيقين للتوجه إلى مستشفى "الثورة العام"، بعد أن قال لهم طبيب إن تلك الأعراض ربما تكون لـ "إنفلونزا الخنازير".
في المستشفى الأكبر بصنعاء يرقد عشرات المرضى في قسم "إنفلونزا الخنازير" الذي استحدثته وزارة الصحة في إدارة جماعة "الحوثي" غير المعترف بها.
وتسيطر الجماعة على محافظات بينها صنعاء منذ سبتمبر / أيلول 2014، في ظل حرب أهلية مستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، تسببت في انهيار الأوضاع المعيشية والصحية.
بعد إجراء التحاليل الطبية لعبد الله، نقله الممرضون إلى قسم الوباء المتفشي.
وأثناء وقوفه في باحة المستشفى قال أكرم للأناضول، إن الوضع الصحي لشقيقه حرج للغاية، وإنه أجرى فحوصات لمعرفة إن كانت العدوى انتقلت إليه أم لا، لأنه تعامل مع شقيقه دون وقاية.
شهد اليمن انتشارا مماثلا لوباء "إنفلونزا الخنازير" عامي 2009 و2010، وآنذاك سجلت وزارة الصحة 643 إصابة، وبلغت الوفيات 33 حالة، لكن يبدو أن عودته هذه المرة تنذر بكارثة.
** شح اللقاحات
"يعود تمدد الوباء في الآونة الأخيرة إلى ضعف كبير في التجهيزات الطبية وشح شديد في اللقاحات"، بحسب ما يقول للأناضول أحد أطباء مستشفى "الثورة العام"، المدعوم من منظمات صحية دولية.
ويحذر الطبيب الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه إذا تفشى الوباء المميت فلن يكون المستشفى قادرا على استيعاب عدد أكبر من المرضى، وقد يعيد كارثة وباء الكوليرا الذي عصف باليمن عام 2017.
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن فيروس "A/H1N1" ينتشر بين البشر بسهولة على غرار فيروس "الإنفلونزا الموسمية"، ويمكنه الانتقال من شخص إلى آخر جراء التعرض للرذاذ المتطاير من المصاب عن طريق السعال أو العطاس أو التلامس بالأيدي أو المسطحات الملوثة به.
وللوقاية من انتشار العدوى، تنصح المنظمة المرضى بتغطية أفواههم وأنوفهم عند السعال أو العطاس، والبقاء في بيوتهم عندما يشعرون بالتوعّك، وغسل أيديهم بانتظام، والحفاظ على مسافة بينهم وبين الأصحاء.
** كارثة صحية
علامات الإنفلونزا من النمط "A/H1N1" شبيهة بعلامات "الإنفلونزا الموسمية"، ومنها الحمى والسعال والصداع وآلام في العضلات والمفاصل والتهاب الحلق وسيلان الأنف، فضلا عن التقيؤ والإسهال أحيانا.
ذلك التشابه جعل مئات المصابين يهملون مراجعة الطبيب إلا عندما انهاروا تماما، بعد أن تمكن منهم الفيروس.
ويحذر المتحدث باسم وزارة الصحة في إدارة الحوثيين يوسف الحاضري، من "كارثة صحية في حال تعاظم عدد المصابين البالغ عددهم حاليا 385، توفي منهم 79 حتى اليوم".
ويضيف الحاضري للأناضول أن "العشرات من المصابين بالفيروس يتوفون في منازلهم بصمت، لعجز أهاليهم عن إسعافهم إلى المستشفيات، فنحو 22 مليون يمني (من أصل أكثر من 29 مليون نسمة) يصنفون ضمن الفقراء".
ويشدد على أن "الوزارة لا تملك أي وسائل مساعدة للمرضى، لا سيما في ظل الشح الكبير للأدوية وضعف الإمكانيات، وعدم استجابة المنظمات الدولية لمناشدات متكررة أطلقتها الوزارة".
ويردف أن "المنظمات العالمية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، لم تقدم شيئا حيال انتشار إنفلونزا الخنازير، ولا تزال تكتفي بدور المتفرج".
ويحمّل الحاضري التحالف العربي بقيادة الجارة السعودية المسؤولية عن تفشي الوباء.
ويدعم التحالف منذ مارس / آذار 2015 القوات الحكومية اليمنية، في مواجهة المسلحين الحوثيين المتهمين بتلقي دعم من إيران.
ويقول الحاضري إن "الحصار الغاشم المصاحب للعدوان تسبب في منع وصول الأدوية واللقاحات الطبية".
** 35 % أطفال
"الوباء تفشى بالتزامن مع أمراض الشتاء الموسمية، والأهالي أهملوا الوقاية منه، ما جعل قرابة 35 بالمائة من المصابين من الأطفال"، بحسب فؤاد عبد المجيد، وهو طبيب أطفال.
ويتابع عبد المجيد متحدثا إلى الأناضول: "معظم الأطفال يتوفون في منازلهم قبل إسعافهم إلى المستشفيات".
ويأتي تفشي "إنفلونزا الخنايز" بعد أيام من تفشي وباء الدفتيريا، الذي فتك بنحو 160 يمنيا بينهم 55 طفلا.
كما يتمدد وباء الكوليرا، حيث يتم تسجيل نحو عشرة آلاف حالة اشتباه بالإصابة أسبوعيا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وتسببت الكوليرا في وفاة نحو 2700 يمني، ثلثهم أطفال، فيما أصيب حوالي مليون وأربعمائة ألف شخص، بينهم 657 ألف طفل، بحسب أحدث تقرير للأمم المتحدة أواخر ديسمبر / كانون الأول الماضي.
وقالت وزارة الصحة في إدارة الحوثيين، إن الأطفال هم أكثر الفئات المتضررة من انتشار الأوبئة وضعف مستوى الخدمات الطبية.
وأوضحت في تقرير صدر مطلع الأسبوع الجاري، أن 200 ألف طفل أصيبوا بالملاريا، و2173 بالبلهارسيا، و12 ألفا بالجدري، فيما أصيب 13 ألف طفل بمرض النكاف (التهاب الغدة النكفية).
وتم تسجيل إصابة 3813 طفلا بحمى الضنك، و1847 بالتهابات السحايا، إضافة إلى إصابة 2147 طفلا بالسعال الديكي، و15 ألفا و911 إصابة بالحصبة.
التقرير أفاد أيضا بأن 14 ألف طفل أصيبوا بالتيفوئيد، و45 ألفا بالإنفلونزا، ومليونا و300 ألف طفل بأمراض متعلقة بالجهاز التنفسي العلوي، فيما أصيب مليونان و400 ألف طفل دون الخامسة بأمراض معدية خلال عام 2018.